المذاهب والفرق المعاصرة: الديمقراطية ج3

المذاهب والفرق المعاصرة: الديمقراطية ج3 | مرابط

الكاتب: عبد الرحيم السلمي

691 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

من عيوب الديمقراطية: السيطرة الرأسمالية

العيب الثالث: أن الديمقراطية هي عبارة عن سيطرة الطبقة الغنية التي تسمى الرأسمالية، وتحكمها في صنع القرار، فإن أفكار الناس تتكون من خلال الإعلام الذي يصنع الرأي العام ويؤثر فيه. وهو الذي يجعل الناس يميلون إلى هذا الحزب أو يتركونه إلى آخر أو يميلون إلى هذا الطرح أو يكرهونه، ونحو ذلك. والإعلام المشهود -الذي يرى بالعين- والمقروء -مثل الصحافة وغير ذلك- له تأثير كبير جدًا في صنع الرأي العام والفكرة العامة. وصنع الرأي العام والفكر العام بالنسبة للإعلام أمر معروف ويدرسه الإعلاميون ويصرحون به وهو واضح.
والذي يمتلك الإعلام في النظام الديمقراطي هو الذي يملك المال، فهو يستطيع أن يطبع آلاف وملايين الصحف والمجلات، ويمتلك عشرات القنوات التلفازية، ويمتلك كثيرًا من أدوات الاتصال.

إذًا: في الحقيقة الرأي العام يتكون من خلال الإعلام، والإعلام يمتلكه الرأسماليون. فالديمقراطية هي حكم الرأسماليين.

فليست الديمقراطية في الحقيقة حكم الشعب، وإن كان في الظاهر أن الإنسان ينتخب من يشاء، ولكنهم يتصرفون في عقله، والناس ليسوا على درجة واحدة من الذكاء، والنخبة من الأذكياء والعقلاء قلة في أي مجتمع من المجتمعات، وأكثر الناس غوغاء، ويؤثر فيهم من تكلم، ويندر من الناس الذي يحقق ويدقق ويمحص.

والديمقراطية تعتمد على الأكثرية، ولا تعتمد على النخبة. فمثلًا: لو أن النخبة كونوا حزبًا والغوغاء كونوا حزبًا آخر لصار الحكم للغوغاء؛ لأن الغوغاء هم الأكثرية.

وأكثر البشر في أي مجتمع من المجتمعات هم العوام الذين ينشغلون بمصالحهم الدنيوية، والذين يؤثر فيهم الكلام الخطابي والحماس. ولهذا نلاحظ أن النواب الذين يحاولون الفوز في الانتخابات يقومون بعمل جولات انتخابية، وينتقلون بين المناطق، ويخطبون في الناس، ويعدونهم بأن يفعلوا لهم كذا وكذا، فإذا فرحوا به رشحوه، ثم يجربونه في فترته الانتخابية فإن فشل في تحقيق وعوده مثلًا انتخبوا شخصًا آخر غيره جاء بوعود أخرى.

فالحكم في الديمقراطية للغوغاء وليس للنخبة. والنخبة من العقلاء في الأمة إذا لم تكن لديهم أموال ولا قنوات يؤثرون بها على الجمهور فلن يكون لهم حكم لا من قريب ولا من بعيد في النظام الديمقراطي.

فالديمقراطية في حقيقتها ديكتاتورية من وجه آخر، حيث يمتلك الرأسماليون الأموال التي يمتلكون بها الإعلام ويؤثرون بها في الناس.

والإعلام العالمي اليوم يمتلكه اليهود، وهذا أمر واضح، ويمكن مراجعة كتاب: السيطرة اليهودية على الإعلام العالمي للأستاذ أحمد الرفاعي، فإنه تتبع الصحف الغربية المشهورة، وتتبع القنوات الغربية المشهورة، فذكر عن كل صحيفة من الصحف المسئول عنها ومن الذي يدعمها، وبين عقيدته التي يدين بها وهو كتاب دقيق ومؤثر ويعتمد على الحقائق العلمية.

فالذين يؤثرون إذًا في عقليات الناس هم اليهود. وانظروا على سبيل المثال عندما توفيت ديانا، فقد تغير العالم بأكمله على وفاة امرأة، وكأنه لم يمت إلا امرأة واحدة، وكأن هذه المرأة هي التي تمتلك الجنة، أو أنها هي التي تمتلك الخير للناس، حتى إن الإعلام في بلدان المسلمين تأثر بهم، فتأثرت الصحف والقنوات المتلفزة في أكثر العالم الإسلامي بها، بل وجد في مجتمعنا من تكلم عن هذه المرأة، وأصبحت تغطي أخبارها في أكثر من صفحة بشكل دائم. وقبل وفاتها كانوا يتابعونها متابعة دقيقة مع عشيقها، وأنها انتقلت من هذا المكان إلى المكان الآخر إلى المكان الثالث، إلى المكان الذي يليه.

وتفسير هذا الوضع هو أن الإعلام في بلدان المسلمين يقلد الإعلام العالمي. والإعلام العالمي يمتلكه اليهود. واليهود لهم مصالح كبيرة جدًا في إبراز هذه المرأة. وهذه المصالح هي:

المصلحة الأولى: نشر الفساد بين بنات المسلمين وبين عموم النساء بهذا الطريق.

واليهود لهم طرق متعددة في نشر هذا الأمر. وهذا وسيلة من الوسائل. وإلا فما الفائدة من متابعة هذه المرأة مع عشيقها هنا وهناك بهذه الطريقة، فقلدهم العالم الإسلامي، حتى إن بعض الكتاب كتب مقالًا يقول: إلى جنة الخلد يا ديانا، وبعضهم حكم بأنها في الجنة! حتى أصبحت بنات المسلمين العاديات في مجتمعنا يقلن: وما يدريك أنها أسلمت؟! وتتعجب من حماس هؤلاء لهذه المرأة مع أن أي امرأة غربية أخرى تموت ما ندري لعلها أسلمت. فلماذا افتراض الإسلام في هذه المرأة أكثر من افتراض الإسلام في أي امرأة أخرى؟! لكن لوجود التأثر الكبير من الإعلام العالمي حصل هذا.

ومثال آخر: الفضائح الجنسية التي نشرت للرئيس الأمريكي كلينتون، ما الفائدة منها؟ حتى إن بعض الصحف مع الأسف التي تنتسب إلى بعض البلدان الإسلامية نقلت كلام المرأة مفصلًا، وأنها تعاملت معه بالطريقة الجنسية الفلانية. وهكذا بهذه الأساليب المقيتة الخبيثة التي لا تمت إلى القيم والآداب الإسلامية بوجه من الوجوه.

إذًا: الإعلام هو الذي يشكل الرأي العام في أي مجتمع من المجتمعات.

 

من عيوب الديمقراطية: المصالح الفردية

العيب الرابع من عيوب الديمقراطية -وعيوبها كثيرة-:
تعارض المصالح الفردية والمصالح الجماعية. فإن الديمقراطية من حيث هي منهج ونظرية تصور لكل إنسان أنه سيحقق رغبته كما يراها، بينما الواقع العملي لها هو أن الذي يحقق رغبته هم مجموعة محددة كما بينا.

أما الديمقراطية المستوردة التي استوردها كثير أو بعض بلدان المسلمين فقد أصبحت مطية وحذاء ونعالًا ينتعلها هؤلاء متى شاءوا ويتركونها متى شاءوا. فينتعلونها في مصالحهم ويقذفون بها في غير مصالحهم، وأصبحت لعبة يتلاعب بها كثير من الناس.

 


 

المصدر:

محاضرة الديمقراطية من سلسلة المذاهب والفرق المعاصرة للشيخ عبد الرحيم السلمي

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الديمقراطية
اقرأ أيضا
قضية اللغة العربية الجزء الثالث | مرابط
فكر مقالات لسانيات

قضية اللغة العربية الجزء الثالث


قبل كل شيء ينبغي أن نعلم أن حياة هذا العالم العربي الإسلامي كانت تسير على نمط مألوف معروف لا يكاد يستنكره أحد: في العقيدة العامة التي تسود الناس وفي الدراسة في جميع معاهد العلم العريقة وفي التأليف والكتابة وفي حياة الناس التي تعيش بها عامتهم وخاصتهم من تجارة وصناعة كل ذلك كان نمطا مألوفا متوارثا فجاء هؤلاء الخمسة ليحدثوا يومئذ ما لم يكن مألوفا وشقوا طريقا غير طريق الإلف وبيان ذلك يحتاج إلى تفصيل ولكني سأشير إليه في خلال ذكرهم إشارة تعين على تصور موضع الخلاف

بقلم: محمود شاكر
2203
أصل ضلال البشرية | مرابط
تفريغات

أصل ضلال البشرية


أضعف الناس عقلا وأقلهم إدراكا واستعمالا للعقل أولئك الذين يجحدون وجود الخالق سبحانه وتعالى الإنسان خلق بإحكام وخلقه الله عز وجل في أحسن تقويم لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم التين:4 أحسن تقويم من جهة نظامه وقوامه وكذلك أيضا دب الحياة فيه واتساقها وانتظامها وما جعل الله سبحانه وتعالى له من قدرة يؤتيها الله عز وجل إياه للاكتساب وجلب الخير ودفع الضر الذي يلحق به هذا من حسن خلق الله عز وجل وصنعه في الإنسان.

بقلم: عبد العزيز الطريفي
471
معرفة مذهب السلف | مرابط
اقتباسات وقطوف

معرفة مذهب السلف


فإنا لما أردنا أن نبين مذهب السلف ذكرنا طريقين: أحدهما: أنا ذكرنا ما تيسر من ذكر ألفاظهم ومن روى ذلك من أهل العلم بالأسانيد المعتبرة والثاني: أنا ذكرنا من نقل مذهب السلف من جميع طوائف المسلمين من طوائف الفقهاء الأربعة ومن أهل الحديث والتصوف وأهل الكلام كالأشعري وغيره فصار مذهب السلف منقولا بإجماع الطوائف وبالتواتر لم نثبته بمجرد دعوى الإصابة لنا والخطأ لمخالفنا كما يفعل أهل البدع

بقلم: شيخ الإسلام ابن تيمية
554
النهي أشد من الأمر | مرابط
اقتباسات وقطوف

النهي أشد من الأمر


اختلف أهل العلم في مسألة الأمر والنهي أيهما أشد وأعسر على المسلم هل هو فعل الطاعات أم اجتناب النواهي يميل الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله إلى القول بأن النهي أشد من الأمر وهذا مقتطف يؤيد هذا الرأي من كتاب جامع العلوم والحكم لابن رجب الحنبلي رحمه الله

بقلم: ابن رجب الحنبلي
2078
نهي كراهة أم تحريم؟ | مرابط
تفريغات مقالات

نهي كراهة أم تحريم؟


لا ينبغي لك أبدا إذا سمعت النهي في كتاب الله أو في سنة الرسول.. لا ينبغي أبدا أن تقول النهي للكراهة أو للتحريم؟ بل تقول سمعنا وأطعنا.. هل الصحابة رضي الله عنهم إذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء قالوا يا رسول الله النهي للتحريم أو للكراهة؟أبدا لا يقولون هذا.

بقلم: ابن عثيمين
294
دلالة القرآن على أن السنة وحي الجزء الثاني | مرابط
تعزيز اليقين مقالات

دلالة القرآن على أن السنة وحي الجزء الثاني


نعلم أن سهام منكري السنة تتوجه في الغالب إلى السنة النبوية ذاتها سواء في متنها أو سندها أو حتى حجيتها من الأساس فهم لا يؤمنون بأنها وحي من عند الله وفي المقابل يدعون الإيمان بالقرآن وما جاء فيه ومن هنا ندرك أهمية الوقوف على حجية السنة النبوية من نصوص القرآن الكريم وفي هذا المقال يقدم لنا الكاتب أحمد يوسف السيد أدلة قرآنية تثبت أن السنة النبوية هي وحي من عند الله

بقلم: أحمد يوسف السيد
2566