الذكاء الاصطناعي وموجة إنكار الإله

الذكاء الاصطناعي وموجة إنكار الإله | مرابط

الكاتب: عمرو عبد العزيز

508 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

قبل عشرة أعوام بالتمام، صدر فيلم أمريكي حقق نجاحا كبيرا، برغم أنه من الأفلام التي تناقش فلسفات خطيرة جدا.

كان من أهم الفلسفات التي ناقشها مسألة (الوعي الذاتي)، وهل إذا طورت آلة وعيا خاصا بها، تصنع به ديناميكيات واستراتيجيات لإدارة حياتها لا بمعزل عن الإنسان، بل لتدمير الإنسان نفسه إن اصطدم بطموحاتها = تصبح تلك الآلة (مخلوقا)؟ وحينها يصبح الإنسان (خالقا)؟

 

ثم الإنسان (الخالق) هذا، إن بحث عن أصوله فوجد أنه مجرد (صورة) خلقها كائن فضائي على شكله، ألا يكون هذا الكائن الفضائي حينئذٍ هو (الخالق) وبالتالي تُكذَّب النبوَّات والأديان عن الخالق الغيبي؟ = لكن من خلق هذا الكائن الفضائي؟ معضلة التسلسل الشهيرة تظهر هنا = خلقه كائن آخر؟ فمن خلق الكائن الآخر؟

 

بعض تلك الأسئلة عُرِضَت صراحة في الفيلم. وجوهر الفلسفة المُناقشة كلها هي قضية الخلق، وحجم المعضلات التي يواجهها عقل غربي يرفض الدين فلا يجد في عدم الإيمان سوى إيمان بديل بسرديات غيبية هي الأخرى!

 

تركزت الفلسفة كلها في حبكة تدور حول قضية (الروبوت ذي الوعي الذاتي)، الذي صار يتمتع بعقل خاص مستقل، لكن أزمته كانت في العاطفة = هو لا يُحب ولا يستطيع أن يطور مشاعر خاصة! ربما أراد صناع الفيلم أن يطعنوا الفلسفة المادية والعقلانية: ما يُميِّز الإنسان ليس العقل وحده، إنما العاطفة التي توجه هذا العقل. الروبوتات لن تتمكن من تطوير تلك العواطف الإنسانية المعقدة. المؤذي عندها تقتله ببرود، والذي يخدمها تستعمله.

 

الأنباء الواردة حاليا عن قلق في الغرب عامة من ظاهرة خروج بعض أنماط الذكاء الصناعي عن الإجابات (المرغوبة) و(المألوفة) سيستدعي ذلك الفيلم دوما، وهو ليس أشهر ما ناقش ظاهرة الذكاء الصناعي والروبوتات، لكنه بالتأكيد واحد من أعمق ما ناقشها، بما ستفتحه من جدالات كبرى حول قضية أصل الوجود والخلق.

 

وفي رأيي أن صناع هذا الفيلم أصابوا في توقع أن (قصة الذكاء الصناعي) هذه ستتجه بلا شك لتصعيد كبير في نقاشات الإيمان والكفر والإلحاد، والعقل والعاطفة، وأصل الوجود وصفات الخالق والمخلوق!

 

أنا مؤمن بأن هذا المآل قادم لا محالة، وأن القضية التي سترافق صعود الذكاء الصناعي في العقود القادمة ستكون ارتفاع مد إلحادي كبير وغير مألوف لا يشبه ما كان في ماضي البشرية كلها!

 

وعليه يجب على المتخصصين في قضايا (فلسفة الإلحـ. ـاد) أن يُجهِّزوا أنفسهم للمعمعة القادمة، التي أرى أنها ستفوق في فتنتها نظرية داروين، إذ ستكون نتائجها وأعمالها ملموسة مباشرة في حياتنا: فيلزم أن ينهلوا من نقاشات فلسفات ما بعد الإنسان post-humanism وأن يتسلحوا قبل الدخول فيها بأساس شرعي متين، وأن يتعرفوا بصورة علمية - لا دينية فقط - على فلسفات فهم العقل والوعي والعاطفة.

 

الموجة القادمة بوادرها مخيفة.. حينما أقول لكم إن نظرية داروين ستبدو حينئذٍ كعبث أطفال أمام مد فلسفات إنكار الإله الخالق فأرجو أن تصدقوني، وأرجو أن أكون مخطئا!

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الذكاء-الاصطناعي
اقرأ أيضا
هل يحق للنسويات انتقاد وضع المرأة في الإسلام؟ | مرابط
النسوية

هل يحق للنسويات انتقاد وضع المرأة في الإسلام؟


وأما النسوية الليبرالية فليس لها أيضا انتقاد مكانة المرأة ولا أحكامها في الإسلام لأن الليبرالية تقرر نسبية الحقيقة أي الحق عندي ليس بالضرورة هو كذلك عندك وهذه سفسطة يقررها عامة الليبراليين يقول راسل: إن الفيلسوف الليبرالي لا يقول: هذا حق بل يقول في مثل هذه الظروف: يبدو لي أن هذا الرأي أصح من غيره

بقلم: حمود بن ثامر
366
الطفل الإسلامي والطفل الغربي الجزء الرابع | مرابط
تفريغات

الطفل الإسلامي والطفل الغربي الجزء الرابع


فتى بريطاني يرفع دعوة على أمه ليتلقى منها وقتا كافيا توجه إلى المحكمة يرفع قضية على أمه لأنها لا تجلس معه وقتا كافيا تذهب خارج البيت وتتركه وأقر القاضي فعلا أن الحق معه وألزم الأم بالبقاء مع الطفل حتى الأساسيات غير موجودة عندهم فليس هناك حضانة ولا حق في الرضاعة يعطى للطفل ولا حنان يرتضعه يترك ويرمى ويهمل

بقلم: محمد المنجد
666
خطر البدعة الإضافية على الشرع | مرابط
تفريغات

خطر البدعة الإضافية على الشرع


لا فرق عند العلماء بين إخراج الحق من الدين وبين إدخال الباطل فيه لأن كلاهما بخلاف مراد الشارع فإخراج الحق من الدين يساوي إدخال الباطل فيه ونحن بمناسبة الكلام على البدعة وعن أثرها في تأسيس محنة المسلمين اليوم لابد أن نلقي ضوءا جليا واضحا على جيل الصحابة وكيف كانوا يواجهون البدع

بقلم: أبو إسحق الحويني
1255
مأساة أحد والعبقرية النبوية في التعامل معها | مرابط
اقتباسات وقطوف

مأساة أحد والعبقرية النبوية في التعامل معها


كان لمأساة أحد أثر سيء على سمعة المؤمنين فقد ذهبت ريحهم وزالت هيبتهم عن النفوس وزادت المتاعب الداخلية والخارجية على المؤمنين وأحاطت الأخطار بالمدينة من كل جانب وكاشف اليهود والمنافقون والأعراب بالعداء السافر وهمت كل طائفة منهم أن تنال من المؤمنين بل طمعت في أن تقضي عليهم وتستأصل شأفتهم

بقلم: صفي الرحمن المباركفوري
465
الإيمان بالملائكة | مرابط
تعزيز اليقين اقتباسات وقطوف

الإيمان بالملائكة


الإيمان بالملائكة الذين هم عباد الله المكرمون والسفرة بينه تعالى: وبين رسله عليهم الصلاة والسلام المرام خلقا وخلقا والكرام على الله تعالى: البررة الطاهرين ذاتا وصفة وأفعالا المطيعين لله عز وجل خلقهم الله تعالى: من النور لعبادته ليسوا بناتا لله عز وجل ولا أولادا ولا شركاء معه ولا أندادا تعالى الله عما يقول الظالمون والجاحدون والملحدون علوا كبيرا قال الله تعالى: وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارت...

بقلم: حافظ بن أحمد الحكمي
1294
الأعمال تشفع لصاحبها | مرابط
مقالات

الأعمال تشفع لصاحبها


الأعمال تشفع لصاحبها عند الله وتذكر به إذا وقع في الشدائد قال تعالى عن ذي النون فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون وفرعون لما لم تكن له سابقة خير تشفع له وقال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل قال له جبريل آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين.

بقلم: ابن القيم
423