هل يحق للنسويات انتقاد وضع المرأة في الإسلام؟

هل يحق للنسويات انتقاد وضع المرأة في الإسلام؟ | مرابط

الكاتب: حمود بن ثامر

364 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم يبعثون؛ أما بعد:

فبرزت في السنوات الأخيرة كتابات في وسائل التواصل الاجتماعي تحت شعار النسوية والانتصار للمرأة من المظلومية الأبدية (!) –بحسب زعمهن- وهي خضوعها لتسلط الرجل وعدم مساواتها به.

لن يكون المقال في بيان (حقوق المرأة ومكانتها في الإسلام) فتستطيع أن تنسخ الجملة السابقة التي بين قوسين وتضعها في محركات البحث فتقذف لك النتائج بكتابات رصينة تكفي طالب الحق.

ولن يكون المقال في بيان أن النسويات على اختلاف أنواعهن يعتبرن الرجل هو النموذج الأكمل الذي يجب تقليده وفعل كل ما يعد فعلًا خاصًا به، حتى تصل المرأة إلى الكمال!

إنما سيكون المقال إجابة على السؤال التالي:
هل يحق للنسويات على اختلاف مرجعياتهن الفكرية أو الفلسفية أن ينتقدن مكانة المرأة في الإسلام؟

والذي دفعني لطرح هذا السؤال أني أرى سجالات مختلفة بين النسويات والنسويين (1) من جهة وبين المدافعين عن الإسلام من جهة ... لكني لم أر بحسب اطلاعي من توقف لحظات وقال: هل يحق لكن ولأذنابكن من النسويين توجيه النقد أصلًا لمكانة المرأة في الإسلام أو على الأحكام التي اختصت بالمرأة في القرآن والسنة؟

النسويات لسن سواء في المشرب والمنزع ويمكن الكلام عن أقسامهن الرئيسية:
فمنهن الملحدة –وهن الأغلب- ومنهن الليبرالية (وهذا القسم فرع عن الملحدات) ومنهن النصرانية واليهودية...وهذا التقسيم لا يشمل المتأثرات بالطرح النسوي -التأثر اليسير- لأن وجود بعض التأثر عند بعض المنتسبات للإسلام لا يجعلهن قسمًا مستقلًا.

فهل يحق لأي واحدة من هذه الأقسام توجيه أصابع السب للإسلام وأحكامه؟ 
المشتغلون بهذه الفلسفات والأفكار والملل توصلوا للجواب مباشرة بحسب ما أظن.

فالملاحدة يقررون أن "الجنس البشري ليس إلا حثالة كيميائية على سطح متوسط الحجم"(2) وكذلك يقررون أنه لا وجود إلا للمادة فلا وجود لمعاني الظلم والعدل والأخلاق؛ قال ريتشارد داوكينز:" الكون في حقيقته بلا تصميم، بلا غاية، بلا شر ولا خير، لا شيء سوى قسوة عمياء لا مبالية(3) ... والداعي لمثل هذه الإشارات لهذه الاعتقادات الإيمانية للملاحدة أن النسوية ذات المرجعية الإلحادية ليس لها نقد مكانة المرأة في الإسلام أو الأحكام التي ميزتها كأنثى ووصفها بالظلم لأنه لا وجود لشيء مادي أصلًا اسمه ظلم يمكن قياسه وإثباته موضوعية في العلم التجريبي ومختبراته !

ناهيك عن نظرة أساطين الإلحاد وآلهة الملحدين للمرأة وجنسها؛ فهذا داروين طاغوت الملاحدة الأكبر يقول "المرأة أدنى في المرتبة من الرجل وسلالتها تأتي في درجة أدنى بكثير من الرجل"(4)

وأما النسوية الليبرالية، فليس لها أيضا انتقاد مكانة المرأة ولا أحكامها في الإسلام، لأن الليبرالية تقرر نسبية الحقيقة، أي الحق عندي ليس بالضرورة هو كذلك عندك، وهذه سفسطة يقررها عامة الليبراليين؛ يقول راسل: "إن الفيلسوف الليبرالي لا يقول: هذا حق، بل يقول في مثل هذه الظروف: يبدو لي أن هذا الرأي أصح من غيره"، وهذا أحد أئمتهم وهو تركي الحمد يصرح قائلا: "لن تكون متقدمًا أو صاحب أمل في التقدم؛ إذا قبلت الرأي على أنه حقيقة، والحقيقة على أنها مطلقة وليست نسبية" (5)

حينئذ جزم الكائن النسوي ذو المرجعية الليبرالية بأن المرأة في الإسلام مظلومة أو مهضومة الحقوق، وعمل المعارك والحملات المتعاقبة والاستعانة بالغرب لتأجيجهم على المسلمين هو مخالف ومناهض لنسبية الحقيقة وهو سعي من الليبرالية النسوية لفرض رؤيتها على أنها حقيقة مطلقة! وأين الحرية المزعومة -تنزلا أسأل-؟

وأما النسوية النصرانية واليهودية فهي آخر من يتكلم أو يهاجم الإسلام؛ فنصوص كتابهم المقدس فيها ما لا يوجد في الإسلام؛ ففي اليهودية مثلًا إذا مات الزوج يفرض على أخوته الزواج من زوجته ويكون ترتيب الحق بالأكبر ويعرض على البقية في حال رفضه...فهي كالمتاع الموروث!، وما يتعلق بحيضها ونفاسها وكيف تعامل بأنها نجسة تنجس كل ما لمست كفاية.

وأما في النصرانية فالأمثلة كثيرة وأقلها ليس للمرأة أن تتكلم في الكنيسة وهذا قبيح منها وإن أرادت أن تتعلم شيئًا فترجع للبيت وتسأل زوجها (6) مع أن هذه الأحكام التي لليهودية أو النصرانية لو ثبتت لن تشكل للمؤمن بها حرجا ولكن المراد من ذكرها أن من تنطلق من صحة تلك المرجعيات لا يحق لها انتقاد وضع المرأة في الإسلام!


الإشارات المرجعية:

  1. وهم رجال تبنوا طرح النسويات
  2. Stephen Hawking
  3. River out of Eden, p.131-132
  4. Darwin, the descent of man ,p. 326
  5. من هنا يبدأ التغيير ص347
  6. 1كورنثوس 14 : 34
تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#النسوية #المرأة-المسلمة
اقرأ أيضا
من صور إنكار الذات في حياة الصديق | مرابط
تفريغات

من صور إنكار الذات في حياة الصديق


يقف بنا الدكتور راغب السرجاني في إحدى محاضراته الماتعة على بعض المواقف من سيرة الصديق أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه والتي تعلمنا المعنى الحقيقي للإيثار وإنكار الذات في حياة هذا الصحابي الجليل حتى وهو خليفة وأعلى رأس في الدولة

بقلم: د. راغب السرجاني
294
مجتمع ما بعد التحضر | مرابط
اقتباسات وقطوف

مجتمع ما بعد التحضر


يبدو أن بريق كلمة التحضر أو التقدم قد أسر قلوب عامة الناس حتى ظنها الكثيرون من أسمى الأهداف التي من الممكن السعي إليها في الحياة ولكن الحقيقة أن الذي حدث هو العكس وباتت المجتمعات المتحضرة تتراجع إلى الوراء خصوصا في المجال الأخلاقي والإنساني وهذا مقتطف ماتع لمالك بن نبي يشير إلى هذه الإشكالية

بقلم: مالك بن نبي
2211
أوقات الحفظ | مرابط
اقتباسات وقطوف

أوقات الحفظ


مقتطف هام لابن الجوزي من كتابه صيد الخاطر يتحدث فيه عن الحفظ يحدثنا فيه عن أوقات الحفظ وأماكن الحفظ وما يحفظ وما لا يحفظ وغير ذلك من الإضاءات الهامة لكل من يعاني مشكلة في الحفظ أو يرغب في زيادة قدرته على ذلك

بقلم: ابن الجوزي
495
مراجعة لكتاب الاسترقاق القيمي | مرابط
مناقشات

مراجعة لكتاب الاسترقاق القيمي


العناصر التي تعزز أي مشروع تغريبي هي كتلة مقومات ومنها: التغطية السياسية والشرعية والنخبة الثقافية المسوقة وضعف الممانعة الشعبية وذكر ستة نماذج لمشروعات تغريبية وقام بتفصيلها وإبراز هذه العوامل الفاعلة فيها

بقلم: إبراهيم السكران
2325
النسوية.. أخطر فكرة هدامة على الأمة الإسلامية | مرابط
النسوية

النسوية.. أخطر فكرة هدامة على الأمة الإسلامية


بعض الناس استغرب كوني اعتبرت النسوية أخطر فكرة هدامة تهدد الأمة الإسلامية اليوم! وأنها أخطر بمراحل حتى من الإلحاد.. الإلحاد يدمر فردا أما النسوية فهي تدمر أمة.

بقلم: د. هيثم طلعت
343
أين أخطأ المقاصديون الجدد في نظرتهم إلى مقاصد الشريعة ج1 | مرابط
فكر مقالات

أين أخطأ المقاصديون الجدد في نظرتهم إلى مقاصد الشريعة ج1


يبدو أن موضوع مقاصد الشريعة يحظى باهتمام بالغ في الساحات العربية خصوصا بعد أحداث سبتمبر فالسياسيون اهتموا به لتمرير أجندتهم السياسية والإعلاميون تمسكوا بها لتبرير مخالفة الإعلام للشريعة وكثير من الدعاة تمسك بها من أجل المزيد من المكتسبات سواء لدى عامة الناس أو لدى شرائح الملأ وتولت مقاصد الشريعة مع ظاهرة الخروج عن مألوف الشريعة المعهود لدى المسلمين بحجة نبذ التقليد والعمل بالدليل مهمة تمرير لبرلة الإسلام وعصرنته وكان أخطر ما في الأمر تبني شرائح إسلامية عديدة لهذا الفكر الأصولي الفقهي فكانوا...

بقلم: الدكتور هيثم بن جواد الحداد
1875