إن كثيرًا من المنتسبين إلى العلم والدين قاصرون، أو مقتصرون في معرفة ما جاء به من الدلائل السمعية والعقلية، فطائفة قد ابتدعت أصولا تخالف ما جاء به هذا وهذا، وطائقة رأت أن ذلك بدعة فأعرضت عنه، وصاروا ينتسبون إلى السنة لسلامتهم من بدعة أولئك، ولكن هم مع ذلك لم يتبعوا السنة على وجهها، ولا قاموا بما جاء به الرسول من الدلائل السمعية والعقلية، بل الذي يخبر به من السمعيات مما يخبر به عن ربه، وعن اليوم الآخر، غايتهم أن يؤمنوا بلفظه من غير تصور لما أخبر عنه، بل قد يقولون مع هذا: إنه نفسه لم يكن يعلم معنى ما أخبر به؛ لأن ذلك عندهم هو تأويل المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله، وأما الأدلة العقلية فقد لا يتصورون أنه أتى بالأصول العقلية الدالية على ما يخبر به، كالأدلة على التوحيد والصفات، ومنهم من يقر بأنه جاء بهذا مجملا ولا يعرف أدلته
المصدر:
- شيخ الإسلام ابن تيمية، الفتاوى 251/16