شبهة الأخطاء اللغوية في القرآن: نصب الفاعل

شبهة الأخطاء اللغوية في القرآن: نصب الفاعل | مرابط

الكاتب: مجموعة كتاب

909 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

هذه شبهة خفيفة الوزن، تدل على أمرين راسخين فيهم:

الأول: جهلهم الفاضح بقواعد اللغة العربية.

الثانى: تهافتهم الأعمى على تصيُّد الشبهات، والبحث عن العيوب والنقائص.

منشأ هذه الشبهة:

هو قوله تعالى: (وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إنى جاعلك للناس إمامًا، قال: ومن ذريتى قال لا ينال عهدى الظالمين) (1).

اطلعوا على هذه الآية فى المصحف الشريف، ووقع بصرهم على كلمة " الظالمين " وصورت أوهامهم أن فيها خطأً نحويًا؛ لأنها عندهم فاعل، والفاعل حكمه الرفع لا النصب، فكان حقه أن يكون هكذا.

لا ينال عهدى الظالمون، لأنه جمع مذكر سالم، وعلامة رفعه " الواو " وبهذا تخيلوا، بل توهموا أن القرآن لا سمح الله قد أخطأ فنصب الفاعل " الظالمين " ولم يرفعه " الظالمون "؟! هذا هو منشأ هذه الشبهة.

الرد على الشبهة:

الفعل "نال" فعل متعدٍ إلى مفعول واحد، قال الله تعالى:

(ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرًا) (2).

الفاعل "واو الجماعة" والمفعول "خيرًا".

أما فى هذه الآية التى اتخذوها منشأ لهذه الشبهة "لا ينال عهدى الظالمين" فالفاعل هو "عهدى"، مرفوع بضمة مقدرة، منع من ظهورها اشتغال المحل (3) بحركة المناسبة ل "ياء" المتكلم، والمفعول به هو "الظالمين" وعلامة نصبه هى "الياء" لأنه جمع مذكر سالم، ينصب ويجر ب "الياء" والمعنى: لا ينفع عهدى الظالمين. ومجئ "الظالمين" منصوبًا هو قراءة الجمهور من القراء.

وليس فى مجئ "الظالمين" منصوبًا على المفعول به خلاف بين العلماء. بل إنهم نصوا على أن خواص الفعل " نال " أن فاعله يجوز أن يكون مفعولًا، ومفعوله يجوز أن يكون فاعلًا، على التبادل بينهما، قالوا: لأن ما نالك فقد نلته أنت.

وقد جاء قوله تعالى: (لن ينال الله لحومُها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم) (4).

على خلاف نسق آية البقرة، التى نحن بصدد الحديث عنها. حيث كان الوالى للفعل فيها هو الفاعل " لا ينال عهدى والواقع بعد الفاعل هو المفعول " الظالمين ".

أما فى آية الحج فإن الذى ولى الفعل " لن ينال الله " هو المفعول، وما بعده هو الفاعل " لحومُها ".

والمعنى: لن يصل الله لحومُها ولا دماؤها، وكذلك قوله " ولكن يناله التقوى منكم " فالضمير فى " يناله " هو المفعول به، أما " التقوى " فهى الفاعل.

 


 

الإشارات المرجعية:

(1) البقرة: 124.
(2) الأحزاب: 25.
(3) المحل هنا هو " الدال " من " عهدى ".
(4) الحج: 37.

 

المصدر:

مجموعة مؤلفين، شبهات المشككين، ص11

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#شبهات-حول-القرآن
اقرأ أيضا
المروجون لسؤال غير الله ودعائه | مرابط
أباطيل وشبهات فكر

المروجون لسؤال غير الله ودعائه


إن المروجين لسؤال غير الله ودعائه والنذر له.. بأقوالهم وأفعالهم هم كذلك يحاربون الفطرة والدين والعقل. أولئك مضلون صادون عن سبيل الله وهؤلاء كذلك.. ويجب بيان باطلهم وكشفهم وفضحهم بكل وضوح صراحة. هم والله قطاع طرق يصدون عن سبيل الله. ولا أعلم شيئا أولى بالرد والبيان والتفصيل من مقام إخلاص الدين لله الذي هو الأصل الذي خلق الله له السموات والأرض وما بينهما.. أن يكون الدين كله لله وليس بعضه له وبعضه لشركائهم!

بقلم: حسين عبد الرازق
339
الوحي بين المحكم والمتشابه | مرابط
أباطيل وشبهات مقالات

الوحي بين المحكم والمتشابه


الوحي كما أخبر الله فيه النص المحكم الذي يجب التزامه والنص المتشابه الذي يلزم رده إلى المحكم فإذا غاب عن الباحث قاعدة المحكم والمتشابه فلن يتميز له المراد الإلهي وسيبقى مترددا متذبذبا يقفز مع كل أطروحة ويركبه كل اعتراض

بقلم: عبد الله العجيري
418
آثار قضية تحرير المرأة في المجال التعليمي | مرابط
النسوية

آثار قضية تحرير المرأة في المجال التعليمي


وفي بعض البلدان جعلوا الشخصيات التي جهرت بالتحرر ردحا من الزمن وعارضت قيم الهوية الإسلامية جعلوها نماذج تحتذى وخير مثال على تطور الفرد داخل مجتمعه وبلوغه حد الشهرة العالمية وأكثروا عنهم الكلام ليغرسوا في عقول الجيل الصاعد نماذج تتوافق مع التي يريدون لأفراد المجتمع أن ينشؤوا عليها

بقلم: د إيمان بنت محمد العسيري
435
صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ج4 | مرابط
تفريغات

صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ج4


إن الله سبحانه وتعالى قد فرض فرائض وشرع شرائع وأمر بلزومها ومن أعظم هذه الشرائع هي أركان الإسلام الخمسة التي أمر الله عز وجل بها وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بركنيتها للإسلام كما جاء في حديث عبد الله بن عمر في الصحيحين وغيرهما في قوله عليه الصلاة والسلام: بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت من استطاع إليه سبيلا

بقلم: عبد العزيز الطريفي
755
الخوف من الله حقيقته وفضله ج1 | مرابط
تفريغات

الخوف من الله حقيقته وفضله ج1


من العبث ومن الكلام الباطل المعسول أن ينقل عن بعض المتصوفة سواء كانوا نساء أو رجالا أن أحدهم كان يقول في مناجاته لربه تبارك وتعالى: ما عبدتك طمعا في جنتك ولا خوفا من نارك إلى آخر الخرافة المزعومة لا يتصور من إنسان عرف الله حق معرفته ألا يخشى من ربه تبارك وتعالى بل -كما ذكرنا- كلما كان مقربا إلى الله كلما كان أخوف من الله وأخشى لله عز وجل وما المقصود من مثل هذه الخرافة الصوفية إلا أن يحمل الناس أن يعيشوا هكذا ليس هناك خوف منهم لله يحملهم على تقواه ولا -أيضا- عندهم رغبة فيما عند الله يطمعهم ف...

بقلم: محمد ناصر الدين الألباني
695
المدنية المادية وهل أفلست في إسعاد البشرية | مرابط
فكر

المدنية المادية وهل أفلست في إسعاد البشرية


أجمع العقلاء بعد ما بلوا هذه المدنية المادية وابتلوا بها أنها قد أفلست في إسعاد البشرية وذهبوا في تعليل ذلك مذاهب شتى أقربها إلى الصواب أن تلك المدنية إنما أفلست لأنها فقدت أهم العناصر للوصول إلى هذه الغاية وهو العنصر الروحي أو عنصر الدين فالمدنية إن لم تنتظم هذا العنصر فلن تصل إلى غايتها أبدا ذلك أن الدين يطهر النفوس من الأدران والأضغان ويكسر شرة الأطماع ويحرم التطاول والطغيان ويزيل الفوارق بين الأجناس والألوان وينظم العلاقات بين الأفراد والجماعات ويقيمها على أسس العدل والمحبة والتعاون

بقلم: أبو الوفا المراغي
7648