مسارات دراسة الدين من منظور جندري

مسارات دراسة الدين من منظور جندري | مرابط

الكاتب: الحارث عبد الله بابكر

645 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

مسارات دراسة الدين من منظور جندري اتبعتها النسويات ورأوها كحل ممكن:

1- ترك الأديان ومحاربتها وإعلان الإلحاد والبقاء على حال اللادينية: وهو الموقف الأكثر شيوعًا في الأوساط النسوية.

2- العمل على إعادة بناء الأديان وصورة الإله فيها: وهذا الاتجاه قد بدأ في الغرب منذ الستينات من القرن العشرين، وتتوّج بنشأة ما يعرف باللاهوت النسوي، وهو تيار يعمل على إعادة بناء المسيحية من منطلق جندري، وتمضي روزماري رادفورد روثر (إحدى أهم رائدات ومؤسسات هذا الاتجاه) في شرح تفصيلي لأهداف هذا التيار ومقوماته؛ تهدف باحثات العلوم الدينية النسويات إلى ترشيد وإعادة بناء الرموز الدينية الأساسية عن الله/الخالق، وقصة الخلق، والبشرية بنوعيها الذكر والأنثى، والخطيئة، والخلاص والكنيسة.. إلخ. من أجل إعادة تعريفها من جديد تعريفًا يأخذ في الاعتبار الجنسين وضمهما معا في منظومة مساوية.

وتؤكد كريستين أوفرول أن: العديد من الفلاسفة واللاهوتيين التقدميين -والذين بالنسبة إليهم قضية الإنسانية المتساوية للمرأة مع الرجل هي قضية غير قابلة للنزاع- قد تفاعلوا مع النقد النسوي القوي للأدوار القهرية للدين مع فكرة الإله البطريركي، عبر محاولة إعادة بناء صورة الإله.

3- تأسيس أديان نسوية خاصة: وفيه النسويات اللاتي انطوين ضمن حالة الوثنية الجديدة وحالة الروحانية خارج الأديان التقليدية والتي تعمل على خلق أديان وآلهة نسوية -إله أنثى في الغالب- فكما تذكر باميلا يونغ: بعض أشكال الوثنية الجديدة في الغرب قد حاولت موازنة الآلهة والإلهات في الهياكل الأسطورية والشعائرية الخاصة بها. والبعض يتّكلون فقط على تراث وصور الإلهات. وهذا الموقف الأخير في الغالب يقوم على فرضية أن الناس -خاصة النساء- يحتاجون الإلهة لمقاومة تأثير الرؤى الدينية التقليدية البطريركية..،

وفي الغالب ما تعنيه النسويات بالأديان لا يتضمن بالضرورة فكرة النبوة والاعتقاد الحقيقي بوجود إله خالق للكون، ولكنه بشكل أكبر يحيل إلى الجانب الروحاني من الوجود البشري المتضمن داخل تجارب الأفراد، وبذلك يكون الحديث عن إعادة بناء الأديان أو تأسيس أديان خاصة متعارضًا بشكل كامل مع المعنى المعروف للأديان والنبوة.

وهي إحدى المآزق التي تقع فيها حالة النسوية الإسلامية حين تحاول تطبيق مفهوم الجندر في فهم الدين، ليصبح كل حديث أو آية يتعارض مع المساواة المطلقة أو ينسب صفة معينة للنساء في مقابل الرجال أو العكس متشكلا تاريخيا أو وافد من الأديان السابقة للإسلام وهو ما يعني في أسوأ الأحوال أن الدين تشكل تاريخيًا وفي أفضل الأحوال أنه تشوّه وتم تحريفه مذ لحظته الأولى، فإما التعامل مع الدين بوصفه وحيًا إلهيًا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وعليه تجاوز فكرة المساواة المطلقة المتجذرة في مفهوم الجندر، أو الاتساق في استعمال مفهوم الجندر والإقرار بأن التأكيد تشكل تاريخيّ لا يصدق عليه مفهوم الوحي الإلهي النازل من الخالق الحكيم عز وجل، إضافة للتركيز الشديد على قضية التجربة الدينية الشخصية للمرأة كأساس لبناء المساواة في تأويل الآيات والأحاديث، أي تجاوز النقاش والمناهج الموضوعية للعلوم الشرعية واستبدالها بحالة سائلة نسبية من التجارب البشرية كأساس لفهم القرآن والسنة، وهو ما سيوقعهم في إشكالات كثيرة في التعامل مع النبوة والوحي كحقائق موضوعية نزلت من الله عز وجل للبشر

 


 

المصدر:

مجلة أوج العدد العاشر، مقال النسوية والإسلام: الجندر بوصفه مدخلًا عقديًا للإلحاد واللادينية، للكاتب الحارث عبد الله بابكر

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الجندرية #الجندر-والدين
اقرأ أيضا
تحمل مسؤولية التكليف | مرابط
مقالات

تحمل مسؤولية التكليف


عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته الإمام راع ومسؤول عن رعيته والرجل راع على أهله وهو مسؤول عن رعيته والمرأة راعية على بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته.

بقلم: أحمد يوسف السيد
199
معرفة جلال الله وعظمته | مرابط
اقتباسات وقطوف

معرفة جلال الله وعظمته


مقتطف لأبي حامد الغزالي من كتابه إلجام العوام عن علم الكلام يشير فيه إلى السبيل الحق وهو معرفة جلال الله وعظمته وصفاته من كتابه بعبارة الوحي الصادقة الصافية بعيدا عن عبارات أهل الكلام حتى لو أنهم يصلون إلى نفس النتيجة ولكن بطرق ملتوية تشوش قلوب المؤمنين

بقلم: أبو حامد الغزالي
2147
ألهاكم التكاثر | مرابط
مقالات اقتباسات وقطوف

ألهاكم التكاثر


تعليق ماتع لابن القيم على قول الله تعالى ألهاكم التكاثر يقف بنا على دلالاتها ومعنى ألهاكم ولماذا قال ألهاكم ولم يقل أشغلكم وكذلك يوضح المقصود بالتكاثر هل هو على الإطلاق أم لا وهل اللهو كله محرم أم لا وكذلك التكاثر وغير ذلك من اللمحات المفيدة

بقلم: ابن القيم
1499
كيف تقرأ كتابا ج1 | مرابط
تفريغات

كيف تقرأ كتابا ج1


التعليم بالقلم الذي هو من أعظم نعمه على عباده إذ به تخلد العلوم وتثبت الحقوق وتعلم الوصايا وتحفظ الشهادات ويضبط حساب المعاملات الواقعة بين الناس وبه تقيد أخبار الماضين للباقين اللاحقين ولولا الكتابة لانقطعت أخبار بعض الأزمنة عن بعض واندرست السنن يعني: ذهبت واضمحلت وتخبطت الأحكام ولم يعرف الخلف مذاهب السلف وكان معظم الخلل الداخل على الناس في دينهم ودنياهم ما يعتريهم من النسيان الذي يمحو صور العلم من قلوبهم لما صار الناس ينسون من نعمة الله عليهم أن جعل لهم الكتاب وعاء حافظا للعلم من الضياع كا...

بقلم: محمد صالح المنجد
466
وأقم الصلاة لذكري | مرابط
اقتباسات وقطوف

وأقم الصلاة لذكري


ولما ذكر الله الصلاة في سورة طه أشار إلى غاية تغيب عن بال كثير من المصلين فضلا عمن دونهم ربما يتحدث الواحد منا عن عظمة الصلاة في الإسلام وأنها أعظم ركن بعد الشهادتين وأنها الخط الفاصل بين الكفر والإيمان ونحو هذا من معاني مركزية الصلاة ولكن لماذا شرع الله الصلاة وأحبها وعظمها سبحانه؟ إنها بوابة استحضار الله وتذكره يقول الله سبحانه وأقم الصلاة لذكري

بقلم: إبراهيم السكران
333
شروط الإفتاء | مرابط
اقتباسات وقطوف

شروط الإفتاء


وقال صالح بن أحمد: قلت لأبي: ما تقول في الرجل يسأل عن الشيء فيجيب بما في الحديث وليس بعالم في الفقه فقال: ينبغي للرجل إذا حمل نفسه على الفتيا أن يكون عالما بالسنن عالما بوجوه القرآن عالما بالأسانيد الصحيحة وذكر الكلام المتقدم

بقلم: ابن القيم
588