ولا يبدين زينتهن

ولا يبدين زينتهن | مرابط

الكاتب: عبد العزيز الطريفي

597 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

قول الله جل وعلا: "وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ" [النور:31]، في نهي الله جل وعلا عن إبداء الزينة جاءت الزينة في هذه الآية في موضعين: الموضع الأول في النهي، والموضع الثاني في الاستثناء، إلا ما ظهر منها، أمر الله جل وعلا بعدم إبداء الزينة وفي قوله جل وعلا: "إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا" [النور:31].

جاء في ذلك جملة من النصوص في بيان الزينة الظاهرة وغير الظاهرة، جاء في ذلك جملة من النصوص عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أعلم في ذلك نصًا مرفوعًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيان مقدار الزينة، ويكون ثابتًا عن النبي عليه الصلاة والسلام، وإنما هي من أقوال الصحابة، وأقوال الصحابة في ذلك مما يحتج بها؛ لأنها في أبواب التفسير.

جاءت روايات في ذلك، وينبغي أن يتنبه قبل الولوج في النقول في هذا أن يعلم أن بعض كتب التفسير تنقل الزينة ولا يبدين زينتهن عن بعض المفسرين، وبعضهم ينقلها في سياق الزينة الأولى، وبعضهم ينقلها في سياق الزينة المستثناة، هل هي من الزينة التي لا تظهر، أم من الزينة التي تظهر، فيأخذها بعض النقلة من دواوين العلماء فيختارها بحسب المشارب الفقهية فيضعها في أحد الموضعين، ويقع خلط في ذلك كثير.

أولًا: اختلف المفسرون في الزينة التي تظهر "إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا" [النور:31]، جاء في ذلك جملة من النصوص منهم من قال: يظهر من ذلك الوجه والكفين، جاء في ذلك عن عبد الله بن عباس وأسانيده عنه ضعيفة، وهذا أعلى ما يشتهر وينقل في هذا الباب عن عبد الله بن عباس، والنص في ذلك عن عبد الله بن عباس على خلافه وبيانه كما يلي:

قد روى ابن جرير الطبري في كتابه التفسير من حديث محمد بن حميد الرازي عن يزيد بن هارون عن أبي هارون عن نهشل عن الضحاك عن عبد الله بن عباس عليه رضوان الله تعالى أنه قال: الزينة هي الوجه والكفين، وجاء في رواية عنه أنه قال: الكحل والخاتم، وهذا إسناده ضعيف محمد بن حميد الرازي وهو شيخ محمد بن جرير الطبري ضعيف وقد ضعفه غير واحد من العلماء، بل قال بعضهم إنه متروك، وكذلك نهشل فإنه ضعيف الحديث جدًا، وكذلك أيضًا فإن الضحاك لم يسمع من عبد الله بن مسعود.

الأثر الثاني: ما جاء عند ابن جرير الطبري من حديث مسلم بن كيسان عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس أنه قال: الوجه والكفين، وجاء في رواية: الكحل والخاتم، وهذا إسناده ضعيف، فإن مسلم بن كيسان قد ضعفه غير واحد من العلماء، بل قال النسائي: إنه متروك الحديث.

وقد جاء أيضًا هذا موقوفًا أيضًا على سعيد بن جبير واضطرب فيه مسلم بن كيسان، فتارة يرويه عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس، وتارة يرويه عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس، جاء عن عبد الله بن عباس ما يخالف ذلك بإسناد صحيح، قد روى ابن جرير الطبري وابن أبي حاتم في كتابه التفسير من حديث عبد الله بن صالح كاتب الليث وروايته نسخة عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة وروايته نسخة عن عبد الله بن عباس عليه رضوان الله تعالى أنه قال: "وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ" [النور:31].

قال: أمر الله جل وعلا نساء المؤمنين إذا خرجن وبرزن إلى الرجال أن يغطين وجوههن، وجاء في رواية عنه ويبدين عينًا، وجاء هذا أيضًا عن عبيدة السلماني كما رواه ابن جرير الطبري أيضًا من حديث ابن عون عن محمد بن سيرين عن عبيدة قال: يغطين وجوههن ويبدين عينًا، والمراد بإبداء العين في ذلك أن المرأة تبصر طريقها سواءً كان بعين أو بإثنتين، ولو أبدت الإثنتين من غير إسراف فإن ذلك مما لا حرج فيه من غير إبداء زينة، ويؤكد ذلك ويعضده ما جاء عن عبد الله بن مسعود عليه رضوان الله تعالى في تأويل هذه الآية عند ابن جرير الطبري من حديث أبي إسحاق ويرويه عن أبي إسحاق شعبة بن الحجاج وهو من أوثق أصحابه عن أبي الأحوص وهو من الفقهاء عن عبد الله بن مسعود عليه رضوان الله تعالى أنه قال في قول الله جل وعلا: "وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ" [النور:31]

قال: الوجه والكفين، وجاء في رواية عنه الثياب في الاستثناء "إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا" [النور:31] يعني: الثياب، أنه يجوز للمرأة أن تبرز بثيابها، ولو كان يتخللها شيء من أمر الزينة الذي لا يظهر منه الفتنة، كأن تلبس المرأة معطفًا أو خمارًا ونحو ذلك، ويظهر منه نوعًا مما يفتن بعض الرجال فهذا مما تستتر به المرأة، ولا حرج عليها أن تظهره إذا كان لا يغلب عليه الافتتان، وهذا غالب تأويل المفسرين في ذلك، وقد جاء في ذلك عن جماعة من الصحابة عليهم رضوان الله تعالى في مسألة ضبط الحجاب ويأتي الكلام عليه.

 


 

المصدر:

محاضرة الحجاب بين الفقه الأصيل والفقه البديل

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.
اقرأ أيضا
الإلحاد ورد الإنسان إلى البهيمية | مرابط
الإلحاد

الإلحاد ورد الإنسان إلى البهيمية


لقد ترك الملاحدة للداروينتة صياغة صورة حقيقة الإنسان وصناعة مراحل تاريخه وهو أمر يظهر بوضوح في جميع أدبياتهم عند مناقشة قضايا نظرية المعرفة والقيم ومعنى الحياة والفكاك عن ذلك -إلحاديا- محال لأن رفض الداروينية أو أي صورة أخرى من صور التطور العشوائي للكائنات الحية

بقلم: د سامي عامري
520
من آفات الدعاء | مرابط
اقتباسات وقطوف

من آفات الدعاء


كما نهتم بمعرفة الطريقة الصحيحة للدعاء وأوقات الإجابة يجب أيضا أن نقف على آفات الدعاء أو ما يمنع ترتب أثر الدعاء عليه فهذا مما قد يخفى على كثير من المسلمين وقد لا يهتم به أحد ثم يتعجب عن سبب تأخر الإجابة أو عدم وجود الإجابة بحال

بقلم: ابن القيم
914
لماذا يقع الخطأ من المخلصين؟ | مرابط
اقتباسات وقطوف

لماذا يقع الخطأ من المخلصين؟


واعلم أن الله تعالى قد يوقع بعض المخلصين في شيء من الخطأ ابتلاء لغيره أيتبعون الحق ويدعون قوله أم يغترون بفضله وجلالته؟ وهو معذور بل مأجور لاجتهاده وقصده الخير وعدم تقصيره ولكن من تبعه مغترا بعظمته بدون التفات إلى الحجج الحقيقية من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم فلا يكون معذورا

بقلم: عبد الرحمن المعلمي اليماني
376
هوان الذنوب بتكرارها | مرابط
اقتباسات وقطوف

هوان الذنوب بتكرارها


أحيانا ترى الناس تستعظم ذنبا من الذنوب ويتخذون مواقف صارمة تجاه فاعله بينما هناك ذنوب أخرى أكبر وأعظم عند الله تعالى ولكن الناس لا يتخذون تجاهها نفس الموقف وفي هذا المقتطف يحلل أبو حامد الغزالي هذه الظاهرة ويرجعها إلى الإلف فما اعتاد الناس على رؤيته يسقط وقعه في قلوبهم على عكس الذنوب التي لم يعتدها الناس ولم تنتشر بينهم

بقلم: أبو حامد الغزالي
1954
كيف كان تطوع الصحابة؟ | مرابط
اقتباسات وقطوف

كيف كان تطوع الصحابة؟


ولم يكن أكثر تطوع النبي صلى الله عليه وسلم وخواص أصحابه بكثرة الصوم والصلاة بل ببر القلوب وطهارتها وسلامتها وقوة تعلقها بالله خشية له ومحبة وإجلالا وتعظيما ورغبة فيما عنده وزهدا فيما يفنى.

بقلم: ابن رجب
290
الأمة الوسط الجزء الثاني | مرابط
تفريغات

الأمة الوسط الجزء الثاني


من المتفق عليه أن الخصيصة الأولى والمقوم الأساسي للأمة الوسط هو كونها أمة ربانية وهذه الخصيصة خاصة بهذه الأمة لا تشاركها فيها الأمم الأخرى فالأمة الإسلامية أمة ربانية في عقيدتها وتصورها وتشريعها وأخلاقها وقيمها لأن هذا كله منزل من عند الله تبارك وتعالى

بقلم: عمر الأشقر
856