فطرية السببية

فطرية السببية | مرابط

الكاتب: هادي صبري

374 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

في عقولنا وفطرنا مبدأ يسمى بمبدأ السببية، ويعني أن كل شيء وجد بعد أن لم يكن موجودا -وهو ما يسمى بالحادث- فإنه لا بد من سبب قد أدى إلى وجوده، لقد غرس هذا المبدأ في فطرتنا كبشر، لا مناص منه لأحد، ولا يستطيع الإنسان الاقتناع بخلافه، ولا يحتاج إلى إقامة الحجج والبينات على صحته.. 

كما تعلم أنك موجود، كما تحس بذاتك، كما تأكل وتتنفس.. فأنت تعلم أن لكل شيء سببا، ولم يعلمك أحد هذا بل هو فطري وتجده ضرورة من نفسك، وفي هذا يقول ابن تيمية رحمه الله: لو ضُرِبَ الصبي ضربة، فقال: من ضربني ؟  فقيل: ما ضربك أحد = لم يصدق عقله أن الضربة حدثت من غير فاعل.

ولكونه فطريا.. 
أنت لا تحاول إقناع شخص يسير في صحراء فيرى في وسطها ساعة ملقاة على الأرض، جميلة متقنة الصنع، لا تحاول إقناعه بأنه لا سبب لوجودها هنا! وإذا رأيت تمثالا لطفل صغير فلن يخطر ببالك إلا أن لهذا التمثال صانعا ماهرا، مع أن هذا التمثال مجرد صورة خارجية، ليس فيه حياة ولا عقل ولا أعصاب ولا أعضاء، ولا أي تعقيد، فما بالك بالطفل الآدمي الصغير الذي يروح ويجيء أمامك بكل حيوية وسرور.. لا بد له من خالق مبدع!

وإذا رأيت قصرا منيفا، مشيد البنيان، مزخرف الأبواب والجدران، في تلك الصحراء الموحشة القاحلة، فلن يخالجك شك في أن هذا القصر قد بناه بنّاء متقن.. ولن تفكر -ولو للحظة- أن عاصفة قوية هبت على مجموعة من الأحجار والأخشاب والإسمنت وأدوات البناء، فنتج عنها ذلك القصر! فكيف إذا قيل أنه حدث بدون سبب أصلا!

نعم لا يستطيع عاقل المكابرة في مبدأ السببية، ولا يختلف على ضرورة وجود الصانع أحد من البشر البتّة، حتى الأطفال!


المصدر:
الميسر في تعزيز اليقين، تأليف مجموعة من المؤلفين

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.
اقرأ أيضا
من علامات السعادة والفلاح | مرابط
اقتباسات وقطوف

من علامات السعادة والفلاح


من علامات السعادة والفلاح أن العبد كلما زيد في علمه زيد في تواضعه ورحمته وكلما زيد في خوفه وحذره وكلما زيد في عمره نقص من حرصه وكلما زيد في ماله زيد في سخائه وبذله وكلما زيد في قدره وجاهه زيد في قربه من الناس وقضاء حوائجهم والتواضع لهم

بقلم: ابن القيم
838
في ذكر من غلب من العوام بذكائه كبار الرؤساء | مرابط
مقالات

في ذكر من غلب من العوام بذكائه كبار الرؤساء


وقال الصاحب بن عباد ما أخجلني غير ثلاثة منهم أبو الحسين البهديني فإنه كان في نفر من جلسائي فقلت له وقد أكثر من أكل المشمش لا تأكله فإنه يلطخ المعدة فقال ما يعجبني ما يطب الناس على مائدته وآخر قال لي وقد جئت من دار السلطان وأنا ضجر من أمر عرض لي من أين أقبلت فقلت من لعنة الله فقال رد الله غربتك فأحسن علي إساءة الأدب وصبي مستحسن داعبته فقلت لبيك تحتي فقال مع ثلاثة أخر يعني في رفع جنازتي فأخجلني قال رجل شربت البارحة فاحتجت إلى القيام لإراقة الماء كأنني جدي فقال له عامي لم تصغر نفسك يا سيدنا

بقلم: ابن الجوزي
806
دين المؤتفكات: النسوية الجزء الثاني | مرابط
النسوية الجندرية

دين المؤتفكات: النسوية الجزء الثاني


إن الموجة الجندرية المتصاعدة في هذه الأيام والتي تدعو إلى عدم اعتبار الهوية الجنسية البيولوجية الذكر والأنثى وإنما تدعو إلى هوية جندرية جديدة مصنوعة قد يرى فيها الرجل أنه امرأة والعكس قد تشعر فيها المرأة أنها تريد أن تصبح رجلا وتؤدي دوره الاجتماعي كاملا أي أن الجنس لا دلالة له ومن حق الرجل والمرأة اختيار الدور الاجتماعي المفضل وفقا للهوية الجندرية وهذه الموجة التي تدعو إلى تقنين الشذوذ واللوطية وإطلاق الحريات الجنسية لم تصعد إلا على أكتاف الحركة النسوية ومبادئها وأفكارها التي آلت إلى الفلسف...

بقلم: عمرو عبد العزيز
2153
اقتضاء العدل الإلهي للجزاء الآخروي | مرابط
اقتباسات وقطوف

اقتضاء العدل الإلهي للجزاء الآخروي


وأما اقتضاء العدل الإلهي للجزاء الأخروي فظاهر وجعل الله التسوية بين المحسن والمسيء حكما سيئا منافيا للحق الذي خلقت به السماوات والأرض والواقع أن هذا التفريق الذي يقتضيه عدل الله تعالى وحكمته غير متحقق تماما في الدنيا

بقلم: د سعود عبد العزيز العريفي
686
الذكاء الاصطناعي وموجة إنكار الإله | مرابط
فكر الإلحاد

الذكاء الاصطناعي وموجة إنكار الإله


قبل عشرة أعوام بالتمام صدر فيلم أمريكي حقق نجاحا كبيرا برغم أنه من الأفلام التي تناقش فلسفات خطيرة جدا. كان من أهم الفلسفات التي ناقشها مسألة الوعي الذاتي وهل إذا طورت آلة وعيا خاصا بها تصنع به ديناميكيات واستراتيجيات لإدارة حياتها لا بمعزل عن الإنسان بل لتدمير الإنسان نفسه إن اصطدم بطموحاتها تصبح تلك الآلة مخلوقا؟ وحينها يصبح الإنسان خالقا؟

بقلم: عمرو عبد العزيز
516
استمداد المذاهب من خارج أهلها | مرابط
تعزيز اليقين فكر مقالات

استمداد المذاهب من خارج أهلها


يتصور البعض أن المذاهب الفقهية أسوار مغلقة أقرب إلى القنوات المتجاورة التي تسير بجنب بعضها لكنها لا تتمازج أي أنها كانت تجتهد وتفكر وتنتج داخل فضائها الفقهي الخاص فقط وهذا غير دقيق فهناك فقهاء يمكن تسميتهم الفقهاء العابرين للحدود وهم فقهاء أثروا على مذاهب أخرى تأثيرا جوهريا أوجزئيا وفي هذا المقال يناقش المؤلف هذه المسألة ويحلق بنا في فضاء الفقه الإسلامي

بقلم: إبراهيم السكران
1494