تغير الفطرة من موانع فهم الشريعة

تغير الفطرة من موانع فهم الشريعة | مرابط

الكاتب: عبد العزيز الطريفي

616 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

وإذا تغيَّرتِ الفطرةُ التي طُبعَ عليها الإنسانُ، فلن يفهَمَ الأوامِرَ الشرعيةَ التي أمرَهُ اللهُ بها، حتى تُعدَّلَ الفطرةُ عنِ انتكاستِها؛ لتستوعِبَ؛ كالإناءِ المقلوبِ لا بُدَّ مِنْ تعديلِه حتَّى يستوعِبَ ما يوضعُ فيه؛ لهذا شدَّد اللهُ في أمرِ الفطرةِ، وحذَّر مِن تغييرِها؛ لأنَّها تؤثِّرُ على استيعابِ أوامرِه ونواهِيه، والإيمانِ بعلَلِها ومقاصدِها، وكُلَّما كانتِ الفطرةُ أشدَّ تغييراً، كانَتْ أشدَّ ردّاً للجزئياتِ؛ لأنَّها لم تَفْهَمِ القواعدَ والكُلِّيَّاتِ، فالأُمَمُ التي تُحِلُّ الزِّنَى وتُبِيحُهُ وتُشَرِّعُه لن تفهَمَ الحجابَ، وتحريمَ الخلوةِ والاختلاطِ؛ لأنَّها مقدِّماتٌ وحواجزُ بعيدةٌ لشيءٍ لا يؤمِنُون بتحريمِه.

والإنسانُ مفطورٌ على فِطَرٍ عديدةٍ، وهذه الفِطَرُ منها ما يُمكِنُ تغييرُه، ومنها ما لا يمكِنُ تغييرُه؛ لتجذُّرِه وامتزاجِهِ بالخِلْقةِ البشريةِ، وتكوُّنِ الإنسانِ منها كتكوُّنِ الماءِ مِن عناصرِه.

وما يمكِنُ تغييرُه، يختلِفُ في مقدارِ الزمانِ والقوةِ التي يَحْتاجُ إليها للتغييرِ، بحسبِ ثباتِه في الفطرةِ ورسوخِه فيها، والشيطانُ يحرِصُ على تغييرِ الفطرةِ أشَدَّ مِن حرصِهِ على تغييرِ الشريعةِ؛ لأنَّها أشدُّ في الانحرافِ والإعراضِ، ثم إنَّ العودةَ إلى الفطرةِ الصحيحةِ تحتاجُ إلى عقودٍ طويلةٍ، ورُبَّما قرون، وأما تغييرُ الشريعةِ فيحتاجُ إلى مجدِّدٍ يعيدُ الأدلَّةَ إلى حقيقتِها، فتتلقَّاها الفطرةُ الصحيحةُ بسهولةٍ، وإن كابَرَتْ فلا يطولُ عنادُها، حتى تستَسْلِمَ وتُذْعِنَ لها.

 


 

المصدر:

عبد العزيز الطريفي، الحجاب في الشرع والفطرة، ص22

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الشريعة #الفطرة
اقرأ أيضا
الانكسار أمام الثقافة الغربية | مرابط
اقتباسات وقطوف

الانكسار أمام الثقافة الغربية


شهدت بلادنا ظهور العديد من التيارات الإصلاحية التي زعمت أنها تحاول الوصول إلى سبل التقدم والنهضة وطريق النجاة لبلادنا ولكن سعيها في النهاية أوصلها إلى الشواطئ الغربية فبدأت محاولات التوفيق بين الإسلام وبين الثقافة الغربية بكل شكل ممكن وبدأت محاولات الإصلاح تحت ضغط هذه الثقافة فأدت في النهاية إلى صورة مشوهة مزعومة للإسلام

بقلم: فتحي عبد الكريم ومالك بن نبي
2066
التضليل والخداع في تسمية العلمانية | مرابط
العالمانية

التضليل والخداع في تسمية العلمانية


إمعانا في التضليل والخداع سماها الفكر الغربي بالعلمانية وهو اصطلاح يوحي بأن لها صلة بالعلم حتى ينخدع الآخرون بصواب الفكرة واستقامتها فمن الذي يقف في وجه دعوة تقول للناس إن العلم أساسها وعمادها ومن هنا انطلى الأمر على بعض السذج وأدعياء العلم فقبلوا المذهب منبهرين بشعاره دون أن ينتبهوا إلى حقيقته وأبعاده

بقلم: حمود الرحيلي
786
عن الدعاء والتوسل والاستغاثة ج1 | مرابط
تفريغات

عن الدعاء والتوسل والاستغاثة ج1


محاضرة هامة حول مسائل الدعاء والتوسل والاستغاثة.. وهي التي أثار بها علماء السوء جدلا واسعا في الفترة الأخيرة حيث أباحوا ما يفعله العوام عند الأضرحة والقبور وحاولوا الاستدلال ببعض الآثار والأخبار وحاولوا لي أعناق النصوص وهنا توضيح لهذه المسائل ورد على تلك المزاعم وإزالة للإشكال الحادث وتبيين لعقيدة أهل السنة والجماعة في هذه المسائل.

بقلم: محمد الحسن الددو الشنقيطي
413
الاعتراف بالذنب | مرابط
اقتباسات وقطوف

الاعتراف بالذنب


اعتراف المذنب بذنبه مع الندم عليه توبة مقبولة قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب تاب الله عليه وفي دعاء الإستفتاح الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يستفتح به: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت

بقلم: ابن رجب
715
في القرآن كفاية الجزء الثاني | مرابط
أباطيل وشبهات مقالات

في القرآن كفاية الجزء الثاني


في القرآن كفاية تأتي هذه الشبهة في مقولة تظهر صاحبها في صورة المكتفي بالقرآن مصدرا للحجة والاستدلال فإذا استدللت لحكم شرعي بدليل من السنة النبوية قذف بهذه المقولة في وجهك مدعيا كفاية القرآن في إقامة الدين دون الحاجة لمصدر آخر وقد يعضد صاحب هذه المقولة مقولته ببعض الأدلة القرآنية كمثل قوله تعالى: ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء أو قوله سبحانه: ما فرطنا في الكتاب من شيء

بقلم: عبد الله بن صالح العجيري وفهد بن صالح العجلان
2351
شبهة: أنا مسلم غير متدين! | مرابط
أباطيل وشبهات

شبهة: أنا مسلم غير متدين!


إن نفي المسلم صفة التدين عن نفسه يساوي نفي الإسلام عن نفسه وفي الغالب هو لا يقصد ذلك لأننا إذا سألناه عن دينه سيجيب بأنه مسلم ونفيه التدين عن نفسه يعني أنه بلا دين وهذا تناقض. في الحقيقة هذه من العبارات المستوردة من الثقافات العلمانية الغربية التي تتبنى الفصل بين الدين وحياة الإنسان الشخصية

بقلم: د. جمال الباشا
351