الوكلاء المحليون للأكاديميا الغربية!

الوكلاء المحليون للأكاديميا الغربية! | مرابط

الكاتب: مشاري الشثري

386 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

طالع أحدهم في كتابٍ لأحد المستشرقين كلامًا عن وجود مذهب بصري مستقل عن أبي حنيفة، فناله العجب، وظنه من فتوحاته التي كانت تنتظر كشفه لها واستخراجه إياها من مخابئ المصادر!

وزيادةً على كون أبي حنيفة من فقهاء الكوفيين لا البصريين، فإن وجود اتجاهات فقهية مختلفةٍ في العراق مفارقةٍ لطريقة أبي حنيفة وأصحابه  يُعَد من بدائه القول في تاريخ الفقه.

وليس ذلك في البصرة فقط، بل في الكوفة نفسها يوجد من الفقهاء من لم يكن على نهج أبي حنيفة وأصحابه .. وأبو يوسف -صاحبُ أبي حنيفة وظلُّه- كان من قبلُ على طريقة ابن أبي ليلى، ومكث عنده نحو تسع سنين، ثم صار إلى مجلس أبي حنيفة وانتحل طريقته، وكلاهما من فقهاء الكوفة، ثم صنف أبو يوسف في خلافهما كتاب "اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى" ويسمى أيضًا “اختلاف العراقيَّيْن”.. وهو مطبوع.

ويحكي الشافعي طرفًا من الحال الفقهية بالكوفة فيقول: (رأيتُ بالكوفة قومًا يميلون إلى قول ابن أبي ليلى يذمّون مذاهبَ أبي يوسف، وآخرين يميلون إلى قول أبي يوسف يذمون مذاهب ابن أبي ليلى). وهذا النص تجده في الأم (٩: ٢٧) وتجد نظائره متواترةً في المصادر المؤرخة للفقه، ولستَ بحاجة لتثبيت ذلك من أطروحة كتبت في كامبردج أو هارفرد أو غيرهما.

فلا أدري ما سرّ هذا الولع بما يكتبه الباحثون الغربيون فيما كان من جنس هذه المعلومات الأولية؟!

وقد رصد ابن تيمية حالة نفسية تعتري بعض من يقرأ لذوي الخطابات المجملة والمعاني المركبة المطوّلة بما يفضي به إلى الخنوع مقابلَ سلطةِ غموضها أنفةً من أن يُنسَب إلى الجهل ونقص العقل [الدرء ١: ٢٨٥] إلا أننا الآن بصدد حالة نفسية تنسحق بأوائل المعارف وبدائه المقررات لمجرد صدورها عن الأكاديميا الغربية!

ولستُ أريد بذلك نفي أن يكون في كتابات الباحثين الغربيين في تاريخ الفقه وغيره ما يكون إضافة حقيقية للبحث العلمي، لكن البليّة حين يتطامن بعض الباحثين ليكون اهتبالهم بمثل ما تقدّم.

كما أني لا أريد الحجرَ على أي باحثٍ في الإعجاب بمعلومةٍ رفع بها الجهل عن نفسه، فهذا شأنٌ، وأن يستطيل بها على عباد الله الباحثين شأنٌ آخر.

هراوة "الموضوعية" تكون في أشد حالاتها حين تُسلَّط على نتاج الباحثين العرب، أما حين تُستقبَل كعبة الأبحاث الأعجمية فثمةَ "رساليّةٌ" محببةٌ عند بعضهم تفضي إلى الانتصار والدعوة لكل ما دُوِّن بأحرفٍ غير عربية.

إننا بإزاء حالةٍ من التسويق الرديء بوكالات محلّيةٍ لنتاج الأكاديميا الغربية، لبواعثَ من أخصّها النكايةُ بالنتاج العربي والاستطالة على الباحثين العرب .. حالةٍ من الخنوع البحثي تبصر القذاة في عين الأبحاث العربية وتنسى الجذوع في أعين الأبحاث الأعجمية!

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#المستشرقون #الفقه-الإسلامي
اقرأ أيضا
الروح في اليقين والهم في الشك | مرابط
مقالات

الروح في اليقين والهم في الشك


الزهد في الدنيا هو طريق راحة قلبك من الهم فإنها هم دائم ما دامت. والزهد فيها يرجع إلى ثلاثة أصول كلها قلبي المنشأ ليس فيها ما هو جارحي! وكلها ينشأ من عبادة اليقين بالله وحده وهي قلبية.

بقلم: خالد بهاء الدين
375
فضل الذكر في العشر الأواخر | مرابط
اقتباسات وقطوف

فضل الذكر في العشر الأواخر


من أفضل الأعمال وأيسرها الذكر خاصة ليل رمضان لسهولته ولو وافق ليلة القدر لرجي له المضاعفة عشرات آلاف المرات وأفضل الذكر كلمة التوحيد وأفضل صيغها لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير

بقلم: عبد العزيز الطريفي
314
أين أخطأ المقاصديون الجدد في نظرتهم إلى مقاصد الشريعة ج1 | مرابط
فكر مقالات

أين أخطأ المقاصديون الجدد في نظرتهم إلى مقاصد الشريعة ج1


يبدو أن موضوع مقاصد الشريعة يحظى باهتمام بالغ في الساحات العربية خصوصا بعد أحداث سبتمبر فالسياسيون اهتموا به لتمرير أجندتهم السياسية والإعلاميون تمسكوا بها لتبرير مخالفة الإعلام للشريعة وكثير من الدعاة تمسك بها من أجل المزيد من المكتسبات سواء لدى عامة الناس أو لدى شرائح الملأ وتولت مقاصد الشريعة مع ظاهرة الخروج عن مألوف الشريعة المعهود لدى المسلمين بحجة نبذ التقليد والعمل بالدليل مهمة تمرير لبرلة الإسلام وعصرنته وكان أخطر ما في الأمر تبني شرائح إسلامية عديدة لهذا الفكر الأصولي الفقهي فكانوا...

بقلم: الدكتور هيثم بن جواد الحداد
1877
أولياء الله ومزاعم ابن عربي | مرابط
اقتباسات وقطوف

أولياء الله ومزاعم ابن عربي


وأفضل أولياء الله تعالى أعظمهم معرفة بما جاء به الرسول واتباعا له كالصحابة الذين هم أكمل الأمة في معرفة دينه واتباعه وأبو بكر الصديق أكمل معرفة بما جاء به وعملا به فهو أفضل أولياء الله إذاكانت أمة محمد صلى الله عليه وسلم أفضل الأمم وأفضلها أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وأفضلهم أبو بكر رضي الله عنه

بقلم: شيخ الإسلام ابن تيمية
759
دولة الكلام المبطلة الظالمة | مرابط
فكر مقالات

دولة الكلام المبطلة الظالمة


إن المعقول المتبادر من حكمة الله في نعمة النطق ومزية الكلام التي ميز بها الإنسان وفضله من سائر أنواع جنسه الحيواني هو أنها التعبير عما في النفس من العلم ليتعاون الناس بإفضاء كل بما في نفسه إلى غيره على تكميل علومهم وتحسين أعمالهم ولكن الأشرار منهم كفروا هذه النعمة بما أساءوا من استعمالها في الكذب والإفك والخلابة حتى قال بعض الأذكياء: إن حكمة الكلام وفائدته إخفاء ما في النفس وصرف الأذهان عن الحقائق

بقلم: محمد رشيد رضا
861
الإنصاف عزيز | مرابط
مقالات

الإنصاف عزيز


وكل أهل نحلة ومقالة يكسون نحلتهم ومقالتهم أحسن ما يقدرون عليه من الألفاظ ومقالة مخالفيهم أقبح ما يقدرون عليه من الألفاظ ومن رزقه الله بصيرة فهو يكشف به حقيقة ما تحت تلك الألفاظ من الحق والباطل ولا تغتر باللفظ كما قيل في هذا المعنى

بقلم: ابن القيم
267