شبهات حول الحجاب: الحجاب في القلب ج1

شبهات حول الحجاب: الحجاب في القلب ج1 | مرابط

الكاتب: سامي عامري

1465 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

الشبهة

يردّد المبغضون للحجاب من العالمانيين والمنصّرين أنّ الحجاب الحقيقي هو (حجاب القلب) ، وليس هو (مجرّد) قطعة قماش (تلقى) على الرأس!

الجواب:

هذه الشبهة سائرة على كثير من الألسن، ولا يخفى عل منصف بطلانها، بل وتناقضها الشنيع.. والردّ من أوجه:

 

المرأة ليست مجرد أداة للمتعة

أولًا/ إنّ الإسلام يقود المرأة إلى أن تعلم أنّها ليست مجرّد (أداة للمتعة) بل هي (إنسان) موفور الاعتبار الأدبي، والحظ الإنساني في الاحترام.. وإنّ المسلمة العاقلة تعلم أنّ مَن يلحّ عليها أن تنزع حجابها بدعوى الحريّة؛ إنّما هو يريد أن يتلصّص بعينيه الآثمتين على لحمها المغطّى، وأنّ رغبته في تجريدها من ستر العفّة ولباس الحشمة، لم تنبع إلاّ من حرصه على التنفيس عن الشهوة المتأججة في صدره، وإن كان يُلبس دعواه ثوب النصح والرغبة في (تحرير) المرأة من الظلم والقهر!!!!

إنّ الذي يدعو المرأة إلى السفور، لا يراها في الحقيقة في غير مقام الصاحبة والعشيقة.. أمّا ذاك الذي يدعوها إلى الستر؛ فليست هي في ذهنه إلاّ أمًا أو أختًا أو ابنة.. جزء من كيانه، وقطعة من روحه.. لا يرى نفسه إلا نصيرًا لها، يؤذيه أن تُعامل كدمية ملوّنة جوفاء؛ يلهو بها اللاهون، ثمّ يلقون بها إلى سلّة المهملات إذا ذهبت ألوانها بعوامل الزمن القاسي!!

 

الحجاب ليس مجرد قطعة قماش

ثانيا/ إنّ الحجاب ليس قطعة قماش تضعها المرأة على رأسها، وإنما هو غطاء مسبل، ونهج في الكلام والمعاملة والإحساس متقن.. إنّه منظومة عقدية وسلوكيّة وشعورية.. وإنّ الظنّ أنّه (مجرّد) قطعة قماش تستر بها المرأة شعرات من رأسها؛ لهو قصور في تصوّر هذه الشريعة وأبعادها وأهدافها!!!

 

طهر الباطن والظاهر

ثالثا/ يبدو أنّ الذي يتحدّث عن الحجاب وأنّه مجرّد قشرة، وأنّ الحجاب الممثّل للعفّة هو في القلب فقط، يؤمن أنّ طهر الباطن لا يلزم أن يلتقي مع طهر الظاهر.. أمّا نحن فنرى أنّ طهر الظاهر لا بدّ أن يقترن بطهر الباطن؛ فهما متلازمان لا يفترقان، متّصلان لا ينفصمان.. فإذا غطت المرأة رأسها، ولم تصلح باطنها؛ فإنّها ليست في الإسلام بذات دين، وإنما هي منافقة تخادع الناس وتخدع نفسها قبل ذلك!!

إنّ العفّة، ليست في القلب فقط، بل هي في القلب والجسد.. ولا يمكن أن تكون في القلب مع فساد الجوارج!!

أيستطيع المخالف أن يزعم أنّ الرجل قد يكون طاهر القلب، لكنّه لصّ يسرق وينهب، أو زان يعتدي على أعراض الناس، أو كذّاب يخادع من أمّنوه؟!!!

إن قال لا يلتقي طهر القلب مع فساد العمل؛ فكذلك نقول: لا تكون عفّة القلب مع كشف المرأة لما أمر الربّ سبحانه بتغطيته!

إنّ العفّة، نبتة عظيمة؛ أصلها وجذرها في القلب، وثمرتها بادية على الجوارح!!

وإنّ من فسد قلبها وغطّت جسدها، فإنّما هي تضع ثمارًا مزيّفة لم ترتوِ من نهر الطهر الجاري في قلبها!

 

بين الظاهر والباطن

رابعا/ إنّ المنصّر أمام ثلاثة حلول لا رابع لها:

1-لا يجتمع صلاح الباطن مع صلاح الظاهر.

2-صلاح الظاهر ليس شرطًا لصلاح الباطن.

3-صلاح الباطن شرط لصلاح الظاهر.

القول الأوّل يرفضه النصراني، ولا يقول به أشدّ الناس انحرافًا وفسادًا؛ إذ هو يعني أنّه لا بدّ أن تقع في الموبقات الأخلاقيّة؛ حتى تكون طاهر القلب من الخبائث!

القول الثاني لا يمكن أن يستقيم؛ لأنّه يشطر الكائن البشري إلى كيانين غير متمازجين ضرورة، وإنما قد يجتمعان وقد يفترقان.. فقد يكون الإنسان روحًا محلّقة في عالم الطهر، وجوارح غارقة في عالم الوحل..!! وإذا كانت الروح لا تغادر الجسد، وكانت الأحاسيس مرتبطة بالأفكار، وكان الفعل ناتجًا عن فكر ورغبة؛ فإنّه يغدو من السذاجة تصوّر النفس الإنسانيّة على أنها حزمة مشتتة متفرقة من الأفكار والأشواق والحوافز والأعمال، وأنّها لا تلتقي؛ لأنّها كيانات متباعدة متنافرة!

ولم يبق عندها إلا القول الثالث؛ وهو قول المسلمين الذي يقرّر التلازم بين الظاهر والباطن، والعلاقة الديالكتيكيّة بين داخل الإنسان وظاهره، وأنّه من الخطأ المحض الظنّ أنّ الإنسان قد يعيش بقلبه في عالم وبجسده في آخر؛ إذ العقل والواقع ينفيان الزعم بإمكانيّة أن يكون قلب المرء قطعة من نور، وجسده متمرّغًا في حمأة الفساد؛ ومادام الأمر محالاً؛ فإنّه لا بدّ من ستر ما يثير عوامل الإثارة عند الرجال والنساء؛ من عري يكشف اللحم الحرام، وملابس ضيّقة تكشف تفاصيل القوام، مع تطهير القلب من المحفّزات للمعصية ودواعي الفتنة؛ باستحضار علم الله بالمظهر والمخبر، والسرّ وأخفى، وتذكير النفس بما أخبر به الوحي من ثواب على الإحسان، وعقاب على الإفساد.

 

هل المرأة التي تعصي ربها سرًا حجة على الحجاب؟

خامسا/ لماذا تكون المرأة المحجّبة التي تعصي ربّها في الخلوات، حجّة على الحجاب؟!!

إنّ الحجاب هو دليل ظاهر على العفّة إن لم يخالطه فعل قبيح نراه بأعيننا.. أمّا الباطن وحقيقة القلوب فلا يعلمهما إلا الله جلّ وعلا.. وهو نفس قول النصارى في الراهبات مثلاً؛ إذ هم يرون الرهبنة دليلاً ظاهريًا على العفّة، وليس هناك من سبيل لمعرفة باطن الراهبات غير النظر في أعمالهن..

إنّ من عُلِم أنّها ترتدي الحجاب، لكنّها تأتي أبواب الفساد؛ فتلك منافقة ذات وجهين، وليس العيب في لباسها، وإنما في أنها لم تلتزم بقية الأحكام التي ترتبط بالحجاب ارتباطًا عضويًا لازمًا..

إنّ العيب الذي يطال من ترتدي الحجاب وتأتي أبواب الفساد، هو نفس العيب الذي يطال من يؤدّي الصلاة ولا ينتهي عن كثير من أبواب الحرام! فلماذا يعاير الحجاب إذا وُجدت (محجّبة) تحتال على الشرع، ولا تعاير الصلاة إذا وجد (مُصَلٍّ) غير ملتزم بعامة تعاليم دينه؟!!

 

الحجاب سبيل العفة

سادسا/ إنّ قضية المسلمة هي أنّ الحجاب سبيل إلى العفّة، فلا تشغل نفسها بالنظر إليه على أنّه دليل على العفّة.. إنّ غايتها هي أن تمنع بفعلها أسباب الفتنة ودواعيها، لا أن تبحث من خلال لباسها عمّن يقول عنها إنّها عفيفة..!

 

الافتتان بالمرأة

سابعا/ الغاية الأولى للحجاب، هي منع الرجل من الافتتان بالمرأة؛ وبالتالي فإنّ القول إنّ حجاب المرأة هو في القلب، يغدو بلا معنى؛ لأنّ الحجاب ليس مجرّد رمز بلا وظيفة، أو شكل بلا مضمون فاعل، وإنّما وظيفته تغطية مفاتن المرأة حتّى لا يتسلل الهوى الشيطاني إلى قلب الرجل، ويسوقه إلى الزنى وتوابعه.

 


 

المصدر:

سامي عامري، الحجاب فريضة الله في الإسلام واليهودية والنصرانية، ص49

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#شبهات-حول-الحجاب
اقرأ أيضا
فطرية السببية | مرابط
تعزيز اليقين

فطرية السببية


في عقولنا وفطرنا مبدأ يسمى بمبدأ السببية ويعني أن كل شيء وجد بعد أن لم يكن موجودا -وهو ما يسمى بالحادث- فإنه لا بد من سبب قد أدى إلى وجوده لقد غرس هذا المبدأ في فطرتنا كبشر لا مناص منه لأحد ولا يستطيع الإنسان الاقتناع بخلافه ولا يحتاج إلى إقامة الحجج والبينات على صحته..

بقلم: هادي صبري
375
الابتلاء بالسفهاء | مرابط
مقالات

الابتلاء بالسفهاء


الجامع المشترك بين أولئك السفهاء هو: اتباعهم للخواطر النفسية الغضبية الشيطانية دون مراجعة ومحاسبة عميقة توقفهم أمام المحكمات وتكفهم عن سوء الظن ووتحجبهم عن الاستعجال في الحكم على المسلمين وتذكرهم بخطورة موقف السؤال بين يدي الله تعالى عن حقوق المسلمين.

بقلم: أحمد يوسف السيد
502
حقوق الإنسان ونسبية الأخلاق عند عدنان إبراهيم | مرابط
فكر مقالات مناقشات

حقوق الإنسان ونسبية الأخلاق عند عدنان إبراهيم


وفي القرون السالفة كان نمط الأفكار والتقنية الصناعية بما تفرزه من حربية واتصالات بدائية تمنع من اعتبار العبيد طبقة ذات بال إنهم يجدون أن من الإحسان عدم إطلاقهم أحيانا في ظل صعوبة الاندماج في المجتمع هدى شعراوي تذكر في مذكراتها أن الجواري كن يبكين إن قيل لهن سنطلق سراحكن فتقول: الجواري عندما تعطي لهن ورقة العتق من الرق كن يبكين على حياة العبودية والأسر ماذا سيعملن أين سيبتن كأن الأمر أشبه بإلقائهن إلى المجهول كان من قمة الإحسان إلى الأمة جعل عتقها مهرها ويزوجها لسنفه موفرا عليها الاستغلال في...

بقلم: يوسف سمرين
1270
لا تمض في الحياة سبهللا | مرابط
تفريغات ثقافة

لا تمض في الحياة سبهللا


مما ذكر في الأثر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قوله: إني أكره الرجل يمشي سبهللا لا في أمر الدنيا ولا في أمر الآخرة .. إذا سألتك ما هو هدفك أو أهدافك خلال الأسبوع أو الشهر الحالي ولم يحضر في ذهنك شيء محدد بسرعة فأنت على خطر من أنك تمضي في الحياة سبهللا فارغا.. بشكل قد يضيع عليك الدنيا والآخرة.

بقلم: علي محمد علي
895
ابن تيمية وحياته الحافلة بالعطاء الجزء الثالث | مرابط
تفريغات

ابن تيمية وحياته الحافلة بالعطاء الجزء الثالث


سيبقى التراث الذي تركه لنا شيخ الإسلام ابن تيمية نبراسا للعلم نلتمس منه سبل الحق ونهتدي به في ظلمات الليل فحياة الرجل كانت رحلة مليئة بالعطاء والبذل دافع فيها عن دين الإسلام ونافح عن الوحي القرآن والسنة ولم يترك بابا ليلجه أهل الأهواء والباطل إلا وسده عليهم ورد عليهم سهامهم وانتصر لمذهب أهل السنة والجماعة وبين يديكم تفريغ لجزء من محاضرة هامة للشيخ الحويني يقف فيها على شخصية شيخ الإسلام وحياته وبذله

بقلم: أبو إسحق الحويني
886
الخصوصية الثقافية | مرابط
اقتباسات وقطوف

الخصوصية الثقافية


فالثقافات المتباينة تتحاور وتتناظر وتتناقش ولكن لا تتداخل تداخلا يفضي إلى الامتزاج البتة ولا يأخذ بعضها عن بعض شيئا إلا بعد عرضه على أسلوبها في التفكير والنظر والاستدلال فإن استجاب للأسلوب أخذته وعدلته وخلصته من الشوائب وإن استعصى نبذته واطرحته.

بقلم: محمود شاكر
319