تأثير استخدام الأدوات والتقنيات على المخ

تأثير استخدام الأدوات والتقنيات على المخ | مرابط

الكاتب: علي محمد علي

341 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

 

مخنا فيه قدرة مهمة جدًا اسمها المرونة العصبية neuroplasticity، المرونة العصبية هي قدرة المخ على التغير والتشكل على مدار حياتك. نتيجة الخبرات التي تتعرض لها البيئة التي تعيش فيها، أو التقنيات والأدوات التي تستخدمها، المرونة العصبية ممكن ينتج عنها تقويض دوائر عصبية خاصة بوظيفة معينة لو كنت تقول بهذه الوظيفة لو كنت تقوم بها في شكل دوري، وينتج عنها أيضًا ضعف في الدوائر العصبية الخاصة بأي وظيفة أنت توقفت عن القيام بها.

 

عضلات المخ

الأمر يأتي من العضلات، العضلات  التي تستخدمها في شكل دوري تكون قوية، والعضلات التي لا تستخدمها تضمر وتضعف. أي تقنية أو أداة تستخدمها، عادة تجعلك تستخدم قدرات ذهنية معينة بشكل أكبر، وتقلل اعتمادك على قدرات ذهنية أخرى.

 

وبالتالي استخدامك لهذه الأداة أو التقنية، يعيد تشكيل مخك، يقوي بعض القدرات الذهنية، ويضعف قدرات أخرى. الكتاب يضرب أمثلة لعدة أدوات وتقنيات قديمة، يعني انتشار استخدام الساعات مثلًا، كما ساعدنا في معرفه الوقت بدقة وسهولة، هو أضعف  قدراتنا على تخمين الوقت بالنظر لضوء النهار وشكل الظلال، لأن بمجرد وجود الساعة لم تعد هناك حاجة أن نركز مع الظواهر، التي تساعدنا على تخمين الوقت خلال اليوم.

 

في الواقع الساعات غيرت طريقة تفكيرنا عن الوقت، من كونه خط مستمر، إلى فترات زمنية متقطعة تقدر بالساعات والدقائق. وحتى شيء قديم مثل الكتابة، اعتمد الإنسان على كتابة الأشياء المهمة، حتى لا يفقدها، جعلته يقلل اعتماده على الذاكرة، وبالتالي نتج عنها ضعف في قوة الذاكرة.

 

ومثال آخر أيضًا يطرحه الكتاب عن كاتب مشهور في نهاية القرن التاسع عشر، هذا الكاتب استبدل الورقة والقلم بالآلة الكاتبة، بعد فترة من استخدامه لهذه الأداة الجديدة، لاحظ أن أسلوبه في الكتابة، تغير، لاحظ أنه أصبح يستخدم عبارات أكثر وكلمات أبسط في الكتابة، يمكن لأن الكتابة في الآلة الكاتبة بالنسبة له كانت أصعب من استخدام الورقة والقلم، فهذا بشكل غير واع جعله يستخدم أسلوب يسهل عليه الكتابة.

 

أي أن اختلاف الأداة جعله يغير أسلوبه في التعبير عن أفكاره، والملاحظة المهمة هنا أن هذا تم بدون قصد منه. هذا ليس معناه أن أداة معينة لها بعض السلبيات أنها سيئة في المجمل، أو المفروض أن تتوقف عن استخدامها. التصرف المنطقي أن نوازن بين قدر المنفعة الذي نحصل عليه من هذه الأداة وبين قدر الضرر الناتج عن استخدامها

 

ونختار من ثلاثة خيارات:

أن نستمر في استخدام التقنية رغم الضرر: ربما لأن الضرر بسيط مقارنة بمقدار المنفعة، يعني مثلًا أنا أستخدم أدوات رقمية لحفظ وتنظيم أفكاري ومشاريعي، هذا سينتج عنه أني سأقلل اعتمادي على ذاكرتي. وهذا ينتج عنه بعض الضعف في قوة الذاكرة مثلًا، ولكن أنا أرى أن هذا ضرر بسيط مقارنة بالفائدة الكبيرة التي أحصل عليها من حفظ وتنظيم أفكاري ومشاريعي، وسهولة تطويرها وتقليل الضغط النفسي وضمان عدم نسيان أي تفاصيل مهمة.

 

نستمر في استخدام التقنية لكن نحاول أن نصلح الضرر الناتج عنها: أي لو استخدمت نفس المثال السابق، أنا من الممكن أن أستمر في استخدام الأدوات الرقمية لحفظ وتنظيم أفكاري. وفي نفس الوقت ممكن أن أعمل تمارين لتقوية الذاكرة من وقت إلى آخر، وهذا الخيار يفترض أن المنفعة التي أحصل عليها، من التقنية هذه تستحق الجهد الإضافي الذي سأفعله لإصلاح الضرر الناتج عنها

 

نتوقف عن استخدام هذه التقنية: وهذا في حالة أن الضرر أكبر من المنفعة، ومقدار المنفعة لا يستحق الوقت والجهد الإضافي الذي من الممكن أن نضيعه في محاولة إصلاح الضرر. طبعًا اختيار أي واحد من هذه الخيارات، يتوقف على مدى معرفتك وتقديرك للمنفعة والضرر، أنت ممكن تستخدم أداة أو تقنية معينة، بدون أن تدرك بمقدار الضرر الحقيقي، الذي يسببه لك.

 

فلو سنتحدث عن الإنترنت كأداة تقنية، نستخدمها كلنا بشكل يومي حاليًا، بالنسبة للمنفعة، لن نتحدث عنها كثيرًا، فكلنا نعرف كم الفرص التي يتيحها الإنترنت، في مجالات العمل والتعلم والتواصل. استخدام الإنترنت أصبح ضرورة لمعظمنا، بشكل يجعل التوقف عن استخدامه لا يبدو خيارا مطروح من الأساس. أما بالنسبة للضرر، فهل نحن مدركين لكل أضرارها بشكل يسمح لنا حتى أننا نحاول إصلاح هذه الأضرار، ونقلل منها قدر الإمكان؟

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#المخ
اقرأ أيضا
العنصرية الأمريكية ضد العرب | مرابط
اقتباسات وقطوف

العنصرية الأمريكية ضد العرب


مقتطف من كتاب الحروب الهمجية يتحدث فيه الكاتب عن الرؤية الأمريكية للعرب والتي تقوم على العنصرية أو التعصب إذ يعد هذا هو المحرك الأبرز في التعامل مع كافة الأحداث ومن هنا توصف أعمال العنف التي يرتكبها الأمريكان أو إسرائيل على أنها دفاع عن النفس بينما أي عنف يرتكبه العرب يقع تحت وصف الإرهاب

بقلم: ستيفن سالايتا
561
خرافة قانون الجذب | مرابط
فكر اقتباسات وقطوف

خرافة قانون الجذب


إن الشريعة جاءت ببيان أن مجرد ما يتردد في النفس من الخواطر والأفكار فليس محلا للمؤاخذة أو المحاسبة ما لم ينتج عنه عمل وهؤلاء يريدون أن يجلعوا الخواطر السيئة بمجردها سببا لنزول المصائب والبلايا مطلقا مناقضين بذلك قوله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لي عن أمتي ما وسوسوت به صدورها ما لم تعمل أو تكلم فأصحاب قانون الجذب الفاسد يقلبون الموازين بحصر سبب المصيبة في تفكير من وقعت عليه مغفلين بذلك الأسباب الحقيقية التي أثبتتها نصوص الشرع وقواعد العقل الصحيح

بقلم: عبد الله العجيري
388
مفاهيم تحتاجها الأمة ج1 | مرابط
تفريغات

مفاهيم تحتاجها الأمة ج1


وأنا سأطرح بعض المفاهيم التي أشعر أن الأمة بحاجة لها وأخاطب بها كل مسلم رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا حاكما كان أو محكوما عربيا كان أو عجميا قريبا كان أو بعيدا يعيش في بلد محتل أو حر

بقلم: د راغب السرجاني
651
محاضن الفطرة.. غرائز الآباء | مرابط
اقتباسات وقطوف

محاضن الفطرة.. غرائز الآباء


أهم ما يقوي الفطرة السوية عند الأبناء غرائز وميول الآباء.. انتقاء الألفاظ والحياء والرحمة والصفاء النفسي وغيره مما ركب في نفس الأم السوية.. الشجاعة والكرم والمروءة والعدل ونحوه مما ركب في نفس الأب السوي.. محاضن الفطرة غرائز الآباء!

بقلم: محمد وفيق زين العابدين
357
من آثر الدنيا واستحبها | مرابط
اقتباسات وقطوف

من آثر الدنيا واستحبها


كل من آثر الدنيا من أهل العلم واستحبها فلا بد أن يقول على الله غير الحق في فتواه وحكمه في خبره وإلزامه لأن أحكام الرب سبحانه كثيرا ما تأتي على خلاف أغراض الناس ولا سيما أهل الرياسة والذين يتبعون الشبهات فإنهم لا تتم لهم أغراضهم إلا بمخالفة الحق ودفعه كثيرا فإذا كان العالم والحاكم محبين للرياسة متبعين للشهوات لم يتم لما ذلك إلا بدفع ما يضاده من الحق

بقلم: ابن القيم
861
منهج السلف في إثبات أسماء الله وصفاته ج2 | مرابط
تفريغات

منهج السلف في إثبات أسماء الله وصفاته ج2


لقد كان الصحابة يثبتون لله الأسماء والصفات كما أثبتها القرآن والسنة ولذلك نحن نقول: كلمة التوحيد قبل توحيد الكلمة وبين يديكم تفريغ لمحاضرة هامة للشيخ أبو إسحق الحويني يقف فيها على مسألة الأسماء والصفات وعقيدة السلف في ذلك

بقلم: أبو إسحق الحويني
802