هل يحق للنسويات انتقاد وضع المرأة في الإسلام؟

هل يحق للنسويات انتقاد وضع المرأة في الإسلام؟ | مرابط

الكاتب: حمود بن ثامر

368 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم يبعثون؛ أما بعد:

فبرزت في السنوات الأخيرة كتابات في وسائل التواصل الاجتماعي تحت شعار النسوية والانتصار للمرأة من المظلومية الأبدية (!) –بحسب زعمهن- وهي خضوعها لتسلط الرجل وعدم مساواتها به.

لن يكون المقال في بيان (حقوق المرأة ومكانتها في الإسلام) فتستطيع أن تنسخ الجملة السابقة التي بين قوسين وتضعها في محركات البحث فتقذف لك النتائج بكتابات رصينة تكفي طالب الحق.

ولن يكون المقال في بيان أن النسويات على اختلاف أنواعهن يعتبرن الرجل هو النموذج الأكمل الذي يجب تقليده وفعل كل ما يعد فعلًا خاصًا به، حتى تصل المرأة إلى الكمال!

إنما سيكون المقال إجابة على السؤال التالي:
هل يحق للنسويات على اختلاف مرجعياتهن الفكرية أو الفلسفية أن ينتقدن مكانة المرأة في الإسلام؟

والذي دفعني لطرح هذا السؤال أني أرى سجالات مختلفة بين النسويات والنسويين (1) من جهة وبين المدافعين عن الإسلام من جهة ... لكني لم أر بحسب اطلاعي من توقف لحظات وقال: هل يحق لكن ولأذنابكن من النسويين توجيه النقد أصلًا لمكانة المرأة في الإسلام أو على الأحكام التي اختصت بالمرأة في القرآن والسنة؟

النسويات لسن سواء في المشرب والمنزع ويمكن الكلام عن أقسامهن الرئيسية:
فمنهن الملحدة –وهن الأغلب- ومنهن الليبرالية (وهذا القسم فرع عن الملحدات) ومنهن النصرانية واليهودية...وهذا التقسيم لا يشمل المتأثرات بالطرح النسوي -التأثر اليسير- لأن وجود بعض التأثر عند بعض المنتسبات للإسلام لا يجعلهن قسمًا مستقلًا.

فهل يحق لأي واحدة من هذه الأقسام توجيه أصابع السب للإسلام وأحكامه؟ 
المشتغلون بهذه الفلسفات والأفكار والملل توصلوا للجواب مباشرة بحسب ما أظن.

فالملاحدة يقررون أن "الجنس البشري ليس إلا حثالة كيميائية على سطح متوسط الحجم"(2) وكذلك يقررون أنه لا وجود إلا للمادة فلا وجود لمعاني الظلم والعدل والأخلاق؛ قال ريتشارد داوكينز:" الكون في حقيقته بلا تصميم، بلا غاية، بلا شر ولا خير، لا شيء سوى قسوة عمياء لا مبالية(3) ... والداعي لمثل هذه الإشارات لهذه الاعتقادات الإيمانية للملاحدة أن النسوية ذات المرجعية الإلحادية ليس لها نقد مكانة المرأة في الإسلام أو الأحكام التي ميزتها كأنثى ووصفها بالظلم لأنه لا وجود لشيء مادي أصلًا اسمه ظلم يمكن قياسه وإثباته موضوعية في العلم التجريبي ومختبراته !

ناهيك عن نظرة أساطين الإلحاد وآلهة الملحدين للمرأة وجنسها؛ فهذا داروين طاغوت الملاحدة الأكبر يقول "المرأة أدنى في المرتبة من الرجل وسلالتها تأتي في درجة أدنى بكثير من الرجل"(4)

وأما النسوية الليبرالية، فليس لها أيضا انتقاد مكانة المرأة ولا أحكامها في الإسلام، لأن الليبرالية تقرر نسبية الحقيقة، أي الحق عندي ليس بالضرورة هو كذلك عندك، وهذه سفسطة يقررها عامة الليبراليين؛ يقول راسل: "إن الفيلسوف الليبرالي لا يقول: هذا حق، بل يقول في مثل هذه الظروف: يبدو لي أن هذا الرأي أصح من غيره"، وهذا أحد أئمتهم وهو تركي الحمد يصرح قائلا: "لن تكون متقدمًا أو صاحب أمل في التقدم؛ إذا قبلت الرأي على أنه حقيقة، والحقيقة على أنها مطلقة وليست نسبية" (5)

حينئذ جزم الكائن النسوي ذو المرجعية الليبرالية بأن المرأة في الإسلام مظلومة أو مهضومة الحقوق، وعمل المعارك والحملات المتعاقبة والاستعانة بالغرب لتأجيجهم على المسلمين هو مخالف ومناهض لنسبية الحقيقة وهو سعي من الليبرالية النسوية لفرض رؤيتها على أنها حقيقة مطلقة! وأين الحرية المزعومة -تنزلا أسأل-؟

وأما النسوية النصرانية واليهودية فهي آخر من يتكلم أو يهاجم الإسلام؛ فنصوص كتابهم المقدس فيها ما لا يوجد في الإسلام؛ ففي اليهودية مثلًا إذا مات الزوج يفرض على أخوته الزواج من زوجته ويكون ترتيب الحق بالأكبر ويعرض على البقية في حال رفضه...فهي كالمتاع الموروث!، وما يتعلق بحيضها ونفاسها وكيف تعامل بأنها نجسة تنجس كل ما لمست كفاية.

وأما في النصرانية فالأمثلة كثيرة وأقلها ليس للمرأة أن تتكلم في الكنيسة وهذا قبيح منها وإن أرادت أن تتعلم شيئًا فترجع للبيت وتسأل زوجها (6) مع أن هذه الأحكام التي لليهودية أو النصرانية لو ثبتت لن تشكل للمؤمن بها حرجا ولكن المراد من ذكرها أن من تنطلق من صحة تلك المرجعيات لا يحق لها انتقاد وضع المرأة في الإسلام!


الإشارات المرجعية:

  1. وهم رجال تبنوا طرح النسويات
  2. Stephen Hawking
  3. River out of Eden, p.131-132
  4. Darwin, the descent of man ,p. 326
  5. من هنا يبدأ التغيير ص347
  6. 1كورنثوس 14 : 34
تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#النسوية #المرأة-المسلمة
اقرأ أيضا
جيل الصحابة ومن بعدهم | مرابط
اقتباسات وقطوف

جيل الصحابة ومن بعدهم


مقتطف ماتع لشيخ الإسلام ابن تيمية من مجموع الفتاوى المجلد الرابع يتحدث فيه عن جيل الصحابة رضوان الله عليهم وكيف أنهم يفوقون من جاء بعدهم في كل شيء وفي كل فضيلة وعلم كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم بل هم يفوقون الناس جميعا في كل خصلة من خصال الخير

بقلم: شيخ الإسلام ابن تيمية
1961
تعاهد حفظ القرآن | مرابط
اقتباسات وقطوف

تعاهد حفظ القرآن


وكان الصحابة رضي الله عنهم وهم الذين خوطبوا بهذا الخطاب -أي الأمر بتعاهد القرآن- لم يكن منهم من يحفظ القرآن كله ويكمله على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا قليل منهم: أبي بن كعب وزيد بن ثابت ومعاذ بن جبل وأبو زيد الأنصاري وعبد الله بن مسعود وكلهم كان يقف على معانيه ومعاني ما حفظ منه ويعرف تأويله ويحفظ أحكامه وربما عرف العارف منهم أحكاما من القرآن كثيرة وهو لم يحفظ سورها قال حذيفة بن اليمان: تعلمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرآن وسيأتي قوم في آخر الزمان يتعلمون القرآن قبل الإيمان.

بقلم: ابن عبد البر
258
من فضائل أم سليم | مرابط
المرأة

من فضائل أم سليم


هذه أم سليم رضي الله عنها علمتنا هذا الأصل في الحديث المشهور كان لها ولد مريض ثم ذهب أبو طلحة للتجارة فمات الولد فقالت أم سليم: لا أحد يخبره حتى أكون أنا أول من يخبره.

بقلم: أبو إسحق الحويني
261
مسارات دراسة الدين من منظور جندري | مرابط
النسوية الجندرية

مسارات دراسة الدين من منظور جندري


وفي الغالب ما تعنيه النسويات بالأديان لا يتضمن بالضرورة فكرة النبوة والاعتقاد الحقيقي بوجود إله خالق للكون ولكنه بشكل أكبر يحيل إلى الجانب الروحاني من الوجود البشري المتضمن داخل تجارب الأفراد وبذلك يكون الحديث عن إعادة بناء الأديان أو تأسيس أديان خاصة متعارضا بشكل كامل مع المعنى المعروف للأديان والنبوة

بقلم: الحارث عبد الله بابكر
644
عداء اليهود للمسلمين الجزء الأول | مرابط
تفريغات

عداء اليهود للمسلمين الجزء الأول


تمكن المسلمون من فتح الأندلس ثم خرجوا منها وليس ذلك بسبب قوة أعدائهم وإنما بتفرق كلمتهم وتجزئهم وانقسامهم فأزال الله سبحانه وتعالى دولتهم وخرجوا من تلك الديار بعد أن عمروها مئات السنين واليوم في وسط بلاد المسلمين تقوم دولة لليهود اغتصبت جزءا من ديار المسلمين في أول الأمر ثم زادت عليه فأخذت فلسطين كلها وأخذت أجزاء أخرى من بلاد المسلمين وهي تطمع غدا في احتلال الأردن وسوريا ومصر والعراق وتصل إلى منابع النفط وإلى المدينة المنورة وإلى خيبر حيث كان يقيم آباؤهم وأجدادهم في الماضي

بقلم: عمر الأشقر
1200
التواصل الشبكي: إدمان أم مهرب | مرابط
اقتباسات وقطوف ثقافة

التواصل الشبكي: إدمان أم مهرب


ومن التصورات الشائعة: الظن أن العالم الجوهري في الإدمان الشبكي هو بفعل الجاذبية الاستثنائية للمحتوى على الإنترنت بحيث يخلب المرء عن المهام الأخرى وهذا التصور غير دقيق البتة فقد أكدت دراسات هذا الحقل أن الإدمان الشبكي كثيرا ما يكون آلية هروب نفسي

بقلم: إبراهيم السكران
421