ثغرات تسدها المرأة المسلمة: أعمال البر المطلقة

ثغرات تسدها المرأة المسلمة: أعمال البر المطلقة | مرابط

الكاتب: محمد صالح المنجد

392 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

وكذلك فإن هناك أنواعًا من أعمال البر عبارة عن ثغرات في عالم النساء، فمثلًا: كثير من البيوت التي فيها فقراء لا يدري عنهن إلا النساء.. عن طريق النساء تصل الأخبار فيما لا يدري عنه كثير من الرجال؛ فلانة أرملة.. فلانة عندها أيتام.. فلانة فقيرة، فمسألة جمع التبرعات للعوائل الفقيرة وإيصالها ورصد العوائل هذه النساء فيها أحسن من الرجال بمراحل، ولا إنكار في ذلك ولا مجادلة، وهذا معلوم ومشاهد ومجرب، وهناك عدد من النساء الخيرات اللاتي يقمن بالسعي على الأرملة واليتيم: (الساعي على الأرملة كالمجاهد في سبيل الله).. (أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين، وأشار بإصبعيه السبابة والوسطى صلى الله عليه وسلم).

 

بعض النساء يذهبن إلى المسجد لحضور المحاضرات، ولكنهن لا يكلفن أنفسهن حتى حفظ الأولاد من الصياح ولا المسجد من الوساخة، فإذا غادرت النساء مع الأولاد المصلى يتركنه في غاية الاتساخ وفي غاية القذارة، بل وربما تركت حفائظ الأطفال في المصليات والمساجد، وترك الطفل يبول على سجادة ستصلي عليها امرأة أخرى، أو يصلي عليها الرجال في صلاة الجمعة، ومن الذي يتحمل المسئولية والإثم؟ هذه المرأة المهملة التي جاءت إلى المسجد.

 

وما يحدث من النساء من اللغط وارتفاع الأصوات في المحاضرات والدروس وصلاة التراويح، وجعل المسجد مثل المقهى أو الحضانة التي تأتي إليه؛ لكي تنفس عن نفسها وعن مشكلاتها بالأحاديث مع أن هذا مكان عبادة، أو مكان تعليم ودرس ومناسبة محاضرة، أو إلقاء لأمورٍ من الأمور الشرعية، لكن كثيرًا من النساء لا يقمن بهذا.

 

كانت هناك ثغرة تسدها امرأة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فاسمعي حتى تعلمي ما هي المسافة بيننا؛ بين المرأة الآن ودروها في المسجد التي تأتي إلى المسجد، وبين المرأة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم:

 

روى الإمام البخاري رحمه الله تعالى: عن أبي هريرة: (أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فماتت، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عنها، فأخبروه أنها ماتت، قال: أفلا كنتم آذنتموني بها دلوني على قبرها، فأتى قبرها، فصلى عليها صلى الله عليه وسلم) هذا الحديث استدل به العلماء على فضل تنظيف المسجد، وأن هذه المرأة السوداء سأل النبي صلى الله عليه وسلم عنها لأنه افتقدها، كانت تقوم بمهمة تنظيف المسجد، ونحن الآن نقول: المسجد قد يكون فيه منظفين أو عمال، لكن على الأقل تنظف ما خلفت من الأشياء وما خلف غيرها لا بأس أن تقوم هي بسد خلل غيرها إذا جاءت إلى المسجد في محاضرة أو في درس.

 

من الأمور ومن أعمال البر والخير مثلًا: مساعدة من يريد الزواج في البحث عن امرأة، فهي تسأل، وهي التي تأتي بالعناوين والأسماء والمعلومات من العمر والدراسة.. ونحو ذلك، هذه مسألة تنجح فيها المرأة نجاحًا كبيرًا، لا يستطيع رجل أن يذهب ويقول: من عندكن من النساء وهاتين معلومات، لكن المرأة يمكن أن تقوم بهذا، وكانت النسوة من السلف يقمن بدور الخاطبات، وتتوصل إحداهن لتسعى في مشروع زواج فتكون من الدالات على الخير، والدال على الخير كفاعله، في موضوع الخطبة -أيضًا- يوجد هناك مجال متسع وهي ثغرة تقوم عليها النساء، حتى في تغسيل الميتة.. تغسيل الميتة هذه الآن ثغرة من الثغرات، ومعلوم أن المرأة تغسلها المرأة إلا إذا كانت ذات زوج أو محرم غسلها زوجها.

 

والمرأة تغسل المرأة، وإذا غسلتها احتسابًا فإن الله سبحانه وتعالى يأجرها أجرًا عظيمًا، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن المسلم الذي يغسل المسلم فيستره ولا يخبر بالسوء عنه، أن الله سبحانه وتعالى يستره ويثيبه بأجر عظيم يوم القيامة، وأن المرأة التي تلي أختها فتحسن كفنها، فإن الله سبحانه وتعالى يعوضها ويعطيها أجرًا عظيمًا يوم القيامة كما أنها أحسنت إلى أختها الميتة فغسلتها حسب السنة، وليس بالجهل والبدعة، لا بد في المسألة من علم؛ عن هشام بن حسان، عن الحسن قال: إذا ماتت المرأة ولم يجدوا امرأة تغسلها غسلها زوجها أو ابنها، وإن وجدوا يهودية أو نصرانية غسلتها، أي: كأن المرأة اليهودية والنصرانية مقدمة على الرجل المسلم؛ لأنه كما هو الحال في الطب.

 

وهو أيضًا ثغرة أخرى من الثغرات، فإن المرأة التي تعمل في مجال الطب وتمريض النساء تسد ثغرة، وتقدم أشياء كثيرة، الطبيبة المسلمة أولًا: تعلم المريضة أن الشفاء بيد الله، وتعطيها من الإرشادات الدينية ما ينفعها، وليس فقط تعطيها من الأدوية والنصائح الطبية ما يفيد جسدها، وإنما تعطيها من الأشياء الدينية ما يفيد دينها وعقيدتها، فالطبيبة إذًا هي من الداعيات إلى الله سبحانه وتعالى، بل هي في ثغرة عظيمة جدًا وتمثل القيام بدور كبير، وهذا الكلام نؤكد عليه كثيرًا، يشترط ألا يكون مجال العمل فيه منكرات تقع فيها المرأة، أما إذا كان مجال العمل فيه منكرات تقع فيها المرأة فإنها لا تشتغل فيه؛ لأنها تقدم دينها على أن تنفع الآخرين، لابد أن تنجو بنفسها هي ما طلب الله منها أن تقدم وتنفع الأخريات في مكان تضر فيه نفسها، هذه قضية مهمة، ولستِ مسئولة ما يحاسبك الله على ثغرة لماذا لم تسديها؟!

 

إذا كان يترتب على سدها مضرة عليك في دينك وفتنة لك، ووقوع في أمور من المنكرات أو فوران الشهوات، فلا شك أن هذا حرام، وليس بعذر أن تقولي: أعمل فيه وهي تكشف على عورات الرجال، أو ممرضة تمد يدها لتفحص الرجل، أو تأخذ حرارته وتقيس الضغط، ويترتب على ذلك أن تمسه، هذا حرام، لا يجوز لها هذا، ولا يجوز أن تعمل في هذا المجال ولا تسد هذه الثغرة، فإننا نقول في موضوع الثغرات: إن هناك عددًا من النساء يقعن في فخ الشيطان؛ يأتي إليها الشيطان يقول لها: هذه ثغرة وينبغي أن تسديها، وأن تشتغلي بها، وأن تدخلي في هذا المجال، وهذا فيه خير، ووسيلة دعوة، ومكان..إلخ، وفي النهاية نلاحظ إهمال الزوج والأولاد والوقوع في المنكرات.. اختلاط ونحو ذلك، وكم حصل من القصص المأساوية في هذا الأمر.

 

إذًا نقول: المرأة إذا وجدت مجالًا للخدمة ترقي النساء.. تغسل الميتة، فإذًا الثغرات التي لا يترتب عليها وقوع في منكر يجب على المرأة أن تتقدم لسدها، والتي يترتب عليها وقوع في منكر ومحرم فليست مسئولة عن سدها.

 


 

المصدر:

محاضرة ثغرات تسدها المرأة المسلمة

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#المرأة-المسلمة #البر
اقرأ أيضا
حتى لا تكون فتنة | مرابط
اقتباسات وقطوف

حتى لا تكون فتنة


مقتطف من تفسير ابن كثير رحمه الله لسورة الأنفال الآية وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ۚ فإن انتهوا فإن الله بما يعملون بصير وهنا ندرك معنى الفتنة وكيف فهمها الصحابة وكيف نظروا إلى القتال في حالة الفتنة وفي غير الفتنة

بقلم: ابن كثير
2344
مقصود طلب العلم | مرابط
اقتباسات وقطوف

مقصود طلب العلم


كثير من طلبة العلم ليس مقصودهم به إلا تحصيل رياسة أو مال ولكل امرئ ما نوى وأما أهل العلم والدين الذين هم أهله فهو مقصود عندهم لمنفعته لهم وحاجتهم إليه في الدنيا والآخرة كما قال معاذ بن جبل في صفة العلم: إن طلبه لله عبادة ومذاكرته تسبيح والبحث عنه جهاد وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة به يعرف الله ويعبد ويمجد الله ويوحد

بقلم: شيخ الإسلام ابن تيمية
410
ثغر اللسان | مرابط
مقالات

ثغر اللسان


واعلموا أن أكبر أعوانكم على لزوم هذه الثغور مصالحة النفس الأمارة فأعيوها واستعينوا بها وأمدوها واستمدوا منها وكونوا معها على حرب النفس المطمئنة فاجتهدوا في كسرها وإبطال قواها ولا سبيل إلى ذلك إلا بقطع موادها عنها فإذا انقطعت موادها وقويت مواد النفس الأمارة وانطاعت لكم أعوانها فاستنزلوا القلب من حصنه واعزلوه عن مملكته وولوا مكانه النفس الأمارة فإنها لا تأمر إلا بما تهوونه وتحبونه ولا تجيئكم بما تكرهونه ألبتة

بقلم: ابن القيم
714
إشكالات حول الحدود الشرعية | مرابط
أباطيل وشبهات تعزيز اليقين مقالات

إشكالات حول الحدود الشرعية


باب الحدود الشرعية من أكثر الأبواب التي تتعرض لهجوم العلمانيين وأعداء الملة والدين على مدار التاريخ ولا تجد حدا من حدود الله إلا وقد أثاروا فيها الخلاف وحاولوا النبش في كل التراث الإسلامي أملا في الوصول إلى رأي يدعم موقفهم وفي هذا المقال نقف أمام حد الرجم والردة وهما من أكثر الحدود تعرضا للنقد

بقلم: أحمد يوسف السيد
2113
مهارة الحفظ | مرابط
ثقافة

مهارة الحفظ


قدرة الحفظ لها لياقة تنمو بالمراس والمران والدربة والمزاولة ومعيار اللياقة أمران: أن تزيد كفاءة وفعالية المهارة وأن تثمر المهارة نتائجها دون مشقة وتعب مفرط. وهذان يحصلان كما سبق بكثرة التمرين واستمراره.

بقلم: إبراهيم السكران
324
مناظرة الباقلاني مع ملك الروم ج2 | مرابط
مناظرات

مناظرة الباقلاني مع ملك الروم ج2


اشتهر أبو بكر الباقلاني بمفصاحته وقدرته على المناظرة والبيان والذب عن الإسلام وقد ناظر في عهده الكثير من النصارى أشهر هذه المناظرات كانت لما أرسله عضد الدولة إلى ملك الروم الأعظم ليظهر له رفعة الإسلام ويناظره في معتقده وبالفعل جرت المناظرة بينهما واستعان ملك الروم بكثير من علماء النصارى حتى يقدروا عليه وكان المناظرة سبب في إسلام الكثير من النصارى وأظهر الباقلاني فصاحة عالية ورؤية ثاقبة وقدرة مبهرة على الرد والبيان

بقلم: القاضي عياض
2070