النسوية من الفكر إلى العرف

النسوية من الفكر إلى العرف | مرابط

الكاتب: د. حامد الإدريسي

368 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

النسوية لم تعد فكرا، لقد تحولت إلى عرف في كثير من المجتمعات، وهذه أخطر مراحل تطور الأفكار، أي أنها لم تعد تؤثر في المثقفين، لقد تحولت إلى نمط عيش أغلب المجتمعات المسلمة…

ومن الأفكار النسوية التي نجحت في هذا التغلغل والانتقال من الفكر إلى العرف:
مفهوم المرأة الناجحة: ويقصد بها المرأة التي لم تعد بحاجة إلى الرجل، وقد تم تسويق هذا المفهوم عبر الأفلام المصرية في الخمسينات، حتى أصبح في وجدان المجتمع أن المرأة الناجحة هي العاملة، أما ربة البيت، فهذه مسكينة مقهورة، وانتقل ذلك إلى الوعي العام، حتى أصبحت ربة البيت تعرّف نفسها وهي تشعر بشيء من الخجل، وكأنها تقول : أنا ربة بيت مع الأسف.

عمل المرأة

عمل المرأة: وهو العمود الفقري للفكرة النسوية، التي تنطلق من أن المرأة شقيقة الرجل ليس في الأحكام فقط كما في الحديث، بل شقيقته في الأدوار والمهام والمسؤوليات والواجبات والمكانة، وعليه فإن عدم خروجها للعمل بطالة واحتقار وتضييع للوقت والجهد وحرمان للمجتمع من نصف طاقاته، وهو مفهوم لم تعرفه المجتمعات المسلمة قبل القرن العشرين، لقد أصبحت رفيدة الأسلمية أكثر شهرة من فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وأصبحت الشفاء التي كذب عليها ونسب إليها أنها محتسبة السوق، أصبحت أشهر من رقية وأم كلثوم بنتا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وأشهر من أم الحسين ورملة وأم هانئ وأم كلثوم وفاطمة ورقية وميمونة وزينب الصغرى وخديجة وأمامة وكلهن بنات علي رضي الله عنه.

الشهادات

الحرص على الشهادات: وهي من أخفى الأفكار النسوية التي سيطرت على العقل اللاواعي، حتى أصبح الأب يستهين بكل ما يواجه ابنته من الفتن في سبيل الشهادة، ويرفض تزويجها قبل أن تحصل على شهادتها، ثم يغلف ذلك باسم العلم، ولا علاقة للشهادة بالعلم، فالتعلم غير التمدرس.

زواج القاصر

زواج القاصر: وهو مفهوم خطير، تم تمريره حتى أصبحت ردة فعل المجتمع من زواج فتاة في الثالثة عشر من عمرها هو الاستهجان والاستنكار، حتى إن الكلمة الأولى التي ستسمعها : مسكينة حرموها من طفولتها، ولعلك أنت أيضا قارئي الكريم تشعر بذلك، وتجد في قلبك انقباضا حين تسمع أن فتاة تزوجت في هذا العمر، وكأني بك تتحرج من زواج عائشة رضي الله عنها وهي ابنة سبع سنين، فإذا وجدت في قلبك شيئا من ذلك فاعلم أنه من تأثير النسوية.

شيطنة الرجل

شيطنة الرجل: سواء كان أبا أو زوجا، فالأصل في الرجل حسب هذا العرف أنه يريد أن يقيد المرأة ويتحكم فيها، وعليها أن تناضل كي تتحرر من هذه القيود وتنتصر على هذا الآسر الخبيث، ولذلك لم يعد حتى الأب قادرا على إلزام ابنته بالحجاب، لأنه لا يريد أن يتحكم فيها، أي أنه يخشى من انطباق تلك الصورة عليه.

كثرة الأبناء والاشمئزاز

الاشمئزاز من كثرة الأبناء: حيث ترسخ في اللاوعي أن الأسرة الراقية هي التي فيها ولد وبنت، وتم ذلك عبر سنوات من الترسيخ لتلك الصورة التي ستراها معلقة في كل إعلان: رجل وامرأة متبرجة معهما ولدان تبدو عليهما السعادة.
تخوين تعدد الزوجات: بل لا تستغرب أن تجد المرأة اليوم ترى ذلك انتقاصا من كيانها وإهانة لها، بل إن المجتمع يعتبر التعدد نقضا لعهد الحب وانتكاسة في العلاقة الزوجية وخرما للوفاء، وكأن رسولنا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن وفيا حين خرج إلى غزوة ورجع ومعه صفية بنت حيي حاشاه فهو سيد الأوفياء.

الزواج شراكة

الزواج شراكة: وهي فكرة امتزجت بالوجدان الجمعي للمجتمع، حتى أصبح الشاب يبحث عن شريكة لا زوجة، ولم يعد يشعر بواجبه كقوام على زوجته ومقوم لاعوجاجها، بل أصبح يراها ندا لا يفعل شيئا إلا بمشاورتها وإقناعها، بل سلم كثير منهم القوامة للزوجة خصوصا حين أصبح معتمدا على مالها الذي تكسبه من خروجها اليومي من البيت.

بين الخروج والقرار

الخروج أصل والقرار حرمان: لقد أصبحت المرأة ترى القرار في البيت سجنا بين أربعة جدران، وأصبح عيش المرأة مشابها لعيش الرجل، فكلاهما يغادر بيت الزوجية صباحا ويعود إليه مساء، ولا أحد يرى في ذلك إشكالا أصلا، فقوله تعالى {وقرن في بيوتكن} قد أصبح خاصا بأمهات المؤمنين كما يقول شيوخ النسوية.

خدمة الزوج

الترفع عن خدمة الزوج: وقد أصبحت هذه الفكرة محورية في العلاقات الزوجية، خصوصا حين استخرج لهم شيوخ النسوية من بطون الخلاف الفقهي ما هو في إطار الحقوق والتقاضي ليضعوه في إطار المعاشرة بالمعروف، وأفهموهم أنه ليس على المرأة خدمة زوجها، وأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كان يخدم نفسه بنفسه، مع أنه لم يثبت لنا يوما أنه صلى الله عليه وآله وسلم طبخ لنفسه طعاما، أو غسل ثوبا، أو نظف بيتا.

التبرج والاختلاط

قبول التبرج والتزامل والاختلاط: حيث أصبحت المرأة تخرج من بيتها يوميا من الصباح إلى المساء، بسروالها اللاصق وقميصها المزركش، وخرقة متناسقة مع ألوان السروال تضعها فوق رأسها، وقليلا من المكياج تخفي به الهالات، ثم تحضر درسا علميا وسط الرجال، وتقوم فوق المنصة لتلقي بصوتها الشجي قصيدة، ولا يشعر أحد بأن ثمة خطأ ما، وحتى أصبح الرجل يلتقي الرجل فيقول له كيف حالك يا فلان، أنا زميل زوجتك فلانة، فيقول له أهلا وسهلا بك.

القوانين الشرعية والوضعية

استبعاد القوانين الشرعية واستبدالها بالوضعية: وقد تغلغل ذلك حتى في كثير من المفتين والمشايخ، فأصبحوا يبررون القوانين وإن خالفت المذاهب الأربعة، فمثلا في المغرب لا يقع الطلاق الشفهي مع إجماع العلماء على وقوعه.

إن هذه الأفكار قد تحولت إلى الوعي المجتمعي ولم تعد مجرد أطروحات فكرية في بطون الكتب أو في أروقة الجامعات، بل ستسمعها من جدتك وأمك وخالتك، وستجدها في القرية والمدينة والسهل والجبل، وهو ما يعني انحرافا شموليا في بوصلة المجتمع، لذلك فإن كثرة الطلاق ما هي إلا مؤشر من بين كثير من المؤشرات التي تدلك على أن المجتمع يتجه بسرعة نحو انهيار اجتماعي قد لا يسهل تجنبه إلا لمن لطف الله به.

فعلى كل أب وأخ وزوج أن يستشعر الخطر ويبدأ برنامجا عمليا لينقذ أسرته وبناته من هذا التسونامي العالمي، ولا يكون ذلك إلا بعكس هذه الأفكار ومحوها من العقول، وهو ما نحاول أن نقوم به رغم ضعف الهمة وقلة الناصر، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#النسوية
اقرأ أيضا
هل يحق للنسويات انتقاد وضع المرأة في الإسلام؟ | مرابط
النسوية

هل يحق للنسويات انتقاد وضع المرأة في الإسلام؟


وأما النسوية الليبرالية فليس لها أيضا انتقاد مكانة المرأة ولا أحكامها في الإسلام لأن الليبرالية تقرر نسبية الحقيقة أي الحق عندي ليس بالضرورة هو كذلك عندك وهذه سفسطة يقررها عامة الليبراليين يقول راسل: إن الفيلسوف الليبرالي لا يقول: هذا حق بل يقول في مثل هذه الظروف: يبدو لي أن هذا الرأي أصح من غيره

بقلم: حمود بن ثامر
367
الذكاء الاصطناعي وموجة إنكار الإله | مرابط
فكر الإلحاد

الذكاء الاصطناعي وموجة إنكار الإله


قبل عشرة أعوام بالتمام صدر فيلم أمريكي حقق نجاحا كبيرا برغم أنه من الأفلام التي تناقش فلسفات خطيرة جدا. كان من أهم الفلسفات التي ناقشها مسألة الوعي الذاتي وهل إذا طورت آلة وعيا خاصا بها تصنع به ديناميكيات واستراتيجيات لإدارة حياتها لا بمعزل عن الإنسان بل لتدمير الإنسان نفسه إن اصطدم بطموحاتها تصبح تلك الآلة مخلوقا؟ وحينها يصبح الإنسان خالقا؟

بقلم: عمرو عبد العزيز
513
في وصف شيخ الإسلام ابن تيمية وأصحابه | مرابط
اقتباسات وقطوف

في وصف شيخ الإسلام ابن تيمية وأصحابه


واجتمعت بطائفة بدمشق من الله بهم علي فوجدتهم عارفين بأيام النبوة والسير الصحابية ومعاني التنزيل وأصول العقائد المستخرجة من الكتاب والسنة.عارفين بأذواق السالكين وبداياتهم وتفاصيل أحوالهم يرونها من كمال الدين لا يتم الدين إلا بها ولا تشبه أنفاسهم أنفاس أهل العصر من فقهائهم وصوفيتهم.

بقلم: عماد الدين الواسطي
427
نحن المسلمين | مرابط
فكر مقالات

نحن المسلمين


لا نهن ولا نحزن ومعنا الله ونحن نسمع كل يوم ثلاثين مرة هذا النداء العلوي المقدس هذا النشيد القوي: الله أكبر البطولة سجية فينا وحب التضيحة يجري في عروقنا لا تنال من ذلك صروف الدهر ولا تمحوه من نفوسنا أحداث الزمان لنا الجزيرة التي يشوى على رمالها كل طاغ يطأ ثراها ويعيش أهلها من جحيمها في جنات

بقلم: علي الطنطاوي
1462
مراجعة العلماء | مرابط
اقتباسات وقطوف

مراجعة العلماء


مقتطف هام للعلامة عبد الرحمن المعلمي اليماني يشير فيه إلى ضرورة مراجعة العلماء لبعضهم خصوصا لو وقع أحدهم في خطأ ما بدلا من التشنيع عليه مباشرة دون مذاكرته أو مراجعته أو تنبيهه لما بدر منه من خطأ وهذا يحدث كثيرا في عصرنا فقد نأى كل عالم بنفسه وانقطعت حبال التواصل

بقلم: عبد الرحمن المعلمي اليماني
2195
شبهة تشابه الإسلام مع الزرادشتية | مرابط
أباطيل وشبهات

شبهة تشابه الإسلام مع الزرادشتية


إن الزرادشتيين المتأخرين الذين كانوا يعيشون في الدولة الإسلامية هم من سرق شرائع الإسلام ووضعوها في كتبهم وهذا مثل الترجوم الثاني لإستر في الديانة اليهودية فأصله قديم إلى ما قبل الميلاد لكن النسخة التي يأخذون منها التشابه مع الإسلام تعود إلى ما بعد الإسلام بقرون وقد أثبت علماء التوراة اختلاف النسختين وعدم وجود التشابه مع القرآن في النسخة الأقدم وكذلك في الزرادشتية فهؤلاء قوم يعدلون كتبهم كل فترة

بقلم: موقع هداية الملحدين
681