معركة النسيان والتذكر

معركة النسيان والتذكر | مرابط

الكاتب: كريم حلمي

359 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

من أهم المعارك الإنسانية الداخلية معركة النسيان والتذكر! .. ولذلك فإن القرآن يحدثنا كثيرًا عنهما، ويقابل بينهما في مواضع كثيرة أيضًا، كقوله تعالى: "اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ"، وقوله جل وعلا: "وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَىٰ مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ"، وقوله سبحانه: "وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ"، وقوله تعالى: "فَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ" ..

وداء النسيان هذا هو الذي قد يجعل الإنسان إذا نزل به البلاء انهمك في أسباب الدنيا وغفل عن الفرار إلى الله سبحانه وشكاية البث والحزن إليه!

ومن ذلك أننا نؤمن بالجنة والنار، لكن من آمن بذلك حق الإيمان كأنه رأي عين = لم يعص الله سبحانه، لكننا نعصي، وذلك لأننا ننسى، كما اشتكى حنظلة للنبي صلى الله عليه وسلم: "عافَسْنا الأزْواجَ والأوْلادَ والضَّيْعاتِ، ونَسِينا كَثِيرًا" ..

فينبغي للمؤمن إذا نزل به البلاء أن يجتهد في التذكر، "إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ"، حتى التقي قد يصيبه مس من الشيطان، المهم أن يتذكر فيبصر!

والأهم من ذلك أن يكون الإنسان دائم التذكير لنفسه في حال اليُسر لكيلا تخونه في حال العسر، وهذا من معاني قول النبي صلى الله عليه وسلم: "تعرّف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة"، ومن معرفته لك في الشدة أنه يذكّرك، كما وقع ليوسف عليه السلام، "وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ"، فذكّره وبصّره وصرف عنه السوء والفحشاء لما كان عليه من حال الإخلاص ومقتضيات الاستخلاص!

ولذلك فإن من أعظم وظائف المسلم أوراده الحيّة النابضة في الحضر والسفر والرخاء والشدة، فإنها عصمة من النسيان، ولُب ذلك وأصله والمجزئ منه = الصلاة وما فيها من قرآن وذكر، ولُبها الفاتحة، ولذلك كانت لزامًا في الرخاء والشدة واليسر والعسر، ومن استزاد زاده الله، والدواء بقدر الداء والحاجة، وما أحوجنا والله! وما أعظم الأدواء وأكثرها!
والله المستعان!
اللهم غفرًا وسلامة!

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#النسيان #التذكر #كريم-حلمي
اقرأ أيضا
من علوم اللغة: النحو | مرابط
تفريغات لسانيات

من علوم اللغة: النحو


الشافعي رحمه الله لم يشتغل بدراسة العلم حتى جلس في قبيلة هذيل وحتى حفظ عشرين ألفا من أشعارهم ونحو هذا كثير جدا في حال سلفنا فمن لم يكن ذا سلاح من علم النحو لا يمكن أن يفهم ولا أن يفتي في كثير من المسائل

بقلم: محمد الحسن الشنقيطي
332
دلالة المخلوقات على الخالق | مرابط
تعزيز اليقين

دلالة المخلوقات على الخالق


إن كل شيء يدل على وجود الله تعالى إذ ما من شيء إلا وهو أثر من آثار قدرته سبحانه وما ثم إلا خالق ومخلوق والمخلوق يدل على خالقه فطرة وبداهة إذ ما من أثر إلا وله مؤثر كما اشتهر في قول الأعرابي الذي سئل: كيف عرفت ربك؟ فقال -بفطرته السليمة: البعرة تدل على البعير والأثر يدل على المسير أفسماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج وجبال وبحار وأنهار أفلا تدل على السميع البصير؟

بقلم: سعود العريفي
310
قوة العرب المعطلة | مرابط
فكر مقالات

قوة العرب المعطلة


بالإسلام يلم الشرق شعثه ويستعيد قوته وتنمو فيه أخلاق الرجولة ويتأهل لمشاركة الأمم في حمل عبء الحضارة واحتلال المحل الشريف من صف القيادة وإذا دبت في الإسلام روح الحياة فعاد إلى ما كان عليه من صفاء وبهاء وصراحة في عصر السعادة وفي أيام التابعين- فستجد فيه الإنسانية دواءها من أوصابها وسيتقي به البشر طغيان القوميات الذي يتمخض بمذبحة جهنمية تحترق بها الأرض

بقلم: محب الدين الخطيب
1624
حاجة النبي للوحي وتأخره: دليل على مصدرية القرآن | مرابط
تعزيز اليقين اقتباسات وقطوف

حاجة النبي للوحي وتأخره: دليل على مصدرية القرآن


إذا تأملت الحالات والمواقف التي كان النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة إلى نزول الوحي ولكنه كان يتأخر ستدرك بشكل قاطع أن هذا القرآن ليس من عند النبي كما ادعى أولياء الشيطان زورا وظلما وبهتانا ولكنه وحي من عند الله وإلا لو كان غير ذلك لسهل على النبي -حاشاه- أن يصدر كلاما من تلقاء نفسه وينسبه للوحي وهذا الكلام المقتطف للدكتور محمد عبد الله دراز يناقش إحدى الحوادث التي كان فيها النبي في حاجة للوحي ولكنه تأخر

بقلم: محمد عبد الله دراز
1991
مشهد السفينة واللجوء إلى الله | مرابط
مقالات

مشهد السفينة واللجوء إلى الله


هذه الصورة التي يكررها القرآن عن السفر بالسفن واليخوت انقلها بحذافيرها إلى وسيلة نقل مشابهة كالطائرة أو القطارات أو السيارات وتأمل كيف يكون الإنسان فيها قلقا وخصوصا إذا مر بظروف طبيعية كرياح تثير الاضطراب ثم إذا نزل على الأرض نسي استكانته وتضرعه وعزيمته على الاستقامة.. تذكر هذه الصورة التي نمر بها وأعد قراءة آية يونس وآية الإسراء السابقتين تنكشف لك من معاني الإيمان والتعلق بالله مالم يخطر ببالك..

بقلم: إبراهيم السكران
206
التقدمية والرجعية | مرابط
فكر مقالات

التقدمية والرجعية


وإذا كان في هذا العصر تقدم العلم وازدهار الحضارة فإن فيه الحروب المدمرة والقنابل المبيدة والتهتك والفساد وفي هذا العصر تركنا اليهود يسلبوننا قطعة من قلب بلادنا ويستأثرون بها دوننا ويشردون أبناءها حتى يتفرقوا فوق كل أرض وتحت كل نجم وقبل ألف سنة كان أسلافنا يركبون الإبل لا يعرفون السيارات ولا الطيارات ويعيشون على السرج ومصابيح الزيت ولكنهم كانوا سادة الدنيا وكانوا أعز الأمم

بقلم: علي الطنطاوي
1442