الديمقراطية والاستبداد: الأصل المشترك

الديمقراطية والاستبداد: الأصل المشترك | مرابط

الكاتب: خالد العبيوي

618 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

الديمقراطية لم تكن أبدًا، حسب أفلاطون، نظام حكم عادل وفاضل، إنها تبعا لذلك تتحول إلى طغيان واستبداد. وفي كتابه "الجمهورية" رأينا كيف ينشأ الطغيان في الأصل من الديمقراطية، فالحرية المتطرفة والفوضى وعدم احترام القوانين، والثورة والتمرد إزاء كل ضغط، والمساواة بين غير المتساوين، لهذه الأسباب تتحول الدولة الديمقراطية إلى دولة للاستبداد، حيث يقول أفلاطون في هذا الصدد "هكذا تنشأ الحكومة الاستبدادية بطريقة طبيعية من الحكومة الديمقراطية، أي أن الحرية المتطرفة تولد أكمل وأفظع أنواع الطغيان.

فالشعب الذي أفرز النظام الديمقراطي، قادر بدوره على إنشاء نظام استبدادي، هنا يكمن الأصل المشترك بينهما. حيث يقول أفلاطون: الشعب، فإن من عادته دائمًا أن يختار شخصًا يفضله ويجعل منه نصيرًا وقائدًا له. ويضفي عليه قوة متزايدة وسلطانا هائلًا.
وفي نفس السياق يقول أيضًا: إن زعيم الشعب عندنا يجد نفسه سيدا مطاعًا، لا يجد غضاضة في سفك دماء أهله. فهو يسوقهم إلى المحاكمة بتهم باطلة.
هنا يتحول الحاكم الديمقراطي إلى طاغية. وقد أبدع أفلاطون في وصف مسار هذا الطاغية، قائلًا: في الأيام الأولى.. لا يلقى كل من يصادفه إلا الابتسام والتحية، ويستنكر كل طغيان، ويجزل الوعود للخاصة والعامة، ويعفي من الديون ويوزع الأرض على الشعب وعلى مؤيديه، ويتصنع الطيبة والود مع الجميع.. ولكن عندما يتم له التخلص من أعدائه الخارجيين، بالتفاوض مع بعضهم، وقهر البعض الآخر وعندما يأمن هذا الجانب، فإنه لا يكف أولًا عن إشعال حرب تلو الأخرى، حتى يشعر الشعب بحاجة إلى قائد.. وكذلك حتى يضطر المواطنون الذين أفقرتهم الضرائب إلى الانشغال بكسب رزقهم اليومي، بدلا من أن يتآمروا عليه... إنه مضطر إلى إشعال نيران الحرب من أجل تصفية خصومه

 


 

المصدر:

خالد العبيوي، مشكلات الديمقراطية، ص34

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الديمقراطية
اقرأ أيضا
مسارات دراسة الدين من منظور جندري | مرابط
النسوية الجندرية

مسارات دراسة الدين من منظور جندري


وفي الغالب ما تعنيه النسويات بالأديان لا يتضمن بالضرورة فكرة النبوة والاعتقاد الحقيقي بوجود إله خالق للكون ولكنه بشكل أكبر يحيل إلى الجانب الروحاني من الوجود البشري المتضمن داخل تجارب الأفراد وبذلك يكون الحديث عن إعادة بناء الأديان أو تأسيس أديان خاصة متعارضا بشكل كامل مع المعنى المعروف للأديان والنبوة

بقلم: الحارث عبد الله بابكر
641
التصور الإسلامي للنسوية: الجزء الأول | مرابط
فكر مقالات النسوية

التصور الإسلامي للنسوية: الجزء الأول


تستعرض المؤلفة في هذا المقال بعض القواعد والأسس والكليات والأصول الدينية التي فيها رد ضمني على منطلقات التيار النسوي ومرتكزاته وأعمدته الفلسفية والفكرية سنرى هنا كيف تعامل الإسلام مع المرأة وما هي صورة المرأة في الإسلام هل فعلا هناك ظلم واقع عليها أم لا وهل هناك دونية أو نظرة استعلاء من قبل الرجل للمرأة في الإسلام أم لا وغير ذلك من التساؤلات والمرتكزات النسوية

بقلم: د وضحى بنت مسفر القحطاني
2369
الرزق الحلال واستجابة الدعاء | مرابط
اقتباسات وقطوف

الرزق الحلال واستجابة الدعاء


مقتطفات من كتاب جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثا من جوامع الكلم للإمام زين الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن شهاب الدين الشهير بابن رجب رحمه الله وهو من أشهر وأبرز المؤلفات الجامعة لأصول وكليات الدين

بقلم: ابن رجب الحنبلي
444
تحريم الخمر بين وازع السلطان ووازع الإيمان | مرابط
اقتباسات وقطوف

تحريم الخمر بين وازع السلطان ووازع الإيمان


مقتطف من كتاب لا إله إلا الله عقيدة وشريعة ومنهاج حياة للأستاذ محمد قطب يقارن فيه بين المجتمع المسلم الأول والدول المعاصرة فيما يخص تحريم الخمر والفارق الشاسع بين الاستناد إلى الوازع الإيماني داخل الناس وبين اللجوء فقط إلى وازع السلطان والقانون في التحريم والتحليل

بقلم: محمد قطب
462
مسالك الهوى | مرابط
اقتباسات وقطوف

مسالك الهوى


مقتطف جميل للعلامة عبد الرحمن المعلمي اليماني من كتاب القائد إلى تصحيح العقائد يشير فيه إلى الهوى وكيف أن له مسالك دقيقة قد تتسلل إلى الإنسان حتى من أبواب الخير أو من الأمور التي ظاهرها فيه خير وصلاح ونفع له ولغيره ولكن الهوى مع ذلك يجد طريقه إلى القلب من أدق وأخفى المسالك

بقلم: عبد الرحمن المعلمي اليماني
2223
بين العمل المادي والعمل الإنساني: المرأة أنموذجا | مرابط
اقتباسات وقطوف

بين العمل المادي والعمل الإنساني: المرأة أنموذجا


لعله قد يكون من المفيد ألا نتحدث عن حق المرأة في العمل أي العمل المنتج ماديا الذي يؤدي إلى منتج مادي سلع - خدمات. ونعيد صياغة رؤية الناس بحيث يعاد تعريف العمل فيصبح العمل الإنساني أي العمل المنتج إنسانيا وبذلك نؤكد أسبقية العمل الإنساني على المادي والطبيعي

بقلم: د. عبد الوهاب المسيري
387