معركة النسيان والتذكر

معركة النسيان والتذكر | مرابط

الكاتب: كريم حلمي

383 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

من أهم المعارك الإنسانية الداخلية معركة النسيان والتذكر! .. ولذلك فإن القرآن يحدثنا كثيرًا عنهما، ويقابل بينهما في مواضع كثيرة أيضًا، كقوله تعالى: "اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ"، وقوله جل وعلا: "وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَىٰ مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ"، وقوله سبحانه: "وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ"، وقوله تعالى: "فَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ" ..

وداء النسيان هذا هو الذي قد يجعل الإنسان إذا نزل به البلاء انهمك في أسباب الدنيا وغفل عن الفرار إلى الله سبحانه وشكاية البث والحزن إليه!

ومن ذلك أننا نؤمن بالجنة والنار، لكن من آمن بذلك حق الإيمان كأنه رأي عين = لم يعص الله سبحانه، لكننا نعصي، وذلك لأننا ننسى، كما اشتكى حنظلة للنبي صلى الله عليه وسلم: "عافَسْنا الأزْواجَ والأوْلادَ والضَّيْعاتِ، ونَسِينا كَثِيرًا" ..

فينبغي للمؤمن إذا نزل به البلاء أن يجتهد في التذكر، "إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ"، حتى التقي قد يصيبه مس من الشيطان، المهم أن يتذكر فيبصر!

والأهم من ذلك أن يكون الإنسان دائم التذكير لنفسه في حال اليُسر لكيلا تخونه في حال العسر، وهذا من معاني قول النبي صلى الله عليه وسلم: "تعرّف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة"، ومن معرفته لك في الشدة أنه يذكّرك، كما وقع ليوسف عليه السلام، "وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ"، فذكّره وبصّره وصرف عنه السوء والفحشاء لما كان عليه من حال الإخلاص ومقتضيات الاستخلاص!

ولذلك فإن من أعظم وظائف المسلم أوراده الحيّة النابضة في الحضر والسفر والرخاء والشدة، فإنها عصمة من النسيان، ولُب ذلك وأصله والمجزئ منه = الصلاة وما فيها من قرآن وذكر، ولُبها الفاتحة، ولذلك كانت لزامًا في الرخاء والشدة واليسر والعسر، ومن استزاد زاده الله، والدواء بقدر الداء والحاجة، وما أحوجنا والله! وما أعظم الأدواء وأكثرها!
والله المستعان!
اللهم غفرًا وسلامة!

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#النسيان #التذكر #كريم-حلمي
اقرأ أيضا
التوفيق بين الإسلام والفكر الحديث: نموذج محمد عبده | مرابط
مقالات

التوفيق بين الإسلام والفكر الحديث: نموذج محمد عبده


كانت إحدى غايات محمد عبده الرئيسية أن يظهر إمكان التوفيق بين الإسلام وبين الفكر الحديث وأن يبين كيفية تحقيق ذلك وقد اشترك في مناقشتين حول هذا الموضوع إحداها مع المورخ الفرنسي هانوتو والأخرى مع اللبناني المستمصر فرح أنطون كان الجدل من مقومات فكره غير أن الجدل له أخطاره ففي الدفاع عن النفس قد يصبح المجادل أقرب إلى خصمه مما كان يظن.

بقلم: ألبرت حوراني
381
القراءة الحداثية للسنة النبوية عرض ونقد | مرابط
فكر مقالات

القراءة الحداثية للسنة النبوية عرض ونقد


ثم كانت الخطورة حينما بدأ نفر من أبناء جلدتنا من أبناء هذه الأمة يتناولون القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة بقراءة عرفت ب الحداثية أو القراءة الجديدة للنص الديني وهي قراءة تأويلية تستمد آلياتها من خارج نطاق التداول الإسلامي بل تأتي وفقا للتجربة الغربية في فهم النصوص واللاهوتية منها خصوصا فلا تريد أن تحصل اعتقادا من النص بقدر ما تريد أن تمارس نقدها عليه واستخداما لنظريات لغوية حديثة مثل: البنيوية والتفكيكية والسيمائية وهي قراءات في حقيقتها اقتبست كل مكوناتها من الواقع الحداثي الغربي في صر...

بقلم: الشيخ الدكتور محمد بن عبد الفتاح الخطيب
1928
أثر الحضارة الأندلسة في الحضارة الأوروبية | مرابط
تاريخ

أثر الحضارة الأندلسة في الحضارة الأوروبية


خلود الحضارات إنما يكون بمقدار ما تقدمه في تاريخ الإنسانية في مختلف نواحي الفكر والعلوم والأخلاق من آثار خالدة وإذ قد علمنا الدور العظيم الذي قدمته وأسهمت به الحضارة الإسلامية عامة وفي الأندلس خاصة في تاريخ التقدم الإنساني فبإمكاننا هنا استجلاء واستقراء هذه الآثار فيما وصلت إليه أوروبا أو النهضة والحضارة الأوروبية

بقلم: د. راغب السرجاني
530
بكاء النبي صلى الله عليه وسلم | مرابط
تفريغات

بكاء النبي صلى الله عليه وسلم


عيون حمراء تختلف عن العيون الحمراء التي تسهر على الذنوب والمحرمات فهناك عيون حمراء تتعاطى المخدرات عيون حمراء تسهر في المعاكسات عيون حمراء بكت لفراق عشيقها أو محبوبها أو فراق صديقها عيون حمراء لكنها لم تبك لله عز وجل فلن نتكلم عن هذا كله في هذه الليلة لكن سوف نتكلم هذه الليلة عن عيون حمراء بكت لكنها بكت لله عز وجل بكت لكن ليس لأجل الدنيا سوف نتكلم عن أغلى بكاء على وجه هذه الأرض وأغلى من دمعت عينه فهي أغلى الدموع وأغلى البكاء إنه بكاء النبي عليه الصلاة والسلام

بقلم: نبيل العوضي
475
حجية الظن في ثبوت الأخبار | مرابط
أبحاث

حجية الظن في ثبوت الأخبار


فبعض الناس يتعامل مع اليقين-القطع-العلم كدرجة واحدة كأنه الدرجة المائة في النسبة المئوية فإذا وصفنا نوعا معينا من الأدلة باليقيني أو أنه يفيد العلم فهو الدرجة ١٠٠ ويلزم أن كل ما دونه لا يفيد العلم ولا اليقين ولو كان درجة ٩٩ والحقيقة أن اليقين يتفاوت وليس على درجة واحدة فتحقق أعلى درجات اليقين في نوع من الأدلة لا يعني بالضرورة أن كل ما دونه من الأنواع قد خرج من دائرة إفادة العلم واليقين

بقلم: معتز عبد الرحمن
275
الإلحاد وسؤال الإرادة الحرة | مرابط
فكر مقالات الإلحاد

الإلحاد وسؤال الإرادة الحرة


من الملاحظات التي يمكن رصدها في كثير من الكتابات الإلحادية الحديثة أنها تتبنى رؤية جبرية مغالية في تفسير وقوع الأفعال الإنسانية ففكرة الإرادة الحرة وهم والإنسان في حقيقته مجبور على أفعاله وإن أحس أنه مختار لها أو كما عبر بعض الجبرية في الكتابة التراثية: الإنسان مجبور في صورة مختار

بقلم: عبد الله بن صالح العجيري
3094