قواعد في التربية

قواعد في التربية | مرابط

الكاتب: محمد الحسن الددو الشنقيطي

345 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

التوسط في أسلوب الضرب

منها: أن الضرب الشديد للأطفال في التأديب مزعج لهم، وسبب لتراجعهم وانغلاق نفسيتهم، فما ضرب عليه الولد في العادة من المحفوظات لا يبقى معه كثيرًا، فيحتاج إلى التوسط في هذا الباب، وقد ذكر الحافظ ابن حجر في فتح الباري في شرح حديث بدء الوحي، عندما غط جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهل العلم أخذوا من ذلك: أن الصبي لا يضرب على القرآن ولا على العلم أكثر من ثلاث ضربات؛ لأن جبريل غط النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثًا, ولذلك يقول الشيخ محمد عال رحمه الله: يؤخذ من تثليث غط أحمدا عند نزول وحيه بادي بدا، ألا يزاد الضرب للصبيان على ثلاثة.. فلذلك لا ينبغي أن يتشدد معهم في الضرب والإهانة، ففي ذلك كسر لخواطرهم وتكريههم في المسائل العلمية.

 

ومن هنا فمبدأ التشجيع والتأديب مبدءان مهمان للصغار، فتشجيعهم إذا أحسنوا بالجوائز والتكريم والتشريف من المهمات, وكذلك تأديبهم أيضًا تأديبًا غير فاحش إذا أساءوا من المهمات، وليكن الإنسان معتدلًا في هذا. ولا يحل الدعاء عليهم، فدعاء الوالد على ولده مستجاب، ولذلك ينبغي للأمهات أن يتعودن على عدم الدعاء على الأولاد، فهو مستجاب وهن لا يرضين باستجابته.

 

تعويد الأطفال على الجد والتشمير

وكذلك تعويدهم في وقت الدراسة على الجد والتشمير والمنافسة من المهمات، كأن يعودوا على أن وقت اللعب محصور، وأن وقت الدراسة محصور لا بد من إكماله، وإذا انتهى وقت الدراسة فلا بد أن يعطوا إجازة وراحة، تجم بها نفوسهم وقد قال الحكيم:

أفد طبعك المكدود بالجد راحة يجم وعلله بشيء من المزحِ

ولكن إذ أوليته المدح فليكن بمقدار ما يولى الطعام من الملح

 

التنويع في أساليب تعليم الأطفال

وكذلك لا بد أيضًا من تعويدهم على تسميع ما حفظوا، فإذا كان الإنسان يحفظ بسهولة وسرعة فإنه سينسى أيضًا بسهولة وسرعة, لكن إذا كان يراجع ذلك فهذا الذي يثبته في ذهنه.

 

وكذلك التنويع في المعلومات، أن يكون مثلًا ما يدرس في الليل غير ما يدرس في النهار، وأن يكون ما يحفظ في أيام الأسبوع متباينًا، فهذا مما يعين نفسياتهم على التحمل, ولهذا فإن تقسيم الأوقات على المواد من مهمات التربية.

 

وكذلك ألا تثقل أذهانهم أيضًا، فإذا أرت أن يحفظ الولد شيئًا من القرآن فلا تجبره على حفظ صفحة كاملة دفعة واحدة، بل اختر له أسطر قليلة يحفظها بسرعة، فشجعه على حفظها، ثم أعطه جرعة أخرى وهكذا، فما كان يشق عليه جرعة واحدة إذا قسمته لن يشق عليه فاقسمه.

 

التربية على الأخلاق الفاضلة الحميدة

كذلك فيما يتعلق بتأديبهم على الأخلاق، فلا بد أيضًا أن يربط لهم ذلك بالمروءة والنخوة، وأن يعودوا فيه على الاحترام، فالولد لا ينبغي أن ينادى باسم غير شريف، وما تعود عليه في زماننا هنا من تضمير أسماء الأطفال وخطابهم بالألقاب السيئة فهذا يكسر نفوسهم ويعودهم على عدم المسئولية, لكن إذا كانوا يكنون: قم يا أبا العباس، قم يا أبا حمزة، ويكنون بالكنى الشريفة، وينادونا بأسمائهم التي يحبونها، فهذا مما يزيد شخصياتهم ويزيد عنايتهم بأنفسهم, ومن هنا يقول الحكيم:

أكنيه حين أناديه لأكرمه ولا ألقبه والسوأة اللقبا

كذاك أدبت حتى صار من خلقي أني رأيت ملاك الشيمة الأدبا

 

كمخاطبة الإنسان بالاسم الشريف تحميل له المسئولية وزيادة لشخصيته, وهذا يشمل حتى الكفار، فـالنبي صلى الله عليه وسلم كان يخاطب الوليد بن المغيرة فيناديه بكنيته، وكان يخاطب عتبة بن ربيعة فيناديه بكنيته, وهذا من قول الحسن للناس، وقد قال الله تعالى:  "وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا" [البقرة:83].

إذًا: هذه بعض القواعد وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.. سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد الله رب العالمين.

 


 

المصدر:

محاضرة فقه الأسرة ج6

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#التربية
اقرأ أيضا
تبريرات عدنانية | مرابط
فكر مقالات مناقشات

تبريرات عدنانية


ويدفع عدنان كل نص يعارض كلامه الذي يرى أنه يعلو فوق كل اجتهاد تارة بالتضعيف وأخرى بالتأويل وفي هذا المقال سنقف على بعض محاولاته التبريرية والتي يلجأ فيها إلى الأسلوبين ويظهر فيها تناقضه الكبير وعدم اتساقه مع ما يقوله في مواضع مختلفة من رسالة الدكتوراه الخاصة به

بقلم: يوسف سمرين
1192
الابتلاء بالسفهاء | مرابط
مقالات

الابتلاء بالسفهاء


الجامع المشترك بين أولئك السفهاء هو: اتباعهم للخواطر النفسية الغضبية الشيطانية دون مراجعة ومحاسبة عميقة توقفهم أمام المحكمات وتكفهم عن سوء الظن ووتحجبهم عن الاستعجال في الحكم على المسلمين وتذكرهم بخطورة موقف السؤال بين يدي الله تعالى عن حقوق المسلمين.

بقلم: أحمد يوسف السيد
498
عن قبح اللوطية وانعكاس الفطرة | مرابط
الجندرية

عن قبح اللوطية وانعكاس الفطرة


ثم أكد قبح ذلك بأن اللوطية عكسوا فطرة الله التي فطر الله عليها الرجال وقلبوا الطبيعة التي ركبها الله في الذكور وهي شهوة النساء دون الذكور فقلبوا الأمر وعكسوا الفطرة والطبيعة فأتوا الرجال شهوة من دون النساء ولهذا قلب الله سبحانه عليهم ديارهم فجعل عاليها سافلها وكذلك قلبوا هم ونكسوا في العذاب على رؤوسهم.

بقلم: ابن القيم
434
الأخلاق المذمومة عند طلاب العلم | مرابط
مقالات

الأخلاق المذمومة عند طلاب العلم


إن بلغه أن أحدا من العلماء أخطأ وأصاب هو فرح بخطأ غيره وكان حكمه أن يسوءه ذلك. إن مات أحد من العلماء سره موته ليحتاج الناس إلى علمه إن سئل عما لا يعلم أنف أن يقول: لا أعلم حتى يتكلف مالا يسعه في الجواب إن علم أن غيره أنفع للمسلمين منه كره حياته ولم يرشد الناس إليه إن علم أنه قال قولا فتوبع عليه وصارت له به رتبة عند من جهله ثم علم أنه أخطأ أنف أن يرجع عن خطئه فيثبت بنصر الخطأ لئلا تسقط رتبته عند المخلوقين.

بقلم: الآجري
331
من آداب الإسلام: إكرام الجار | مرابط
اقتباسات وقطوف

من آداب الإسلام: إكرام الجار


مقتطفات من كتاب جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثا من جوامع الكلم للإمام زين الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن شهاب الدين الشهير بابن رجب رحمه الله وهو من أشهر وأبرز المؤلفات الجامعة لأصول وكليات الدين

بقلم: ابن رجب الحنبلي
418
أفنيت عمري في علم الكلام | مرابط
اقتباسات وقطوف

أفنيت عمري في علم الكلام


يشتمل القرآن على مختلف أنواع الأدلة التي قد يصبو إليها الإنسان وكذب من قال أنه خلو من الأدلة العقلية فراح يسعى ويلهث وراءها في ظلمات الفلسفة ومتاهات الكلام ففي كتاب الله الدواء الشافي والدليل الكافي وهذا مقتطف عن أحد المتكلمين ينقله ابن القيم رحمه الله

بقلم: ابن القيم
1920