قاعدة الخمس ثواني ج1

قاعدة الخمس ثواني ج1 | مرابط

الكاتب: علي محمد علي

439 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

 

كتاب اليوم اسمه قاعدة الخمس ثوان، The 5 second rule مؤلفة الكتاب هي ميل روبينز. والكتاب تحدث عن تكنيك أو خدعة نفسية بسيطة تسميها المؤلفة قاعدة الخمس ثوان، والمؤلفة ابتكرت هذه القاعدة أو التكنيك خلال مرحلة سيئة في حياتها، حيث سقطت من قمة النجاح إلى قاع الفشل، وباستخدام هذا التكنيك عادت الأمور إلى مسارها من جديد وحققت نجاحًا أكبر من السابق.

 

المؤلفة كانت قد عرضت فكرة "قاعدة الخمس ثوان" هذه في أحد مؤتمرات TEDx.. والفكرة انتشرت بشكل كبير وجربها كثير من الناس وساعدتهم ليغيروا من أنفسهم بشكل كبير.. وبعد الانتشار وقصص النجاح هذه قررت المؤلفة أن تؤلف كتابا عن الموضوع.

 

لكن لأن الموضوع بسيط ولا يستحق كتابا كاملا.. فالمؤلفة اضطررت غالبًا لحشو الكتاب بالكثير من القصص مع بعض الأفكار من كتب أخرى لإثبات فاعلية "قاعدة الخمس ثوان".. لذلك سوف أتجاهل الكثير من هذا الحشو وأركز على المهم فقط في الكتاب.

 

الإنجاز والمزاج

في كثير من الأوقات نعرف أن عملا أو فعلا معينا من مصلحتنا إنجازه، لكن رغم هذا لا يكون لدينا رغبة أو مزاج لعمله. أو أن بعض المشاعر السلبية كالتوتر والإحراج أو حتى الملل تشكل حاجزا بينا وبين الفعل. وينتهي بنا الحال بألا نفعله رغم معرفتنا أنه في مصلحتنا.

 

فكرة أن تربط الفعل بالحالة المزاجية خطيرة جدًا.. وغالبًا ستحرمك من الإنجاز في حياتك! إن أردت الإنجاز في حياتك وأن تحقق أهدافا ذات قيمة.. ستحتاج للقيام بأمور صعبة أو مملة أو فيها مخاطرة أحيانًا. ومزاجك لن يطاوعك دائمًا للقيام بتلك الأمور.. ستجد دائمًا مشاعر الضيق أو الملل أو الخوف حاضرة.. ولو استسلمت لها لن تستطيع القيام بأي شيء!

 

البعض هنا قد يقول أن الحل في التحفيز motivation.. بأن تلجأ لشخص يحفزك لتتمكن من القيام بالأمور المملة أو الصعبة أو المخيفة.. لكن في الواقع هذا الحل غير عملي.

 

مؤلفة الكتاب لها رأي متطرف بعض الشيء فيما يخص التحفيز، لا أتفق معه بشكل كامل. حيث تكرر دائمًا عبارة motivation is garbage.. كلمة garbage تعني
قمامة. وما تقصده هنا هو أن التحفيز عديم القيمة.. ليس له فائدة.

 

مشكلتي مع هذ العبارة أنها لا تفرّق بين أنواع التحفيز.. الكاتبة في الغالب تتكلم عن التحفيز العاطفي.. مثل كلام المدربين أو الفيديوهات التي تشحنك بكلام حماسي عاطفي يختفي أثره بعد فترة قصيرة. من يكررون على مسمعك جمل مثل: "أنت تملك قدرات جبارة؛ لكنك لا تدري"،  "بإمكانك تحقيق المستحيل!" مع موسيقى حماسية ومقاطع مصورة لأشخاص ترفع الحديد أو تتسلق جبالا وكل هذا الجو الحماسي!

 

مشكلة هذا النوع من التحفيز أنه غير صادق.. لأن من يتكلم لا يعرفك أصلًا ولا يعرف ظروفك ولا قدراتك. لذلك حتى لو حماسة اللحظة أَؤْهَمَتك وشَحَنتك قليلا فهذا الوهم سيختفي بمجرد مواجهة الواقع!

 

لكن مع ذلك -حتى مع هذا النوع- لن أقول أنه عديم القيمة بشكل كامل. فقد يدفعك هذا النوع من التحفيز لأخد أول خطوة؛ وهذا مفيد بلا شك. لكن الأكيد أنه لن يستمر معك في باق الخطوات.. فالفيديو الذي شاهدته وَحَفركَ بالأمس.. لن يحفزك بنفس القدر اليوم. وربما لا يكون له عليك أي تأثير غدا.

 

تذكر أن معظم الأمور المهمة في حياتك تحتاج للمداومة على الفعل لفترة طويلة.. وبالتالي فإن هذا التحفيز المؤقت ليس استراتيجية ناجحة أبدًا. هذا غير أن هناك أمورا ليس من المنطقي أن تستخدم معها هذا النوع من التحفيز لتفعلها.. لو أردت غسل أسنانك يوميًا مثلًا لكنك تتكاسل.. هل من المنطقي أن تشاهد كل يوم فيديو تحفيزي لشخص يرفع حديد أو يتسلق جبلا مع صوت يقول لك: "أنت قادر على صنع المستحيل" ليحفزك كي تغسل أسنانك!.. لا أظن!

 

إذن.. طالما التحفيز ليس استراتيجية فعالة.. ما الحل؟

الحل: هو أن تتعلم كيفية القيام بالفعل بغض النظر عن حالتك المزاجية! بغض النظر عن مشاعرك. تتعلم أن تخالف هواك ومزاجك!

مما ورد في الأثر أن عمر بن عبد العزيز أرسل إلى الحسن البصري طالبًا منه موعظة موجزة .. فرد عليه الحسن البصري برسالة قصيرة جدًا.. قال فيها: أما بعد: اعص هواك والسلام.

 

اعص هواك.. هذا هو الحل! لا تجعل مصيرك تحت رحمة مزاجك ومشاعرك المتقلبة. جهاد النفس في أمور الطاعة والدين سينفعك في الآخرة وسينفعك لو استطعت اكتساب هذه القدرة.. فلن تتمكن فقط من إنجاز مهامك أول بأول وتحقق كل تغيير تود تحقيقه في حياتك.. وإنما ستكتسب أيضًا ثقة في النفس صعب اكتسابها بأي أسلوب آخر. ستشعر أن لديك سيطرة على نفسك.. وهذا في حد ذاته يعطيك شعور بالقوة والثقة.

 

وهنا يوجد نقطتان بخصوص المزاج والمشاعر السلبية أريد توضيحهما:

الأولى.. هي أن المشاعر تتبع الفعل وليس العكس. لا تتتظر من مزاجك أو مشاعرك أن تتغير حتى تقوم بالفعل.. ابدأ الفعل ومشاعرك ستتغير لاحقًا! لا تنتظر الشعور بالشجاعة حتى تقوم بأمور تخاف من القيام بها.. قُم بها رغم خوفك وبعد فترة سيختفي الخوف وتحل محله الشجاعة.

 

ربما حدث معك ولو مرة من قبل ألا يكون لديك مزاج لعمل معين -شغل أو مذاكرة أو ممارسة رياضة مثلًا- لكنك بدأت على أي حال وسرعان ما تغيرت مشاعرك بعدما بدأت.. وبعدما انتهيت شعرت بسعادة ورضا عن النفس لأنك أنجزت ولم تؤجل.. وهذا يقودنا للنقطة الثانية..

المشاعر السلبية التي تمنعك من الفعل مثل الضيق أو الملل أو التوتر.. عادة ما تكون مبالغ فيها وأكبر من حجمها الحقيقي..

 

كم مرة حدث معك أن تكاسلت وأجلت العمل أكثر من مرة إلى أن ضاق عليك الوقت؛ ثم بدأت العمل متأخرًا بدافع الخوف من العواقب.. وبعدما أحرزت قدرا من التقدم في العمل.. شعرت بالندم أنك لم تبدأ مبكرًا؟ .. أتعرف لم شعرت بالندم؟.. لأنك اكتشفت أن العمل لم يكن بالصعوبة التي كنت تظنها وجعلتك تسوّف وتؤجل.. وأنك لو كنت بدأت مبكرًا لكنت رحمت نفسك من الضغط العصبي وحققت نتيجة أفضل.

اكتشفت أن المشاعر الني كانت تمنعك من العمل كان مبالغ فيها وغير حقيقية وأن استسلامك لها كان خطأ وكان يجب عليك أن تنجاهلها وتبدأ العمل على أي حال.

 

يأتي السؤال.. كيف تكتسب مهارة أو عادة مخالفة الهوى أو المزاج؟

 

بعد الاستعانة بالله والاستعاذة من العجز والكسل.. هناك حلان:

الأول.. طويل المدى.. ويجب أن تعمل عليه وتطوره مع الزمن.. ألا وهو "قوة الإرادة". كنا قد قدمنا حلقة تفصيلية عن قوة الإرادة أعتبرها واحدة من أفضل حلقات البرنامج حتي الآن.. أنصحك بمشاهدتها -أو قراءة الكتيب- حتى تعرف ما هي "قوة الإرادة" أصلاء وكيفية زيادتها وحسن استخدامها.

الحل الثاني وهو حل سربع يمكن أن تحصل منه على نتائج فورية في كثير من الأحيان، ألا وهو "قاعدة الخمس ئوان" التي يتكلم عنها الكتاب.. وهذه سنشرحها بالتفصيل في الفكرة القادمة.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#قاعدة-الخمس-ثوان
اقرأ أيضا
ونبلوكم بالشر والخير فتنة | مرابط
اقتباسات وقطوف

ونبلوكم بالشر والخير فتنة


مقتطف من كتاب في ظلال القرآن قول الله تعالى ونبلوكم بالخير والشر فتنة يقف بنا الأستاذ سيد قطب أمام تفسير الابتلاء بالخير فالابتلاء بالشر مفهوم ويدركه الإنسان ولكن كيف يكون الابتلاء بالخير وكيف يمكن التعامل معه هذا ما يتناوله الكاتب

بقلم: سيد قطب
1901
ابن تيمية وحياته الحافلة بالعطاء الجزء الأول | مرابط
تفريغات

ابن تيمية وحياته الحافلة بالعطاء الجزء الأول


سيبقى التراث الذي تركه لنا شيخ الإسلام ابن تيمية نبراسا للعلم نلتمس منه سبل الحق ونهتدي به في ظلمات الليل فحياة الرجل كانت رحلة مليئة بالعطاء والبذل دافع فيها عن دين الإسلام ونافح عن الوحي القرآن والسنة ولم يترك بابا ليلجه أهل الأهواء والباطل إلا وسده عليهم ورد عليهم سهامهم وانتصر لمذهب أهل السنة والجماعة وبين يديكم تفريغ لجزء من محاضرة هامة للشيخ الحويني يقف فيها على شخصية شيخ الإسلام وحياته وبذله

بقلم: أبو إسحق الحويني
833
مشكلة تكاليف الزواج | مرابط
اقتباسات وقطوف ثقافة

مشكلة تكاليف الزواج


لا شك أن من أصعب التحديات التي تواجه الشباب الراغب في الزواج: مشكلة التكاليف المالية المتمثلة في المهور ومكان الاحتفال والوليمة والمتطلبات والمستلزمات الأخرى المتعلقة بالزوجة وليلة الزواج وهذا بالإضافة إلى تكاليف السكن والتأثيث وتوابع ذلك

بقلم: أحمد يوسف السيد
611
ما فائدة طلب العلم وحفظ المتون؟ | مرابط
مقالات

ما فائدة طلب العلم وحفظ المتون؟


أنا أحب العلم ويشدني الحديث عن الكتب والمؤلفين وأبذل جهدي ولكن كلما رأيت الأحداث التي تصيب الأمة والصور والمقاطع يراودني سؤال وإحباط.. ما فائدة حفظ المتون والثقافة في مثل هذا الوقت؟ أليس فريضة الوقت شيء آخر؟

بقلم: إبراهيم السكران
549
هداية الإنسان إلى الاستغناء بالقرآن | مرابط
مناقشات

هداية الإنسان إلى الاستغناء بالقرآن


جعل ابن المبرد كتابه في مئة فصل وهي تدور على ثلاثة أضرب: الأول في التشويق للقرآن وتدبر علومه وبيان فضائله وحال السلف معه. والثاني: ذكر بعض المباحث في علوم القرآن والتفسير وهي قليلة. والثالث: أحكام التلاوة والقيام بالقرآن وآداب القراءة والاستماع ووجوه الانتفاع بالقرآن وتعظيمه وتحليته وتعليمه.

بقلم: عبد الله الوهيبي
413
الوقت | مرابط
فكر مقالات

الوقت


الوقت هو العملة الوحيدة المطلقة التي لا تبطل ولا تسترد إذا ضاعت: إن العملة الذهبية يمكن أن تضيع وأن يجدها المرء بعد ضياعها ولكن لا تستطيع أي قوة في العالم أن تحطم دقيقة ولا أن تستعيدها إذا مضت هذا المقال الماتع للأستاذ مالك بن نبي يتحدث عن الوقت وقيمته في الحياة

بقلم: مالك بن نبي
2318