فضل اللغة العربية

فضل اللغة العربية | مرابط

الكاتب: محمد حسن عبد الغفار

441 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

أهمية التمسك بالقرآن وفهم معانيه

القرآن الكريم هو دستور هذه الحياة، والقرآن الكريم هو شرف هذه الأمة، ولا تعتز الأمة إلا بالتمسك بهذا الكتاب العظيم، الذي هو كلام الله جل في علاه. إن الله جل في علاه أناط الشرف والقيادة والسيادة والريادة لهذه الأمة بهذا الكتاب، حيث قال جل في علاه: "لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ" [الأنبياء:10] أي: إن شرفكم وعلوكم وسيادتكم وقيادتكم وريادتكم لا تكون إلا بالكتاب.

 

ووافقت هذه الآية قول النبي صلى الله عليه وسلم: (تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي) ألا وهو كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم. والسنة لا يمكن أن تفترق عن الكتاب، فكتاب الله هو عز هذه الأمة، والتمسك بكتاب الله شرف هذه الأمة، والقيادة والسيادة والريادة لا تكون إلا بهذا الكتاب، ولذلك قال عمر بن الخطاب عندما أرسل باعثه إلى مكة وجاء له بالوالي فقال له: من تركت أو من خلفت في مكة؟ قال: فلانًا من الموالي، قال: أتركته يتسيد عليهم؟ قال: إنه يحفظ كتاب الله ويعلم الفرائض، فقال له عمر : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله يرفع بهذا القرآن أقوامًا ويخفض به آخرين).

 

فالناس يرتفعون لفهمهم كلام الله جل في علاه ومراد الله في كتابه، وهذا لا يكون إلا باللغة العربية، ولذلك فإن عمر بن الخطاب كان يضرب بالدرة على ذلك، ويقول: تعلموا العربية فإنها لغة القرآن. ونحن أعاجم لسنا بعرب، فكثير من كلمات المصنفين لا نستطيع أن نعرف معانيها إلا بالرجوع إلى المعاجم اللغوية، فاللغة العربية لها أهمية قصوى؛ لأنها من علوم الآلة التي بها استقامة اللسان، واستقامة اللسان ممدحة في الشرع، وكذلك العقل عن الله جل في علاه وفهم كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

واللغة العربية فيها التقديم والتأخير، فيتقدم المفعول على الفاعل والخبر على المبتدأ، وهذا يجعلك تتوسع في فهم كلام الله جل في علاه، فعندما يقرأ القارئ قول الله تعالى: "إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ" [فاطر:28] فإن لم يعرف المفعول من الفاعل ولم يعرف سهولة هذه اللغة التي فيها التقديم والتأخير، وأن هذا التقديم فيه أسلوب الحصر، فإنه لا يعرف مراد الله جل في علاه، فيتعجب العامي من سماع هذه الآية ويقول: إن الله يخشى منهم؟ فهذا من الفحش؛ لأنه أخطأ ولم يتعلم العربية، فلو علم أن المفعول يتقدم على الفاعل علم معنى الآية، فـ(الله) لفظ الجلالة مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة، والعلماء: فاعل، فهم الذين يخشون الله جل في علاه.

ومن ذلك قول الله تعالى: "لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا" [الحج:37].

 

فالتقديم والتأخير عندما يعرفه المسلم فإنه يفهم ويعقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مراده، ولذلك كان من الأهمية تعلم اللغة العربية، وكانت العرب قبل الإسلام أصحاب سليقة وفصاحة وبلاغة وشعر، فكان لهم علو كعب في اللغة العربية، وجاء الإسلام بفضل الله وبهذا الكتاب العظيم الذي ينظم ويرتب هذه اللغة ويجعلها في زيها الجميل الذي نراه الآن، والدين كله كان في الجزيرة العربية.

 

ذكر أصناف عرب الجزيرة

والعرب في الجزيرة العربية ينقسمون إلى عرب الشمال، وعرب الجنوب، ويسمى عرب الجنوب العرب العاربة وهم القحطانيون ومنهم الذين في اليمن أما عرب الشمال الذين هم من ولد إسماعيل وهم العدنانيون، واللغة التي كانت تجمعهم هي اللغة العربية، لكن كان هناك اختلاف في اللهجات، ولذلك نزل القرآن على سبعة أحرف كلها في اللغة العربية مع اختلاف ظاهره ( فتثبتوا ) كانت تقرأ ( تبينوا ) و(لامستم) تقرأ (لمستم)، و(أماناتهم) تقرأ (أمانتهم)، فهذا هو الخلاف في القراءات، ويجمعها أصول اللغة العربية.

 

تأثير الأعاجم على اللغة العربية

ولما دخل الإسلام جزيرة العرب ألبس اللغة الثوب الجديد، ثم بعد ذلك فتح الله الأمصار على يد المهاجرين والأنصار الذين رفعهم الله بتمسكهم بكتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، فحدث الجهاد مع الأعاجم، ثم حصل السبي للعبيد والإماء، فلما دخل الأعاجم بلاد الإسلام أصبحت اللغة العربية يحدث فيها الغلط واللحن، فلما ظهر اللحن ابتدأ جهابذة اللغة والسنة والكتاب، وقالوا: لا بد من حفظ كتاب ربنا وسنة نبينا، ولا يكون ذلك إلا بالضوابط والقواعد النحوية؛ حتى لا يحدث اللحن في ديننا وفي كتاب ربنا، وهذا الذي أهال عمر بن الخطاب عندما جاءه أعرابي يطلب منه أن يقرأ عليه القرآن، فأخذه رجل ليعلمه القرآن فأضاعه، فقرأ في سورة براءة قوله تعالى: "وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ" [التوبة:3] بخفض لرسوله)

 

فقال الأعرابي: أبرأ ممن برأ منه الله جل في علاه، أي: يبرأ من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذه التي تهدم الدين بأسره، فلما قال الأعرابي ذلك وسمعه عمر قال له: لا تقرأ هكذا، فقرأ عليه "أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ" [التوبة:3] فقال: أبرأ ممن برأ منه الله ورسوله، ففهم الأعرابي لما شكل له التشكيل الصحيح فهمًا صحيحًا.

 

من هنا قال العلماء: إن عمر بن الخطاب أمر أبا الأسود الدؤلي أن يبدأ في وضع قواعد النحو والصرف. وبعض العلماء قال بأن علي بن أبي طالب هو أول من أشار على أبي الأسود أن يضع القواعد في اللغة، ولا مشاحة في ذلك، فاللغة قد وضعت لها القواعد سواء بأمر عمر أو علي أو بسبب أبي الأسود الدؤلي.

 

أشهر علماء النحو واللغة

وأشهر النحاة الذين انبروا في ساحات اللغة عند أهل الإسلام منهم أبو الأسود الدؤلي وأيضًا أبو عمرو بن العلاء والخليل بن أحمد وتلميذه العظيم في اللغة سيبويه وهذا الاسم فارسي، سيب معناه: التفاح، وويه: الرائحة، فإذًا سيبويه : رائحة التفاح، ونفطويه رائحة النفط أي: رائحة البترول، فأشهر النحاة سيبويه وأيضًا والفراء والكسائي. ومهبط وضع قواعد اللغة كان في البصرة، وأهل العراق عندنا فرسان الميدان في اللغة وفي غيرها، فاللغة أصالة مهبطها البصرة، ولذلك ترى كثيرًا من المتمكنين يقولون: واختلف في هذه المسألة البصريون والكوفيون فأول علماء اللغة برعوا في البصرة، ثم تتلمذ على أيديهم أهل الكوفة، وأصبح الخلاف بين أهل الكوفة وأهل البصرة.

 


 

المصدر:

محاضرة شرح المقدمة الآجرومية

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#النحو #علم-النحو
اقرأ أيضا
الاستدلال الأعمى | مرابط
فكر مقالات

الاستدلال الأعمى


لا يكفي أن تستدل بأي نص شرعي ليكون قولك موافقا للشريعة فالعبرة ليس بوجود أي استدلال بالشريعة بل يجب أن يكون هذا الاستدلال صحيحا ومستقيما وفق الأصول المنهجية الموضوعية للاستدلال فمثلا من قواعد الاستدلال المنهجي السليم: أن يكون النظر فيه شاملا لجميع النصوص والقواعد الشرعية فلا ينظر في بعض النصوص ويهمل بعضها فهذه هي البذرة التي نبتت منها ظاهرة الافتراق في الدين فأنتجت الفرق والجماعات البدعية في الفكر الإسلامي فإشكالية جميع هذه الفرق القديمة من شيعة وخوارج ومعتزلة وغيرها أنها تأخذ ببعض الشريعة...

بقلم: فهد بن صالح العجلان
1612
العمارة في الحضارة الإسلامية ج3 | مرابط
تاريخ

العمارة في الحضارة الإسلامية ج3


أمر الإسلام بتعمير الأرض بالبناء عليها وحث عليه لحماية الإنسان من حر الشمس وبرد الشتاء وأمطاره وجعل اتخاذ المساكن نعمة من الله لمخلوقاته ولذلك وضع الإسلام لبناء المساكن والمدن والقرى الكثير من الآداب وشهدت بلادنا الإسلامية ازدهار العمران والبناء الذي تميز بطابع إسلامي خالص وفي هذه المقالات سيقف بنا الكاتب على ملامح العمران في كل العصور الإسلامية

بقلم: موقع قصة الإسلام
1188
فصل في خدمة المرأة لزوجها | مرابط
مقالات

فصل في خدمة المرأة لزوجها


وأما ترفيه المرأة وخدمة الزوج وكنسه وطحنه وعجنه وغسيله وفرشه وقيامه بخدمة البيت فمن المنكر والله تعالى يقول: ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف. وقال تعالى: الرجال قوامون على النساء. وإذا لم تخدمه المرأة بل يكون هو الخادم لها فهي القوامة عليه.

بقلم: ابن القيم
430
الوسائل المعينة على القراءة النافعة ج1 | مرابط
تفريغات

الوسائل المعينة على القراءة النافعة ج1


أمة الإسلام مكلفة بالقراءة فهي مخاطبة في أول سورة أنزلت على نبيها محمد صلى الله عليه وسلم بأن تقرأ فهي ضرورية وليست هواية وللقراءة الصحيحة النافعة ضوابط ووسائل ومجالات لا بد للمسلم من معرفتها حتى تكون قراءته نافعة وبين تفريغ لجزء من محاضرة الدكتور راغب السرجاني ويدور حول الوسائل المعينة على القراءة النافعة

بقلم: راغب السرجاني
1763
حول بيع وشراء القطط | مرابط
مقالات

حول بيع وشراء القطط


انتشر بين المسلمين اليوم ظاهرة شراء وبيع القطط والحيوانات بشكل عام فما حكم ذلك شرعا؟ يجيبك الدكتور قاسم اكحيلات ويوضح لك مذهب الجمهور وتفصيلات المسألة والصواب فيها.

بقلم: قاسم اكحيلات
333
شعب واحد وقضية واحدة | مرابط
فكر مقالات

شعب واحد وقضية واحدة


فلا مجاز لنا نحن العرب إلا أن نعرف أنفسنا وأن ندرك حقيقة حياتنا وأن نؤمن بأن القوى لا ينال بقوته بل باستسلامنا وأنه لا يحيف علينا ببطشه بل بتهاوننا واستصغارنا لشأن أنفسنا وأن أجهل الجهل أن يظن ظان أن مئة مليون من خلق الله يمكن أن يفنوا على بكرة أبيهم بسطوة ساط أو بغي باغ وأنهم هباء لا يزن في ميزان القوة جناح بعوضة وأنهم غنم مسيرون يهاهىبهم راع عنيف تسوقهم عصاه إلى حيث أراد

بقلم: محمود شاكر
536