فصول في خروج النساء وملابسهن

فصول في خروج النساء وملابسهن | مرابط

الكاتب: ابن الحاج

772 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

قد تقدم رحمك الله نية العالم وهديه في لبسه وغير ذلك وبقي الكلام هنا على لبس أهله فليحذر من هذه البدعة التي أحدثها النساء في لباسهن، وهن كما ورد ناقصات عقل ودين فلبسهن كذلك ليس بحجة، فالذكر للنساء والكلام مع من سامحهن من العلماء والأزواج، والعالم أولى من يأخذ على أهله وبردهن للاتباع مهما استطاع في كل الأحوال، فمن ذلك ما يلبسن من هذه الثياب الضيقة القصيرة وهما منهي عنهما ووردت السنة بضدهما؛ لأن الضيق من الثياب يصف من المرأة أكتافها وثدييها وغير ذلك، هذا في الضيق، وأما القصير فإن الغالب منهن أن يجعلن القميص إلى الركبة، فإن انحنت أو جلست أو قامت انكشفت عورتها، ووردت السنة أن ثوب المرأة تجره خلفها ويكون فيه وسع بحيث إنه لا يصفها، فإن قلن إن السراويل يغني من الثوب الطويل فصحيح أن فيه سترة لكن يشترط فيه أن يكون من السرة وهن يعملنه تحتها بكثير.

وحكم المرأة مع المرأة على المشهور كحكم الرجل مع الرجل وحكمهما أن من السرة إلى الركبة لا يكشفه أحدهما للآخر بخلاف سائر البدن، فتكون قد ارتكبت النهي فيما بين السرة إلى حد السراويل اللهم إلا أن يكون الثوب كثيفا لا يصف ولا يشف وقد اتخذ بعضهن هذا السراويل عند الخروج ليس إلا، وأما في البيت فتقعد بدونه وهي لا تخلو إما أن يكون البيت لا يدخله غير زوجها أو هو وغيره، فإن كان الأول فذلك جائز لها في غير الصلاة، وكذلك الثوب الرفيع والضيق الذي يصف كل ذلك جائز لها، وإن كان الثاني مثل أن يكون معها جارية في البيت أو عبد أو أخ أو ولدان أو غير ذلك فلا يجوز لها ذلك؛ لأن المرأة كلها عورة إلا ما استثني من ظهور أطرافها لذي المحارم، والغالب عليهن أن يقعدن في بيوتهن بهذه الثياب على الصفة المذكورة بغير سراويل بين من تقدم ذكرهم، ولا يلبسن السراويل إلا عند الخروج فيكون العالم ينهى عن هذه القبائح ويذمها ويعلمهن أمر الشرع في ذلك. ومن العتبية قال مالك - رحمه الله - وبلغني أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - نهى النساء عن لبس القباطي قال، وإن كانت لا تشف فإنها تصف.

قال ابن رشد - رحمه الله - القباطي ثياب ضيقة ملتصقة بالجسد لضيقها فتبدي ثخانة جسم لابسها من نحافته وتصف محاسنه وتبدي ما يستحسن مما لا يستحسن فنهى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أن يلبسنها النساء امتثالا لقوله عز وجل {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} [النور: ٣١].

فصل لبس النساء العمائم التي يعملنها على رؤسهن

(فصل) وينبغي له أن ينهاهن عن هذه العمائم التي يعملنها على رؤسهن كما ورد في الحديث «لا تقوم الساعة حتى يكون نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات على رءوسهن مثل أسنمة البخت لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة خمسمائة عام» قال الشيخ الإمام أبو عبد الله القرطبي - رحمه الله - في معنى ذلك ما هذا نصه: قوله - عليه الصلاة والسلام - «نساء كاسيات عاريات» يعني أنهن كاسيات بالثياب عاريات من الدين لانكشافهن وإبداء بعض محاسنهن، وقيل كاسيات ثيابا رقاقا يظهر ما تحتها وما خلفها فهن كاسيات في الظاهر عاريات في الحقيقة وقيل كاسيات في الدنيا بأنواع الزينة من الحرام ومما لا يجوز لبسه، عاريات يوم القيامة، ثم قال - صلى الله عليه وسلم - «مائلات مميلات» قيل معناه زائغات عن طاعة الله تعالى وعن طاعة الأزواج وما يلزمهن من صيانة الفروج والتستر عن الأجانب ومميلات يعلمن غيرهن الدخول في مثل فعلهن، وقيل مائلات متبخترات يملن رءوسهن وأعطافهن للخيلاء والتبختر ومميلات لقلوب الرجال بما يبدين من زينتهن وطيب رائحتهن، وقيل يتمشطن الميلاء يهي مشطة البغايا، والمميلات اللواتي يمشطن غيرهن مشطة الميلاء، ثم قال - صلى الله عليه وسلم - «على رءوسهن مثل أسنمة البخت» معناه يعظمن رءوسهن بالخمر والمقانع ويجعلن على رءوسهن شيئا يسمى عندهن الناهرة لا عقص الشعر والذوائب المباحة للنساء انتهى.

وقوله - عليه الصلاة والسلام - «على رءوسهن مثل أسنمة البخت» فهذا مشاهد مرئي، إذ أن في عمامة كل واحدة منهن سنامين،

وأقل ما فيه من الضرر أن رأسها يعتل بسبب هذه العمامة؛ لأنهن اتخذنها عادة من فوق الحاجبين وفي ذلك مفاسد:

أحدها: أن المرأة محل لاستمتاع الرجل وأعظم جمال فيها وجهها وهي تغطي أكثره فتقع بذلك في الإثم؛ لأنها تمنع زوجها حقه ولو رضي زوجها بذلك فإنها تمنع منه لمخالفتها للسنة.

والثاني: أنها إذا كانت هذه المواضع مستورة، فإذا احتاجت إلى الوضوء تحتاج إلى كشفها حتى تغسل ما يجب عليها، فإذا غسلته فقد تستهوى؛ لأن الموضع قد اعتاد التغطية فإذا كشفته عند الغسل قد تتضرر فيكون ذلك سببا لترك فرضين:

أحدهما: غسل الوجه.
والثاني: مسح الرأس.
والثالث: الزينة التي جملها الله تعالى بها في وجهها سترتها عن زوجها، وقد يفضي ذلك للفراق؛ لأنها تبقى في تلك الحالة بشعة المنظر، فإن قيل: إن فيه بعض جمال لها فهذا نادر والنادر لا حكم له،

فإن فرض أن الغالب فيه جمال لها فتمنع من ذلك

لما تقدم من مخالفتها للسنة والخير كله في الاتباع

فصل توسيع النساء الأكمام التي أحدثنها مع قصر الكم

فصل ويجب عليه أن يمنعهن من توسيع الأكمام التي أحدثنها مع قصر الكم فإنها إذا رفعت يدها ظهرت أعكانها ونهودها وغير ذلك وهذا من فعل من لا خير فيه من المتبرجات، وكذلك ما يفعله بعضهن من لبس الثوب القصير على الصفة المذكورة وترك السراويل وتقف على هذه الحالة في باب الريح على هذه السطوح وغيرها، فمن رفع رأسه أو التفت رأى عورتها، والشرع أمرها بالتستر البالغ وذلك معلوم.

فصل السنة في هيئة خروج النساء إن اضطرت إلي الخروج

فصل وينبغي له أن يعلمهن السنة في الخروج إن اضطرت إليه؛ لأن السنة قد وردت أن المرأة تخرج في حفش ثيابها وهو أدناه وأغلظه، وتجر مرطها خلفها شبرا أو ذراعا ويعلمهن السنة في مشيهن في الطريق، وذلك أن السنة قد حكمت أن يكون مشيهن مع الجدران لقوله - عليه الصلاة والسلام - «ضيقوا عليهن الطريق» وقد روى أبو داود في سننه عن أبي أسيد قال سمعت «رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول وهو خارج من المسجد وقد اختلط الرجال مع النساء في الطريق: استأخرن فليس لكن أن تضيقن الطريق عليكن بحافات الطريق» فكانت المرأة تلصق بالجدار حتى أن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها انتهى.

وقد روى الإمام رزين - رحمه الله - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمشي في طريق وأمامه امرأة فقال لها: تنحي عن الطريق فقالت: الطريق واسع فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: دعوها فإنها جبارة» انتهى.

ولما كان مشيهن مع الجدران نهى - عليه الصلاة والسلام - عن البول هناك لئلا ينجس مرط من مرت عليه إلى غير ذلك من الحكم الشرعية، وفوائدها متعددة، وانظر رحمنا الله وإياك إلى هذه السنن كيف اندرست في زماننا هذا حتى بقيت كأنها لم تعرف لما ارتكبن من ضد هذه الأحوال الشرعية، فتقعد المرأة في بيتها على ما هو معلوم من عادتهن بحفش ثيابها وترك زينتها وبحملها، وبعض شعرها نازل على جبهتها إلى غير ذلك من أوساخها وعرقها حتى لو رآها رجل أجنبي لنفر بطبعه منها غالبا فكيف بالزوج الملاصق لها، فإذا أرادت إحداهن الخروج تنظفت وتزينت ونظرت إلى أحسن ما عندها من الثياب والحلي فلبسته، وتخرج إلى الطريق كأنها عروس تجلي، وتمشي في وسط الطريق وتزاحم الرجال ولهن صنعة في مشيهن حتى أن الرجال ليرجعون مع الحيطان حتى يوسعوا لهن في الطريق أعني المتقين منهم، وغيرهم يخالطوهن ويزاحموهن ويمازحوهن قصدا، كل هذا سببه عدم النظر إلى السنة وقواعدها وما مضى عليه سلف الأمة - رضي الله عنهم -، فإذا نبه العالم على هذا وأمثاله انسدت هذه المثالم ورجي للجميع بركة ذلك فمن رجع عما لا ينبغي فهو القصد الحسن ومن لم يرجع علم أنه مكتسب للذنوب فيبقى منكسر القلب لأجل ذلك، وفي الكسر من الخير ما قد علم، ومن انكسر رجي له التوبة والرجوع

فصل في خروج النساء إلى شراء حوائجهن وما يترتب على ذلك

وينبغي له إن كانت لأهله حاجة من شراء ثوب أو حلي أو غيرهما فليتول ذلك بنفسه إن كانت فيه أهلية لذلك أو بمن يقوم عنه بذلك على لسان العلم وهو معلوم، ولا يمكنهن من الخروج ألبتة لهذه الأشياء، إذ أن ذلك يفضي إلى المنكر البين الذي يفعله كثير منهن اليوم جهارا أعني في جلوسهن عند البزازين والصواغين وغيرهما فإنها تناجيه وتباسطه وغير ذلك مما يقع بينهما، وربما كان ذلك سببا إلى وقوع الفاحشة الكبرى، ألا ترى إلى قوله - عليه الصلاة والسلام - «باعدوا بين أنفاس النساء وأنفاس الرجال» ، وما ورد من أنه «لو كان عرق من المرأة بالمشرق وعرق من الرجل بالمغرب لحن كل واحد منهما إلى صاحبه» ، أو كما قال، فكيف بالمباشرة والكلام والمزاح فإنا لله وإنا إليه راجعون على عدم الاستحياء من عمل الذنوب، وقد قال بعض السلف - رضي الله عنهم - إن للمرأة في عمرها ثلاث خرجات: خرجة لبيت زوجها حين تهدى إليه، وخرجة لموت أبويها، وخرجة لقبرها، فأين هذا الخروج من هذا الخروج، وهذه المفاسد كلها حاصلة في خروجهن على تقدير علمهن بأحكام الشريعة فيما يتعاطونه من أمر البيع والشراء والصرف وكيفية حكم الربا وغير ذلك فكيف بهن مع الجهل بذلك كله، بل أكثر الرجال لا يعلم ذلك، وقد ورد في الحديث «الغيرة من الإيمان» أو كما قال ومن اتصف بهذه الصفة وقع بينه وبين نساء الإفرنج شبه؛ فإن نساءهن يبعن ويشترين ويجلسن في الدكاكين والرجال في البيوت، والشرع قد منع من التشبه بهم.


المصدر:
ابن الحاج المالكي، المدخل (1/245-241)

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.
اقرأ أيضا
لماذا لا يثق الليبراليون بالليبراليات: الجزء الأول | مرابط
فكر مقالات الليبرالية

لماذا لا يثق الليبراليون بالليبراليات: الجزء الأول


يستطيع الليبرالي أن يعيش ازدواجية عنيفة بين شخصيته التي يظهر بها أمام أضواء الإعلام وفي سطور مؤلفاته أو مقالاته وشخصيته الحقيقية التي تظهر عندما تنطفئ هذه الأضواء وعندما يعم الظلام ويجف مداد القلم هنا تظهر هذه الازدواجية لترى الانحلال الأخلاقي والنظرة الشهوانية الجنسية للمرأة التي تقبع داخله بينما ينادي ليل نهار بحرية المرأة والتعامل معها على أنها إنسان له حقوق وكرامة قبل كل شيء وفي هذا المقال سترى الكثير من الشهادات بألسنة الليبراليين أنفسهم لتدرك وهم الليبرالية

بقلم: إبراهيم السكران
2053
شبهة: كل المخلوقات طائعة لله ومع ذلك نجد أن البشر لا يطيعون | مرابط
أباطيل وشبهات

شبهة: كل المخلوقات طائعة لله ومع ذلك نجد أن البشر لا يطيعون


تقول الشبهة: جاء في القرآن أن كل المخلوقات في السموات والأرض طائعة وقاتنة لله تعالى فكيف يستوي ذلك مع ما نجده في حال الإنسان حيث نجد حالات كثيرة من عدم الطاعة من جانب البشر والمقال الذي بين يدينا يفند هذه الشبهة ويرد عليها ويوضح الخطأ فيها

بقلم: محمد عمارة
1512
ما الفقر أخشى عليكم | مرابط
تفريغات

ما الفقر أخشى عليكم


خشى الرسول صلوات الله وسلامه عليه على أصحابه أصلا وعلى من يأتون من بعدهم تبعا يخشى عليهم التكاثر في الأموال ولا يخشى عليهم الفقر لأن الله تبارك وتعالى قد أخبر نبيه عليه الصلاة والسلام بكثير من المغيبات ومنها: أن الله عز وجل سيفتح له كسرى وقيصر وقد تحقق ذلك كما هو معروف في الأحاديث الصحيحة وأخبار السيرة

بقلم: محمد ناصر الدين الألباني
535
معنى جوامع الكلم | مرابط
اقتباسات وقطوف

معنى جوامع الكلم


وهو الكلام الذي ألقى الله عليه المحبة وغشاه بالقبول وجمع له بين المهابة والحلاوة وبين حسن الإفهام وقلة عدد الكلام مع استغنائه عن إعادته وقلة حاجة السامع إلى معاودته لم تسقط له كلمة ولا زلت به قدم ولا بارت له حجة ولم يقم له خصم ولا أفحمه خطيب

بقلم: الجاحظ
354
بيج بن الإسلامية | مرابط
اقتباسات وقطوف

بيج بن الإسلامية


يبدو أن التحديثات التي تشهدها مكة على يد السلطة السعودية لا تثمر تطورا وتقدما عمرانيا وحضاريا إلا على الطراز الغربي وهو ما يعني مزاحمة الجانب الروحاني الذي اختصت به مكة منذ قديم الزمان ومزاحمة الروحانيات التي تجتاح الحجاج في تلك البقعة الطاهرة وهذا مقتطف هام من كتاب من مكة إلا لاس فيجاس يعبر فيه المؤلف عن هذا التقدم وما أحدثه

بقلم: د علي عبد الرءوف
2000
قصص وعبر للنساء ج3 | مرابط
تفريغات المرأة

قصص وعبر للنساء ج3


تفريغ لمحاضرة تأتي ضمن سلسلة من الرسائل النسائية يبدأها الدكتور نبيل العوضي بالرسالة الأولى بعنوان: قصص وعبر وكل قصة من هذه القصص تحمل عبرة فإن من النساء بل من الناس عموما من تمر عليه القصص فلا يعتبر والسعيد من اتعظ بغيره نبدأ هذه القصص لا للتسلية ولا لقضاء الأوقات ولا للطرف ولا للهزل إنما نقص هذه القصص للعبرة

بقلم: د نبيل العوضي
398