أهمية اللغة العربية وبعض خصائصها

أهمية اللغة العربية وبعض خصائصها | مرابط

الكاتب: جامعة أم القرى

478 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

تميزت اللغة العربية بجملة من الخصائص أكسبتها مزيدًا من الأهمية. ومنها:

1-ارتباطها بالوحي، إذ هي لغة القرآن الذي أنزل للناس كافة، وهذا الوحي هو القضية الأساسية للناس كافة، إذ هو دستورهم، ينظم علاقتهم الروحية والاجتماعية والاقتصادية والسياسة. وهذه الخاصية تختص بها العربية دون سائر اللغات، فحتى الكتب السماوية السابقة كانت خاصة بأقوامهم، أما القرآن فهو موجَّه للبشرية كلها.

ثم إن الكتب السماوية السابقة منسوخة بالقرآن فالقرآن مصدق للكتب السماوية التي كانت قبله قبل تحريفها وهو مهيمن عليها ناسخ لها. ومن هيمنة القرآن اكتسبت العربية لغة القرآن هيبة وهيمنة على سائر اللغات، وهكذا اعتبرها علماؤنا أنها أفضل اللغات وأوسعها. قال الإمام الشافعي قبله: " لسان العرب أوسع الألسنة مذهبا وأكثرها ألفاظا وقد علمنا أنه لا يحيط به إنسان غير نبي ".



2- أنها لغة ثابتة وراسخة، وهي ضاربة بجذورها في أعماق التاريخ لأكثر من خمسة عشر قرنا، أما سائر اللغات فتختلف عما كانت عليه قبل قرنين أو ثلاثة قرون تقريبا حتما، فمثلًا لغة (شكسبير) الأديب الإنجليزي - وقد عاش قبل ثلاثة قرون تقريبا - تختلف عن الإنجليزية اليوم، وقد لا يفهمها إلا المتخصصون.

 

3-أنها محفوظة بحفظ الله فتكفل الله سبحانه بحفظ القرآن، والعربية لغة القرآن محفوظة بحفظه. والعربية ثابتة وراسخة في القدم وباقية في المستقبل إن شاء الله، وهي اليوم حاضرة بين أيدينا لغة أدب وشعر وكتابة وتأليف، ولغة مثقفين ومفكرين وعلماء وفقهاء ورؤساء وملوك، ووسائل إعلام ومذيعين.

 

4- أنها لغة راقية في التعبير وتتميز في الفصاحة والبلاغة والصور الفنية البديعة وقد كان العرب في العصر الجاهلي تعجبهم الكلمة الجميلة ويتلذذون بالصور الفنية البديعة وما المعلقات إلا شاهد على ذلك، وقد وجاء القرآن متحديا لهم من جنس ما تميزوا به وهو البيان والفصاحة.

 

5- والعربية لا تنفك عن الإسلام؛ إذ بها يمارس المسلم عباداته وشعائره، وأذكاره وأوراده

 

6- واللغة العربية هي مستودع ذخائر الأمة ومخزونها الثقافي؛ لأن التراث الهائل العربي والإسلامي كله مقيد ومدون بالعربية، ولا تخفي قيمة التراث عند الأمم، فهو حلقة الوصل بين الأمة وعلمائها، وهو الذي يحدد شخصيتها، ويرسم ملامحها.

 

7- تعلم العربية يفتق الذهن

 

خصائص اللغة العربية:

أ- غزارة مفرداتها: فنظرة واحدة في معجم عربي تجد أنك أمام كم هائل من المواد اللغوية، وكل مادة تشتق منها عشرات الكلمات، مثال ذلك: (ك ت ب) فتقول: كتب، يكتب، اكتب، اكتبا، اكتبي، اكتبوا، اكتبن، وأكتب، ونكتب، ويكتب، وتكتب، وكاتب (اسم فاعل) ومكتوب (اسم مفعول) ومكتبة، ومكتب، وكُتُبٌ، وكتيبة، وكَتَبَةٌ، وكاتبة، وكاتبون وكاتبات وكويتب وكويتبات وكتيبات... إلخ. وهذه الخاصية وهبها الله لها لضمان بقائها وقدرتها على النمو ومواجهة تصرفات الحياة.


ب- الطبيعة الاشتقاقية: والمقصود أن المادة اللغوية الواحدة تدور حول معنى معين، ومثال ذالك مادة (ج ن ن) إذ يدور معناها حول الستر والخفاء فالجن مستورون، والجنين مستور في بطن أمة، والمجنون خفي عقله، والجنة خفيت علينا. وأبرز من تميز بهذا ابن فارس صاحب (معجم مقاييس اللغة)، وابن جني يذهب إلى أبعد من ذلك فيجعل المعنى متحدًا حتى لو اختلف ترتيب الحروف (م ل ك) (م ك ل) (ل ك م) (ل م ك) (ك م ل) (ك ل م). ومرجع آخر وهو (المزهر في علوم اللغة وآدابها) للسيوطي.


ج- قيامها علي القوالب البنائية: المقصود بالقوالب البنائية هي هيئة الكلمات ومجيئها على أبنية مختلفة، وكل هيئة أو قالب منها يحمل دلالة مختلفة، وهذه الخاصية تختلف عن اللغات الإلصاقية كالانجليزية مثلا فتقول إن (ing) يدل على المستمر ويكون في آخر الكلمة، أما العربية فتجد مادة لغوية وتستطيع أن تشكل منها كلمات مختلفة في أبنية وقوالب متنوعة فيتبعها اختلاف المعنى، وللأبنية معان معروفة كلما جاءت عليها كلمة لا يمكن أن تخلو من هذا المعنى (غالبًا).

ومن ذلك بناء (فاعل) يطلق على اسم الفاعل مثل شارب، وكاتب.
وبناء (مفعول) يطلق على اسم المفعول مثل: مكتُوب ومضُروب.
وبناء (مِفْعال) يطلق على اسم الآلة نحو: مِفْتاح ومِصْباح ومنِظْار ومِحْراث.
وبناء (فُعَال) يطلق على شيئين: إما الصوت، أو المرض.
فالصوت نحو: بُكَاء، مُوَاء، خُوَار، رُغاء.
والمرض نحو: زُكَام، سُعَال، بُهاق.
وبناء (فَعْله) يطلق على اسم المرة مثل: جلست جَلْسة، أكلت أَكْلَة، أي واحدة.
وبناء (فِعْلة) يطلق على اسم الهيئة نحو: جلست جِلْسة الرئيس، مشيت مِشْية المتبختر، ومنه الحديث (إن هذه مِشْية يكرهها الله إلا في هذا الموضع).
وبناء (فًعْلان) يدل على شيئين: إما خلوٌّ، أو امتلاء.
فالخلو نحو: جوعان عطشان، والامتلاء نحو: شبعان ريَّان غضبان، ومنه (الرحمن) صفة لله سبحانه وتعالى يختص بها أي: ملأ ووسع خلقَه رحمة سبحانه، حتى البهائم وجميع الخلائق.


د- وقوع الاشتراك فيها: والمشترك هو أن يكون للفظ أكثر من معنى، ومثاله (العين) تطلق على العين الناظرة، وعلى عين الماء، وعلى الحسد وعلى الجاسوس.

 

هـ- وقوع الترادف فيها: والمترادف هو أن يكون للشيء الواحد أو المعني الواحد أكثر من لفظ يدل عليهـ مثاله: الأسد؛ يطلق عليه الليث والغضنفر.

 

و- وقوع النحت فيها: وهو انتزاع حرف أو أكثر من كلمتين أو أكثر وصياغة كلمة جديدة لتدل على معني ما انتزعت منه، ومثاله: بسمل الرجل اختصار لقول: بسم الله الرحمن الرحيم، والحوقلة اختصار لا حول ولا قوة إلا بالله، وعبشمي اختصار آل عبد شمس، وعبدلي اختصار آل عبد الله. وفائدة النحت الاختصار، ولكن العربية لا تتوسع في هذا؛ حتى لا يقع الخلط وجهل المعنى، لأنك عندما تسمع كلمة منحوتة لأول وهلة لا يمكن أن تعرف معناها حتى تعرف تاريخها ومم نُحتت.

لأن العربية قائمة على الطبيعة الاشتقاقية، وهذا مفيد جدًا، فعندما تسمع كلمة (منظار) لأول مرة فإنك تستطيع معرفة معناها من خلال قالبها وبنائها، إذ إن هذا البناء يدل على الآلة، وبهذا عرفت نصف المعنى، ثم تقول إن المادة هذه الكلمة هي (ن ظ ر) ومعناها الإبصار، وبهذا عرفت المعنى فتقول: إنها آلة للنظر. ومثله (رُغاء) ستقول إنه صوت أو مرض. أما اللغات الأخرى كالإنجليزية مثلًا فتتوسع في المختصرات اللفظية وهذا يوقع المترجمين والمتحدثين بها في حرج.

 

ي- وقوع الاتساع فيها: والمقصود به المجاز والاستعارة؛ فالمجاز هو استعمال اللفظ في غير ما وضع له علاقة، مع قرينة دالة. مثاله (الأسد) في العربية هو الحيوان المفترس المعروف، وعندما تقول: رأيت أسدا شاكي السلاح، فإن المقصود هو الإنسان الشجاع المقاتل. والعلاقة بين المقاتل الشجاع والأسد الحقيقي هي المشابهة في الشجاعة، ومن الأمثلة رأيت أسدا يخطب على المنبر وقوله سبحانه وتعالى (واخفض لهما جناح الذل من الرحمة) وقوله (واشتعل الرأس شيبا) وقوله (جدارًا يريد أن ينقض فأقامه) وقولة (واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها وإنا لصادقون).

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#اللغة-العربية #خصائص-العربية
اقرأ أيضا
مكانة السنة النبوية | مرابط
تعزيز اليقين فكر

مكانة السنة النبوية


إن دراسة السنة من أهم العلوم وأفضلها وأشرفها عند الله سبحانه وتعالى وإن من أعظم ما يتقرب به المتقربون إلى الله سبحانه وتعالى ويسعى إليه الساعون هو طلب أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك العناية بصحيحها وسقيمها فإن سنة النبي صلى الله عليه وسلم وحي من الله سبحانه وتعالى أوحاه إلى نبيه صلى الله عليه وسلم بواسطة جبريل وهي قرينة للقرآن من جهة الاحتجاج ولذا فإنه قد أجمع أهل السنة على أن سنة النبي صلى الله عليه وسلم وحي من الله سبحانه وتعالى

بقلم: عبد العزيز الطريفي
1063
التمركز حول الأنثى | مرابط
اقتباسات وقطوف المرأة

التمركز حول الأنثى


وإذا انسحبت المرأة من الأسرة تآكلت الأسرة وتهاوت وتهاوى معها أهم الحصون ضد التغلغل الاستعماري والهيمنة الغربية وأهم المؤسسات التي يحتفظ الإنسان من خلالها بذاكرته التاريخية وهويته القومية ومنظومته القيمية

بقلم: عبد الوهاب المسيري
590
شبهة الشر | مرابط
أباطيل وشبهات فكر مقالات الإلحاد

شبهة الشر


يناقش هذا المقال إشكالية الشر في العالم حيث أنها من أقدم الشبهات والإشكالات التي واجهت العقل الإنساني على مر العصور ويستعرض الكاتب عباس محمود العقاد تاريخ هذه الإشكالية بشكل موجز ثم يعرض لنا الرد عليها أو الحل الذي يسميه حل التكافل في مقابل الحلول الأخرى التي ظهرت في قديم الزمان

بقلم: عباس محمود العقاد
2184
كيف أبدأ ..؟ | مرابط
ثقافة

كيف أبدأ ..؟


والله لا أستطيع إحصاء الرسائل التي تأتيني يوميا:كيف أبدأ في حفظ القرآن ولماذا ومتى وأين ومع من؟كيف أبدأ في طلب العلم؟ ما المراحل والخطط والكتب والطبعات وكيف أدرس وأحفظ وأراجع؟كيف أبدأ في الرياضة.. كيف أنقص وزني؟كيف أربي أولادي ومتى وأين؟.. إليكم الجواب.

بقلم: حسين عبد الرازق
391
الإمبريالية النفسية | مرابط
فكر مقالات

الإمبريالية النفسية


الرؤية المعرفية العلمانية الإمبريالية هي الرؤية المهيمنة على المجتمعات الغربية وعلى الإنسان الغربي في علاقته مع بقية أعضاء المجتمع أو مع أعضاء أسرته أو حتى مع نفسه فهو حينما يبني بيتا يخضعه تماما لعملية الترشيد المادية حيث يبنيه بهدف الإتجار فيه وتحقيق الربح ثم يتركه بعد بضع سنين وكأن المنزل والسلعة لا فرق بينهما وهو حين يدخل في علاقة مع أنثى لا يبحث عادة عن الطمأنينة وإنما يحاول تعظيم اللذة وتتحول العلاقة العاطفية إلى علاقة غزو وهو إنسان بسيط ذو بعد واحد دائم التنقل والترحال لتحقيق الربح و...

بقلم: عبد الوهاب المسيري
1274
من منكرات الأفراح | مرابط
تفريغات

من منكرات الأفراح


إن الزواج نعمة من الله عز وجل كما قال الله تبارك وتعالى: ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة الروم:21 فهذه من آيات الله ومن نعم الله وإذا كانت كذلك فهل يليق بنا أن نستفتح هذه النعمة بشيء محرم؟ الجواب: لا.

بقلم: ابن عثيمين
378