معالجة الإسلام للجريمة ومعالجة المناهج الأخرى

معالجة الإسلام للجريمة ومعالجة المناهج الأخرى | مرابط

الكاتب: عمر الأشقر

745 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

وعندما توجد الجريمة ينبغي أن تعالج، وعلاجها في الإسلام مختلف، فالإسلام يعالجها لا كما تعالجها أوروبا، إذ أن علاجها في أوروبا جعلها تزداد وتنتشر؛ لأنها تعالج علاجًا خاطئًا.

فالإنسان قد يجرم بجريمة واحدة، فيأتي عالم الغرب بعلاج السجن، فيلتقي مع مئات من المجرمين؛ فيعلمونه الإجرام، ويخرج أستاذًا في الإجرام، ويكثر المجرمون، فيحتاج الناس إلى أن يهيئوا لهم السجون، ويهيئوا لهم الحراس، ويهيئوا لهم الذين يطبخون، والذين يعنون بهم، فنحتاج إلى جيوش يقومون على رعايتهم.

أما الإسلام فيعالج الجريمة بما وضع لها من حدود وعقوبات، وقد بين القرآن سبيلها، وأمر أن يكون ذلك أمام طائفة من المسلمين ليأخذوا منه العبرة والعظة، الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [النور:2]؛ وذلك ليعتبروا ويتعظوا، فإذا شاهد الإنسان العقوبة تحل بغيره عند ذلك إذا لم يزعه سلطان الإيمان والخوف من الله خاف من سلطان البشر، ومن العقوبة التي يمكن أن تنزل عليه، وإذا ما رأى غيره وقع به العذاب فإنه يخاف أن يكون يومًا ما مكانه إذا فعل مثل جريمته فيقع به ما وقع بغيره، عند ذلك يتعظ ويخاف ويبتعد.

فمن قتل وكان متعمدًا وأصر أولياء القتيل على قتله يقتل، ومن زنا إن كان محصنًا رجم حتى الموت، وإن كان غير محصن جلد مائة جلدة، ونكون بذلك قد أدبناه وأدبنا بتأديبه من شاهدوه ومن رأوه.

فالعلاج من ناحيتين: تعالج الجريمة باستئصالها من جذورها، حتى تغسل الأرض، وتنظف وتطيب، ويغسل المجتمع حتى لا تترعرع فيه الجريمة، فإذا نشأت الجريمة فإنه يعالجها، ويزيل آثارها، ويربي الناس بها، عند ذلك تكون الجريمة في إطار ضيق قليل، فتكون محصورة لا تؤثر في أمن الناس، ولا تسبب لهم المشكلات، وبغير هذا لن تكون الجريمة موجودة فحسب، بل ستكون منتشرة، وفرق بين وجودها وبين انتشارها.

فنحن نقول للذين يرددون بأن الجريمة موجودة، نحن لسنا مجتمعًا شاذًا، فالجريمة موجودة في أوروبا، وفي بريطانيا، وأمريكا، ففي بعض المدن في أمريكا يحصل اعتداء على كل واحد من ثلاثة أشخاص، فإذا كانت المدينة ثلاثة ملايين فإن ثلثها المليون بكامله يحصل على الاعتداء، فهل ننتظر حتى يصل الأمر بنا كما وصل بتلك الديار؟!

وفي بريطانيا رجل مجرم واحد كلف الدولة أربعة ملايين من الدنانير حتى قبض عليه؛ لأنه كان متخصصًا في قتل النساء، ففزعت المقاطعة كلها، وكان نساؤها لا يستطعن أن يسرن إلا وهن محصنات، فخصصت الدولة جيشًا كاملًا من الشرطة والمباحث لملاحقة هذا الرجل، وبعد سنوات طويلة قبض عليه بطريق المصادفة.

فليس من الطبيعي أن تنتشر الجريمة وتسود، وأن يذهب الأمن من القلوب والنفوس، وأن تعيش النساء في رعب، وأن تحدث جريمة كل سنة أو كل سنتين.

 


 

المصدر:

محاضرة أسباب الجريمة وعلاجها

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الجريمة
اقرأ أيضا
صدق المرسلين | مرابط
اقتباسات وقطوف

صدق المرسلين


مقتطف من كتاب درء تعارض العقل مع النقل لشيخ الإسلام ابن تيمية يشير فيه إلى استحالة أخذ النبي صلى الله عليه وسلم أي شيء من أهل الكتاب ولكن التشابه فيما أخبر به الرسول وأي رسول قبله يوحي بأن المرسل واحد ويدل على صدق المرسلين وهذا ما ينكره أهل الكتاب

بقلم: شيخ الإسلام ابن تيمية
2414
السيطرة على الصورة | مرابط
اقتباسات وقطوف ثقافة

السيطرة على الصورة


مقتطف من مقدمة كتاب المتلاعبون بالعقول للكاتب هربرت شيللر يتحدث فيه عن أهمية وضرورة السيطرة على الصورة وعلى أجهزة المعلومات وكيف ينتهي شكل شبكات الإعلام إلى مجموعة من التكتلات التي يسيطر عليها مجموعة من الملاك لأهداف واضحة

بقلم: هربرت أ شيللر
475
عداء اليهود للمسلمين الجزء الثاني | مرابط
تفريغات

عداء اليهود للمسلمين الجزء الثاني


تمكن المسلمون من فتح الأندلس ثم خرجوا منها وليس ذلك بسبب قوة أعدائهم وإنما بتفرق كلمتهم وتجزئهم وانقسامهم فأزال الله سبحانه وتعالى دولتهم وخرجوا من تلك الديار بعد أن عمروها مئات السنين واليوم في وسط بلاد المسلمين تقوم دولة لليهود اغتصبت جزءا من ديار المسلمين في أول الأمر ثم زادت عليه فأخذت فلسطين كلها وأخذت أجزاء أخرى من بلاد المسلمين وهي تطمع غدا في احتلال الأردن وسوريا ومصر والعراق وتصل إلى منابع النفط وإلى المدينة المنورة وإلى خيبر حيث كان يقيم آباؤهم وأجدادهم في الماضي

بقلم: عمر الأشقر
689
أعذار أهل العلم | مرابط
اقتباسات وقطوف

أعذار أهل العلم


ومن أعظم المحرمات وأشنع المفاسد إشاعة عثراتهم والقدح فيهم وفي غلطاتهم وأقبح من هذا إهدار محاسنهم عند وجود شيء من ذلك. وربما يكون -وهو الواقع كثيرا- أن الغلطات التي صدرت منهم لهم فيها تأويل سائغ ولهم اجتهاد هم فيه معذورون والقادح فيهم غير معذور.

بقلم: عبد الرحمن السعدي
394
لا يأمن البلاء من يأمن البلاء | مرابط
أباطيل وشبهات

لا يأمن البلاء من يأمن البلاء


هذا رسولنا صلى الله عليه وسلم يلح في الدعاء بأن يثبت الله قلبه على الدين وأن يعيذه من فتنة المحيا والممات ومن فتنة الدجال. وهذا إبراهيم الخليل عليه السلام يدعو الله بأن بجنبه عبادة الأصنام وهو المعصوم! فمن هذا الذي يأمن على نفسه فيلج إلى مواطن الفتن غير آبه؟ ومن تلك التي تحسب نفسها من الملائكة فتلج إلى مواضع الشبهات غير عابئة بأي شيء؟

بقلم: محمود خطاب
425
السلفية السائلة: مفهوم السلفية في مسارب ما بعد السلفية ج2 | مرابط
مناقشات

السلفية السائلة: مفهوم السلفية في مسارب ما بعد السلفية ج2


حين بدأت بمطالعة كتاب ما بعد السلفية كنت حريصا على أن تتخلق في نفسي انطباعاتي الذاتية عن الكتاب بعيدا عن ضغط تأثير انطباعات الآخرين خصوصا وأنا أعلم أن الكتاب سيكون كتابا جدليا بامتياز وسيحدث جدلا في المشهد الفكري والشرعي بشكل عام وفي الداخل السلفي بخاصة والذي ستتشكل فيه بؤر ممانعة ذاتية طبعية من النقد والمراجعة فبعض النفوس قد لا تحتمل النقد وبعضها قد تحتمله ولكن لا تحتمل أن يكون معلنا وأجدني -بحمد الله- كما أجد غيري ميالا إلى استيعاب الممارسة النقدية واسع الصدر لها بل داعيا ومرحبا بها كونها...

بقلم: عبد الله العجيري
1313