لماذا خلقني كأنثى؟

لماذا خلقني كأنثى؟ | مرابط

الكاتب: محمد بن رمضان

1197 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

"لماذا خلقني كأنثى؟"

هذا جزء من رسالة أُرسلت لي من فتاة عبر تويتر تقول فيها: ‏"لماذا خلق الله النساء؟ ‏إذا الله كتب على نفسه الرحمة لماذا خلقني كأنثى؟ ‏لماذا جعل الرجل الذي يرى امرأة يريد أن يصل إليها؟ لماذا جعل قوة الرجل أكبر وجعل النساء فرائس سهلة القتل وهتك الأعراض واللمس؟ ‏هل الله رحيم مع النساء؟ ‏أين هو عدل الله مع النساء؟ ‏هل خلقنا ذوات مشاعر وعواطف لتعذيبنا؟ أم ماذا؟"

فسألتها: "هل أنتِ مسلمة؟" قالت: "نعم"

جواب عام

فقلت: ‏"إن كنت مسلمةً حقًا، فالمسلم يؤمن بإله حكيم كامل الحكمة لا يظلم إنما يعدل ويتفضل.

‏إذا ءامنتي بهذا -قولًا وعملًا واعتقادًا- فستزول كل هذه الشبهات عنك.

‏كل شيء بحكمة، كل شيء مقدر، لا وجود للعبث والظلم في شريعة الله، وهذا لا ينفي خلق الله للظلم.

‏فخلقُ الله للظلم لا يعني أن الله ظالم أو أن الله يحب الظلم، بل خلقَ الله الظلم لحكم كثيرة ومنها ليعرف الناس قيمة العدل كما لا يعرف قيمة الصحة إلا من أصابه مرض.

‏فالله عز وجل نهى عن الظلم شرعًا وأراده كونًا لحكم معينة.

‏هذا الظلم من المخلوقين منهيٌ عنه، فالمخلوقين يظلمون أنفسهم تارةً، ويظلمون غيرهم تارةً أخرى، وإن لم يُحاسب الظالم في الدنيا، فيوم القيامة الله خير الحاكمين.

‏فلا تسألي لماذا خلقني الله أنثى فهذا لا يليق بمقام الله عز وجل ﴿لا يُسأَلُ عَمّا يَفعَلُ وَهُم يُسأَلونَ﴾، بل اسألي ما الحكمة من خلقي كأنثى؟ وسواء عرفتي الإجابة أم لا، فستكونين مطمئنة في كلتا الحالتين، لأنك توقنين بأن للأمر حكمةً، لأنه من عند الله.

‏هذا جوابٌ عام.

‏أما التفصيل فأقول: أنا هنا لن أدهنك ولن أميع وأبدل دين الله لأجلك، كما يفعل بعض من ينتسب للعلم، خوفًا على الفتيات من الإلحاد، ولا يدري المسكين بأنه هو من يلحد، فلا هو الذي أنقذهن ولا هو الذي حافظ على نفسه.

‏الأنوثة في ذاتها نقص -كما اعترفتي- والله عز وجل خلق الرجال وفضلهم على النساء لحكمة شائها المولى عز وجل ثم كلّفهم.

العدل لا المساواة

‏لا مساواة في شريعة الله إنما هو العدل والفضل.

‏فوجود القوي والضعيف لا يعني الظلم، إنما الظلم يقع عندما يكلّف الضعيف مثل تكليّف القوي.

‏فالله عز وجل خلق الرجال أشرف وأكمل من النساء ثم كلّفهم بتكليفات كثيرة لم يكلّف بها غيرهم مثل الجهاد والنفقة والكسوة والمهر والصلاة في المسجد والخ.

‏فلماذا لا تعترضين بـ"لماذا الرجل مكلف بالجهاد والنفقة والكسوة والمهر و و وأنا لا أجاهد وينفق علي أبي أو أخي ثم زوجي ثم أبنائي؟"

‏ولن تعترضي أبدًا، لأنك ببساطة متأثرة بسردية المظلومية التاريخية، وهي سردية نِسوية شيطانية استرقت عقول النساء، ليصبحن مواليات ومعاديات على جنسهن، يعادين الفطرة والدين والعرف للانتصار لهذه السردية.

الفوارق الجسدية والنفسية

‏أما قولك "لماذا جعل الرجل الذي يرى امرأة يريد أن يصل إليها؟ لماذا جعل قوة الرجل أكبر وجعل النساء فرائس سهلة القتل وهتك الأعراض واللمس؟"

‏فأقول: خلق الله في الرجال شهوة تجاهك وأمرك بلزوم البيت -إلا لحاجة أو ضرورة- والحجاب وعدم الاختلاط لتسدين ذرائع صرف هذه الشهوة بالحرام.

‏فأما من لا تلزم بيتها لتخرج متبرجةً تزاحم الرجال ثم تشتكي إذا مسها أذى "لماذا خلقني الله ضعيفة والرجال ينتهكون عرضي؟"

‏فهذه ما أدركت رحمة ربها الذي أمرها بكل ما سبق لتستكبر على شريعته وتظن أنها بغيرها ستنجو.

المشاعر والعاطفة

‏وقولك "هل خلقنا ذوات مشاعر وعواطف لتعذيبنا؟"

‏فأقول: خلق الله المشاعر والعواطف ليختبرنا أين نصرفها؟ فمن صرفها في الحلال لا يُعذب بل يُنعم، ومن استهلكها في الحرام عُذِبَ بها، فالأمر لك إما نعيم أو عذاب.

‏صدقيني الله عز وجل أرحم بك من أمك وأبيك بل أرحم بك من نفسك ولن تتذوقي آثار رحمته إلا بالتواضع للحق، وهذا يعني التوجه إليه استسلامًا وانقيادًا وتعظيمًا وإجلالًا.

‏المرأة المسلمة تتربى تحت أكناف وعد رسول الله ﷺ الذي بذرَ في قلوب الأباء المودة والرحمة (من كان له ثلاثُ بناتٍ فصبر عليهن وأطعمهنَّ وسقاهنَّ وكساهُنَّ مِن جِدَتِه كنَّ له حجابًا من النَّارِ يومَ القيامةِ)

‏وتتزوج ويراعي الزوج فيها قول الله تعالى ﴿وَمِن آياتِهِ أَن خَلَقَ لَكُم مِن أَنفُسِكُم أَزواجًا لِتَسكُنوا إِلَيها وَجَعَلَ بَينَكُم مَوَدَّةً وَرَحمَةً﴾.

‏وتنجب ليطبق أبناؤها قول النبي ﷺ (أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أَبُوكَ)

‏كل هذه الأوامر والإرشادات مراعاةً لنقصها وضعفها ورقتها.

وكل تقصير من الرعاة يحاسبون عليه، ولا يُنسب هذا التقصير لله جلا جلاله.

‏ولا أنسى تذكيرك بأن هذه دنيا دنيئة زائلة وما هي إلا دار اختبار فيها صعوبات ومشقات، وليست بدار قرار وخلود ونعيم أبدي.

‏أسأل الله أن ينور بصيرتك ويهديك إلى الحق والصراط المستقيم ويشرح صدرك للإيمان والهدى"

والله المستعان.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#قضايا-المرأة
اقرأ أيضا
رسالة المصلح | مرابط
اقتباسات وقطوف

رسالة المصلح


إن المصلح الصادق لا تغره أرقام المتابعين ولا أعداد المشاهدين ولا كثرة المنتسبين لبرامجه إذ إن نجاحه الحقيقي هو في تحقيق عبوديته لله تعالى بالقيام بدينه وتبليغ العلم النافع والإصلاح ما استطاع ثم إن بارك الله له فيما قدم فانتفع به الناس فهو يدرك أن هذا الفتح والبركة إنما هي من الله سبحانه وتعالى فيحمده ويشكره ويفرح بنعمة الله عليه وعاجل بشراه له.

بقلم: أحمد يوسف السيد
274
الحكمة من جعل الصلاة على النبي تفريجا للكربات | مرابط
تعزيز اليقين

الحكمة من جعل الصلاة على النبي تفريجا للكربات


لقد خلق الله النبي صلى الله عليه وسلم وصنعه على عينه واصطفاه اصطفاء جديرا بأن يكون له ما لم يكن لغيره لا من جهة خصه بإعلاء اسم الله تعالى وإظهار دينه والعمل بشريعته فقط.. بل أيضا من جهة المحبة واللطف والعناية التي لا توازيها محبة ولطف وعناية..

بقلم: محمد وفيق زين العابدين
391
استفسارات الحرية | مرابط
مناقشات

استفسارات الحرية


هذا الكتاب الذي سماه مؤلفه فضاءات الحرية وهو دراسة تفصيلية غزيرة مليئة بالمناقشات والحجج والاستشكالات والإيرادات والشواهد والمعطيات حول الخطوط الفاصلة بين الحرية في التصور الإسلامي والحرية في التصور الليبرالي الغربي الحديث فالمؤلف بشكل عام- يبتدئ كل فصل بعرض ميادين الحرية الواسعة في الإسلام في هذا المجال ثم يتبعها بمناطق الاختلاف والتمايز عن الحرية الليبرالية الغربية في هذا الباب

بقلم: إبراهيم السكران
2356
هم يوسف عليه السلام | مرابط
أباطيل وشبهات

هم يوسف عليه السلام


من الشبهات التي يروجها أعداء الإسلام أن القرآن قد نسب إلى الصديق يوسف عليه السلام الهم في الخطيئة مع زوجة العزيز وزعموا أن كتب التفسير مليئة بصور مشينة لهذا الهم الفاسد الذي لا يليق بنبي كريم وبين يديكم الرد المفصل على هذه الشبهة

بقلم: منقذ السقار
642
معنى الحجاب | مرابط
تفريغات المرأة

معنى الحجاب


قالت عائشة عليها رضوان الله تعالى كما روى البخاري و مسلم: رحم الله النساء المهاجرات حينما أنزل الله عز وجل: وليضربن بخمرهن قطعن مروطهن واختمرن بها قال غير واحد من شراح الحديث: إن المراد بذلك أنهن قطعن المروط وغطين بهن الوجوه وقد جاء هذا المعنى عن غير واحد من المفسرين.

بقلم: عبد العزيز الطريفي
325
ما ذنب من لم يقتنع بالإسلام | مرابط
أباطيل وشبهات

ما ذنب من لم يقتنع بالإسلام


يخرج علينا بعض المشككين بتساؤل جديد وهو: ماذا إذا لم يقتنع الشخص بالإسلام ما ذنبه في ذلك لماذا يحاسب على هذا أو حتى يلام على قناعاته العقلية لماذا يدخل النار والحقيقة أن هذا التساؤل فيه خلط وأباطيل كثيرة وفي هذا المقال الموجز والمختصر رد على التساؤل وتوضيح ما به من خطأ

بقلم: موقع هداية الملحدين
1238