حجاب الغفلة

حجاب الغفلة | مرابط

الكاتب: د. طلال بن فواز الحسان

272 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

حجاب الغفلة من أعظم جند الشيطان لإغواء بني آدم، وما أحوج العبد إلى تمزيق هذا الحجاب بين الفينة والأخرى حتى لا يفجؤه الموت وهو بعيد عن الله، حينها تتجلى له الحقيقة. ويعض أصابع الندم على ما قدم وأخر.

إن زيارة واحدة للمقبرة ورؤية ذلك اللحد الضيق تكشف لك حقيقة الدنيا وتبين لك عوارها.. أهده نهاية الدنيا التي يتقاتل الناس من أجلها وفعلوا لأجلها الأفاعيل؟

لو تكلم أصحاب المقابر لقالوا: يا أهل الدنيا إن أكثر ما عندكم الففلة. وأكثر ما عندنا الندامة والحسرة.

إن الرجل لينبل في عيني وأستدل بذلك على عقله وصحة منطلقاته إذا رأيت ذكر القبر والآخرة وحضور الموت في خطابه وإنها أمارة خير واصطفاء، ألم يقل ربنا في سورة ص بعد ذكر ما من به على آنبباءه من العطايا (إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار).

أي: خصصاهم بخصيصة عظيمة اختصصناهم بها وهي إعمار قلوبهم بذكرى اليـوم الآخر والاستعداد له بالعمل الصالح..

قارن هذا بالخطابات المادية المعاصرة التي تستسذج هذه الخطاب وتصفه بالدروشة وعقيدة انتظار الموت. وهذا وربي من تريين الشيطان للعمل السيء (أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا).

مع هذا الانفتاح الدنيوي وتزيين الدنيا في قلوب الناس الذي يتولى كدره مشاهير السوشل ميديا وغيرهم أصبح من الضروري في باب الدعوة الى الله كسر أوثان المادة في قلوب الناس وإخراج الدنيا من قلوبهم، وإن هذا من أشرف ما يدعى إلى الله به خاصة في هذا الزمن.

كل شيء حولك يزين لك الدنيا ويجمّلها في عينيك ويجعلك تسعى وتكدح لتعب منه عبًّا على حساب دينك وعبادتك وعلاقتك بالله .. 

ثم ماذا؟

قد يتخطفك الموت في أي لحظة وتنتقل إلى الدار الآخرة في لحظات أي وربي في لحظات وتوسد في قبرك وتبقى رهينة أعمالك، حينها تعلم أن ما ألهاك وأشغلك لن ينفعك وقد أشغلك عن حياتك الأبدية ومستقبلك الأخروي.

ومن الحكم المناسبة لما نحن بصدده: (من تذكر خنق الفخ هان عليه هجران الحبة).

ومن جميل المأثورات عن الإمام الشافعي فوله: (لو أوصى رجل بشيء لأعقل الناس صرف للزهاد). 

نعم، وهل هناك أعقل ممن ترك الفاني وأقبل على الباقي وسعى لأن يبني لنفسه مستقبلا عامرا بعد فناء البشرية. 

ألا يستحق الفردوس الأعلى هذا العناء؟
تخيل مستقبلك الأبدي مع النبيين والصديقين والشهداء، هناك حيث لا موت، بل حياة أبدية، إنها ليست أبدية فحسب. بل أبدية بأعلى درجات السعادة في قصور الجنة ونعيمها.

أبدية بلا أدنى أدنى مثقال ذرة من منغصات لا مرض ولا فقد ولا فراق ولا موت ولا نصب. 

يقول الله جل وعلا في الحديث القدسي: ( أعددت لعبادي ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر). 

لو أن أديبا من الأدباء آتاه الله قلما سيالا وخيالا واسعا وبلاغة عظيمة أخذ يصف لك عرضا قريبا لوجدت نفسك تتشوف إليه وتطمع به، فكيف والله جل وعلا الذي خلق الكون كله يقول لك مرغبا: ( أعددت لعبادي ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر). 

وفي الختام: من لا يُعان لا يفهم المعاني. 

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الغفلة
اقرأ أيضا
تعليل الأحكام: بين مقام التسليم واتباع الهوى | مرابط
أباطيل وشبهات تعزيز اليقين

تعليل الأحكام: بين مقام التسليم واتباع الهوى


لا يتوقف الانقياد للأمر الشرعي على البحث عن الحكمة أو العلة أو غير ذلك من التفاصيل التي غرق فيها المعاصرون وإنما مجرد ثبوت الأمر عن النبي كان كافيا جدا للامتثال والتنفيذ ولكننا اليوم نرى المسلم يكسر قاعدة التسلم بدعوى مخالفة الرأي أو عدم ثبوت الحكمة أو غير ذلك ويتجاهل أن اختبار تسليم العبد من ضمن مقاصد الشريعة الواضحة

بقلم: محمود خطاب
647
مرآة الحياة الجاهلية يجب أن تلتمس في القرآن ج1 | مرابط
مناقشات

مرآة الحياة الجاهلية يجب أن تلتمس في القرآن ج1


تعتبر مقالات محمد الخضر حسين من أهم ما قدم في الرد على كتاب طه حسين في الشعر الجاهلي وهذه المقالات تفند جميع مزاعمه وترد عليها وتبين الخطأ أو ربما الأخطاء والمغالطات التي انطوت عليها نظريته التي قدمها فيما يخص الشعر الجاهلي وكيف أن هذه الأخطاء تفضي إلى ما بعدها وبين يديكم أحد أهم مقالاته في الرد على كتاب طه حسين حول موضوع الحياة الجاهلية وهل نلتمس ملامحها من القرآن أم من الشعر

بقلم: محمد الخضر حسين
706
أين أخطأ المقاصديون الجدد في نظرتهم إلى مقاصد الشريعة ج2 | مرابط
فكر

أين أخطأ المقاصديون الجدد في نظرتهم إلى مقاصد الشريعة ج2


يبدو أن موضوع مقاصد الشريعة يحظى باهتمام بالغ في الساحات العربية خصوصا بعد أحداث سبتمبر فالسياسيون اهتموا به لتمرير أجندتهم السياسية والإعلاميون تمسكوا بها لتبرير مخالفة الإعلام للشريعة وكثير من الدعاة تمسك بها من أجل المزيد من المكتسبات سواء لدى عامة الناس أو لدى شرائح الملأ وتولت مقاصد الشريعة مع ظاهرة الخروج عن مألوف الشريعة المعهود لدى المسلمين بحجة نبذ التقليد والعمل بالدليل مهمة تمرير لبرلة الإسلام وعصرنته وكان أخطر ما في الأمر تبني شرائح إسلامية عديدة لهذا الفكر الأصولي الفقهي فكانوا...

بقلم: الدكتور هيثم بن جواد الحداد
1906
أثر الفتح الإسلامي في نشر الحضارة والعمران | مرابط
اقتباسات وقطوف

أثر الفتح الإسلامي في نشر الحضارة والعمران


إن الفتح الإسلامي ليس كما يصوره الأعداء بأنه سلب ونهب وتخريب بل هو على النقيض من ذلك عمران ونشر للحرية والعقيدة الصحيحة وكان للفتوحات الإسلامية أثر بالغ في مد العمران ونشر الحضارة في بلدان كثيرة وبنور الإسلام بدأت الحركة العلمية تتسع في البلاد وهذا مقتطف للشيخ علي الطنطاوي يعلق على هذه النقطة بشكل دقيق

بقلم: علي الطنطاوي
1332
القراءة العلمانية للتاريخ الإسلامي الجزء الثاني | مرابط
فكر مقالات العالمانية

القراءة العلمانية للتاريخ الإسلامي الجزء الثاني


عندما يجري الحديث عن القراءة العلمانية للتاريخ الإسلامي فإن الأمر يتجاوز الحديث عن وقائع معينة تمت روايتها وتدوينها في كتب التاريخ ليجري الحديث عن الأرضية التي يجري على أساسها تحليل واستنباط النتائج من الوقائع كما أن هذا يشمل المنهج المتبع في التحقق من تلك الوقائع إنه في المقام الأول حديث عن فلسفة التاريخ عن المنهج الذي يسلكه المحلل في قراءته وتوظيفه للأحداث التاريخية في نسقه التحليلي قبل المنهج المتبع في التحقق من صدق الرواية التاريخية

بقلم: يوسف سمرين
1399
دين المؤتفكات: النسوية الجزء الثاني | مرابط
النسوية الجندرية

دين المؤتفكات: النسوية الجزء الثاني


إن الموجة الجندرية المتصاعدة في هذه الأيام والتي تدعو إلى عدم اعتبار الهوية الجنسية البيولوجية الذكر والأنثى وإنما تدعو إلى هوية جندرية جديدة مصنوعة قد يرى فيها الرجل أنه امرأة والعكس قد تشعر فيها المرأة أنها تريد أن تصبح رجلا وتؤدي دوره الاجتماعي كاملا أي أن الجنس لا دلالة له ومن حق الرجل والمرأة اختيار الدور الاجتماعي المفضل وفقا للهوية الجندرية وهذه الموجة التي تدعو إلى تقنين الشذوذ واللوطية وإطلاق الحريات الجنسية لم تصعد إلا على أكتاف الحركة النسوية ومبادئها وأفكارها التي آلت إلى الفلسف...

بقلم: عمرو عبد العزيز
2151