جذور الخطاب المدني المعاصر

جذور الخطاب المدني المعاصر | مرابط

الكاتب: إبراهيم السكران

710 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

والواقع أن المراقبين والنقاد طرحوا تفسيرات كثيرة لظاهرة الانقلاب المعياري هذه التي أشرنا إليها، ومحاولات متعددة لاستكشاف النواة الجوهرية التي انبثقت عنها تطبيقات ومواقف وإحداثيات هذا الخطاب المدني المتطرف، فبعض النقاد يرى أن السبب هو "الانبهار بالغرب"، والواقع ان الانبهار بالغرب أحد النتائج وليس العامل الحاسم كما سيأتي توضيح ذلك.

وبعض النقاد اعتقد أن الجذر الدفين في هذه الظاهرة هو "العقلانية"، والواقع أن هذه الظاهرة ليس لديها نظرية فعلية في "مصادر المعرفة" بحيث تقدم ما دل عليه العقل وترد ما عارضه، بل هي تارة مع العقل وتارة مع النص وتارة مع الذوق الشخصي وتارة مع المألوف وتارة ضد هذه كلها، فهي تدور مع المنتج الحضاري الجديد بغض النظر عن علاقته بمصادر المعرفة، وأعتقد أن تكوين "منظومة عقلانية متماسكة" أكبر بكثير من قدرات هذه الظاهرة وكتابها أساسًا.

وبعض النقاد اعتقد أن هذه الظاهرة هي امتداد تاريخي لمدرسة "المعتزلة"، والواقع أن هذا التفسير قد أبعد النجعة كثيرًا، فمدرسة المعتزلة هي مدرسة دينية متزمتة أخرجت الفساق من الإسلام، وشرعت للمنابذة المسلحة لأئمة الجور، وناضلت الفلسفة الإغريقية بنفس أدواتها، ووصفهم كثيرًا من المحققين في علم الفرق بأنهم أصحاب إرادات أي أصحاب نسك وعبادة، وكان لديهم نتاج عقلاني منظم. وإنما سبب زيغهم غلوهم في التنقير بالعقول في الغيبيات وتقديمها على مضامين المرويات، حتى نتجت عن ذلك أصولهم الخمسة المعروفة، لا لأنهم أعرضوا عن الشرائع وانبهروا بأمة من أمم الكفر. فالمعتزلة مدرسة غلو لامدرسة تساهل، بل إن المعتزلة أشرف بكثير من الخطاب الفرانكفوني المعاصر الذي يحاول الوصول إلى تناقضات داخلية في التراث الإسلامي بهدف تحييد الوحي جملةً عن الحياة العامة.


 

المصدر:

إبراهيم السكران، مآلات الخطاب المدني، ص9

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.
اقرأ أيضا
الإيمان الديني: هل هو قائم على التسليم أم البرهنة؟ | مرابط
أباطيل وشبهات مقالات

الإيمان الديني: هل هو قائم على التسليم أم البرهنة؟


يقول عدد من أنصار العلموية في العالم العربي ودعاة المذهب الإيمانوي في الغرب إن الاستدلال للإيمان الديني ببرهان الإعجاز العلمي أو أي برهان آخر من أي جنس باطل ضرورة فإن الإيمان الديني قائم على التسليم لا البرهنة كما أن الاستدلال بالوحي للعلم داع لترك البحث العلمي والركون إلى أخبار الأسفار المقدسة التي لم تنزل لصناعة وعي علمي

بقلم: د. سامي عامري
415
لماذا يكرهون ابن تيمية؟ | مرابط
فكر

لماذا يكرهون ابن تيمية؟


من أجل هذا ونحوه يصدكم أهل الأهواء ودعاة الشرك بالله عن القراءة لابن تيمية لأنه لا يسلم بالمحدثات وهم المحدثون المبتدعون ولأنه يسأل كل قائل عن إسناده إلى الله أو رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كانت عبادة ودينا مما يسع فيها الاختلاف.. فكيف إن كان الأمر جنة ونارا وشركا وإيمانا مما لا يجوز فيه اختلاف ولا نزاع؟

بقلم: خالد بهاء الدين
578
أصلح نظام لتسيير العالم الإنساني اليوم هو الإسلام | مرابط
فكر مقالات

أصلح نظام لتسيير العالم الإنساني اليوم هو الإسلام


جاء الإسلام أول ما جاء بإصلاح الأسرة وبنائها على الحب والبر والطاعة: الحب المتبادل بين أفراد الأسرة والبر من الأبناء للآباء والطاعة في المعروف من الزوجة للزوج وحاط ذلك كله بأحكام واجبة وتربية تكفل تلك الأحكام وتجعل تنفيذها صادرا من نفس الإنسان والرقابة عليها من ضميره فلا تحتاج إلى وازع خارجي وجعل تقوى الله والخوف منه حارسين على النفس والضمير فكلما هم الإنسان بالزيغ تنبهاه إلى لزوم الجادة

بقلم: محمد البشير الإبراهيمي
928
كيف عامل عمر بن الخطاب أهله أثناء الخلافة | مرابط
تاريخ

كيف عامل عمر بن الخطاب أهله أثناء الخلافة


عن ابن عمر قال: كان عمر بن الخطاب إذا نهى الناس عن شيء دخل إلى أهله أو قال جمع أهله فقال: إني نهيت عن كذا وكذا والناس إنما ينظرون إليكم نظر الطير إلى اللحم فإن وقعتم وقعوا وإن هبتم هابوا وإني والله لا أوتي برجل منكم وقع في شيء مما نهيت عنه الناس إلا أضعفت له العقوبة لمكانه مني فمن شاء فليتقدم ومن شاء فليتأخر

بقلم: حاكم المطيري
560
رد الإمام أحمد على الحلولية | مرابط
اقتباسات وقطوف

رد الإمام أحمد على الحلولية


مقتطف من كلام الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه أثناء رده على الحلولية حينما زعموا أن الله في كل مكان ولا يكون في مكان دون مكان ونتعلم هنا كيف يلزمهم بلوازم تفضي كلها إلى نتائج محددة ونستقي من كلامه أسلوب المناظرة والمحاورة لأهل الفرق الضالة الأخرى

بقلم: أحمد بن حنبل
2057
حقيقة الإخلاص | مرابط
اقتباسات وقطوف

حقيقة الإخلاص


مقتطف هام من محاضرة للشيخ سفر الحوالي بعنوان من أعمال القلوب الإخلاص يتحدث فيها عن حقيقة الإخلاص في دين الإسلام ويستدل بعدد من الآيات والسور التي تتناول هذه المسألة بشكل مفصل حيث نجد بعض السور القرآنية العظمى التي تتحدث عن التوحيد تشترط ذلك وإن لم تنص عليه نصا كما في سورة الأنعام فإن أكثر معانيها وموضوعاتها تتعلق بتوحيد الله وتجريد العبادة له ونفي الشرك عنه

بقلم: سفر الحوالي
442