بيان سنن الله في الكون

بيان سنن الله في الكون | مرابط

الكاتب: محمد الحسن الددو الشنقيطي

312 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

"هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ" [آل عمران:138].

هذا البيان الذي جاء من عند الله تعالى ببيان سننه وببيان المعادلة الواضحة بين الحق والباطل، وبيان الفرق الشاسع بين أهل الجنة وأهل النار، بيان أي: إيضاح يحتاج الناس إليه، فهو علم من علم الله تعالى وهو الحق الذي لا مرية فيه ولا شك، (هذا بيان للناس).

 

إقامة الحجة

وهو بيان لجميع الناس من كان مصدقًا منهم ومن كان مكذبًا، فمن كان مصدقا ًفهو حجة له وتثبيت ومن كان مكذبًا كان حجة عليه، وكان دامغًا له بالمعجزة الظاهرة الباهرة، "هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ" [آل عمران:138].

ومع ذلك فإن الحجية التي له تأخذ بألباب أهل الإيمان إذا أراد الله لهم الهداية، ففي هذا القرآن هداية لهم وهذا البيان سبب لهداية كثير من الناس، فالله سبحانه وتعالى يهدي به من شاء من عباده ويضل عنه من شاء منهم، فلهذا قال: "هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ" [آل عمران:138].

 

وعظ المتقين

والهدى إنارة طريق الحق، وهو اسم مصدر الهداية، وهو قسمان: هداية توفيق وهداية إرشاد. فهداية التوفيق: أن يأخذ الله بناصية العبد إلى الخير، وهداية الإرشاد هي أن يقيم عليه الحجة، وأن يريه المحجة ببعثة الرسل وتنزيل الكتب، وهداية الإرشاد مثبتة، أثبت الله القدرة عليها للأنبياء، وهداية التوفيق إلى الله وحده.

 

وهداية التوفيق هي التي نسألها ربنا في كل ركعة من ركعات صلاتنا: "اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ" [الفاتحة:6]. وهداية الإرشاد هي التي بين الله أنه أعطى ثمود فلم يأخذوا بها: "وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى" [فصلت:17].

 

ولذلك بين الله تعالى قدرة النبي صلى الله عليه وسلم على هداية الإرشاد فقال: "وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ" [الشورى:52]. وبين أنه لا يستطيع هداية التوفيق فقال: "إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ" [القصص:56]، "وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ" [آل عمران:138].

 

هذا البيان أيضًا فيه موعظة للمتقين، والموعظة مفعلة من الوعظ، والوعظ هو تحفيز النفس للطاعة أي: لامتثال الأمر واجتناب النهي، سواء كان ذلك بترقيق القلب أو كان بالترغيب والترهيب، أو كان ببيان الحكم، فالوعظ ثلاثة أقسام إما بترقيق القلب بذكر الموت وذكر الدار الآخرة، وذكر صفات الله سبحانه وتعالى وتمام قدرته.

 

والقسم الثاني من الوعظ: هو الوعظ ببيان الحكم، أي: ببيان الأحكام، "فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ" [البقرة:275]، أي: جاءه أمر أو نهي من ربه، فهذا النوع يسمى وعظًا أيضًا.

 

والقسم الثالث: هو الوعظ بالترغيب أو بالترهيب، فكل ذلك أيضًا يشمله الوعظ، فهي ثلاثة أقسام إذًا، فلذلك قال: "وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ" [آل عمران:138]. فالموعظة أهلها المنتفعون بها انتفاعًا كاملًا هم أهل الإيمان والتقوى، أما من سواهم فانتفاعهم بها ناقص، ولهذا قال الله تعالى: "إِنَّمَا تُنذِرُ مَنْ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ" [يس:11]. وقال تعالى: "فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتْ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى * ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَا" [الأعلى:9-13].

 


 

المصدر:

محاضرة تقويم الله لغزوة أحد، الجزء الأول

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#سنن-الله
اقرأ أيضا
الطفل والأفكار | مرابط
مقالات ثقافة

الطفل والأفكار


وفي المجتمع الذي يدور فيه عالم الأفكار حول محور الأشياء تأخذ الميول الفردية الوجهة ذاتها. ولقد حدث أن سألت طفلا في إحدى البلاد العربية عما كانوا يعطونه في المدرسة ولم ركن استعمالي فعل أعطى متعمدا لكن جوابه العفوي كان ذا دلالة ظاهرة فقد أجابني: إنهم يعطوننا بسكويت. ومن الواضح أن معنى أعطى عنده يتمفصل بادئ الأمر بعالم الأشياء حتى حينما يستعمل الفعل في الإطار المدرسي في صيغة سؤال. وهكذا فالفرد يدفع ضريبة عن اندماجه الاجتماعي إلى الطبيعة وإلى المجتمع.

بقلم: مالك بن نبي
379
موقف المدرسة العقلية من السنة النبوية الجزء الأول | مرابط
أباطيل وشبهات

موقف المدرسة العقلية من السنة النبوية الجزء الأول


ولما طال الأمد نبتت في المسلمين نابتة من أهل الأهواء ممن لم يستضئ بنور الوحي وتبنت أقوالا شاذة في أصول الدين كالكلام في القدر والكلام في صفات الله تعالى والوعد والوعيد والموقف من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وغير ذلك من المقالات ونصروها وتعصبوا لها فتكونت الفرق واحتدم النزاع والخلاف بينها ولاذت كل فرقة بكتاب الله تعضد به أقوالها ولما عجزوا تأولوا آياته وحرفوها عن ظاهرها ثم كروا على السنة النبوية فلما وجدوها على خلاف ما يعتقدون قالوا ما نقبل منها إلا ما وافق عقولنا وانخدع بتلك الدعوى ب...

بقلم: الشبكة الإسلامية
1398
الركون إلى الدنيا | مرابط
تفريغات

الركون إلى الدنيا


والله عز وجل مع أنه رفع الهمة وبث الأمل ونشط المسلمين فقد علم المسلمين المنهج الواقعي في معالجة الأمور فليس معنى رفع الهمة الغفلة عن الأخطاء وعدم ذكر العيوب لا فلابد أن نذكر ولكن بصيغة لطيفة ولنرفع الهمة ونصلح الأوضاع ولنكن إيجابيين نكتشف الأخطاء ونصلحها ونرفع الهمة عند المسلمين ولا نقرع الأبدان ولا نلهب الظهور بالسياط ولكن بلطف وبرقة وببث الأمل

بقلم: د راغب السرجاني
870
ماذا قال السلف عن الغناء؟ | مرابط
مقالات

ماذا قال السلف عن الغناء؟


وأما الشافعي - رضي الله عنه - فقال في كتاب أدب القضاء: إن الغناء لهم مكروه ويشبه الباطل والمحال أما سماعه من المرأة التي ليست بمحرم له فإن أصحاب الشافعي مجمعون على أنه لا يجوز بحال سواء كانت مكشوفة أو من وراء حجاب وسواء كانت حرة أو مملوكة قال الشافعي: وصاحب الجارية إذا جمع الناس لسماعها فهو سفيه ترد شهادته. وغلظ القول فيه قال: هو دياثة فمن فعل ذلك كان ديوثا وكان الشافعي يكره الطقطقة بالقضيب ويقول وضعته الزنادقة ليشغلوا به المسلمين عن القرآن

بقلم: ابن الحاج
296
كيف كان تطوع الصحابة؟ | مرابط
اقتباسات وقطوف

كيف كان تطوع الصحابة؟


ولم يكن أكثر تطوع النبي صلى الله عليه وسلم وخواص أصحابه بكثرة الصوم والصلاة بل ببر القلوب وطهارتها وسلامتها وقوة تعلقها بالله خشية له ومحبة وإجلالا وتعظيما ورغبة فيما عنده وزهدا فيما يفنى.

بقلم: ابن رجب
299
محاضن الفطرة.. غرائز الآباء | مرابط
اقتباسات وقطوف

محاضن الفطرة.. غرائز الآباء


أهم ما يقوي الفطرة السوية عند الأبناء غرائز وميول الآباء.. انتقاء الألفاظ والحياء والرحمة والصفاء النفسي وغيره مما ركب في نفس الأم السوية.. الشجاعة والكرم والمروءة والعدل ونحوه مما ركب في نفس الأب السوي.. محاضن الفطرة غرائز الآباء!

بقلم: محمد وفيق زين العابدين
355