الموقف من العلوم العقلية

الموقف من العلوم العقلية | مرابط

الكاتب: د. سلطان العميري

225 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

في بداية الحديث عن الموقف من العلوم العقلية لا بد من التنبيه على أن مصطلح العلوم العقلية يُطلق في العرف على علوم مخصوصة، لها مسالك معروفة في دراسة الأمور العامة المتعلقة بالوجود والماهيات ونحوها، والمتعلقة بالعقائد والمعرفة.

فيدخل في العلوم العقلية في المعنى العرفي علم الفلسفة وعلم الكلام وعلم المنطق، ونحوها من العلوم.

وما تتضمنه هذه العلوم متنوع في حكمه ونوعه، وأصول ما يذكر فيها يرجع إلى أمور:

الأمر الأول: مواد مناقضة لأصول الشريعة، وتُعدُّ كفرًا مُخرجًا من الملة.
الأمر الثاني: مواد مخالفة للشريعة؛ إمَّا في الأدلة أو في المسائل، وتُعدُّ بدعةً وانحرافًا عن نهجها المستقيم.
الأمر الثالث: مواد لا تعلق لها مباشر بالشريعة، ولكنها خاطئة في نفسها؛ إما بدلالة العقل أو الحس أو غيره.
الأمر الرابع: مواد صحيحة في نفسها، ولكن فيها تطويل وتعب وقلة في الإفادة.
الأمر الخامس: أمور صحيحة صالحة للانتفاع والاعتبار.

والمواد الثلاث الأول كثيرة في علم الفلسفة والكلام، والمادة الرابعة والخامسة ظاهرة في علم المنطق.

وبناء على هذا فإن الموقف الشرعي من تلك العلوم العقلية -وخاصة علم الفلسفة والكلام- هو الذم والقبيح والتحريم؛ لأنها علوم متضمنة لمناقضة الشريعة أو مخالفة في كثير من موادها؛ إمَّا في الأدلة أو في المسائل.

ولأجل هذا؛ فإنه لا يجوز شرعًا أن يُحكم عليها بمدح مطلق، ولا بدعوة مطلقة لدراستها، ولا تُنشر الكتب المؤلفة فيها ولا تُروّج موادها بمسالك مطلقة، وإنما يوصى بها في حالات مخصوصة تغلب فيها جانب المصلحة على جانب المفسدة، كجانب النقد أو لطلاب العلم المتخصصين لمعرفة ما فيها من انحراف أو معرفة أثرها على مقتضيات النصوص الشرعية.

وهذا التقرير ليس فيه دعوة إلى الإعراض عن المجالات التي تدرسها تلك العلوم العقلية المبنية على أصول مخصوصة، فإن كثيرا من المجالات التي تتناولها تلك العلوم يمكن إقامتها على الأصول الشرعية والعقلية الصحيحة، ويظهر ذلك جليا فيما قرره ابن تيمية في الأمور العامة وفي قضايا المعرفة والاستدلال وفي قضايا الإلهيات والعقدية.

وقد كتبت قبل سنوات مقالا في الدعوة إلى الاهتمام بهذا الأمر، وهو بعنوان (المخزون الفلسفي في الإسلام وضرورة التنقيب (اضغط هنا).

وحاصل ما سبق أننا نفرق بين أمرين:

الأمر الأول: الموقف من العلوم العقلية المعهودة، فهذه يتعلق بها الذم من جهات عديدة.
الأمر الثاني: الموقف من دراسة المجالات التي تتناولها تلك العلوم العقلية، فكثير من تلك المجالات مفيدة، ويمكن إقامته على أصول شرعية وعقلية صحيحة.

وبهذا التفريق يظهر بجلاء أن البحث إنما هو فيما يسمى العلوم العقلية، وليس فيما تتناوله تلك العلوم من مجالات.

والكلام في هذا الموضوع وخاصة فيما يتعلق بأنواع المواد المتعلقة بتلك العلوم وتقويم ما ينسب إليها نفع يستدعي تفصيلا مطولا، وإنما القصد الآن البيان المختصر.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#العلوم-العقلية
اقرأ أيضا
عبرة لأولي الألباب | مرابط
اقتباسات وقطوف

عبرة لأولي الألباب


تعليق ابن تيمية على ذكر الله تعالى عاقبة الذين كفروا من أهل الكتاب وعاقبة المؤمنين الذين اتبعوا النبي ثم في هذا دلالة شرعية تقوم على القياس والنظر إلى الشيء ونظيره والتسوية بينهم وهذه سنة الله كما قال لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب

بقلم: شيخ الإسلام ابن تيمية
2306
شهوة الجاه | مرابط
فكر مقالات

شهوة الجاه


شهوة الجاه هي أم الشهوات ﻷن الجاه إذا تحقق حقق بقية الشهوات وجلبها جميعا وأما غير شهوة الجاه فلا يلزم إذا تحققت أن يحقق الجاه معها ولشهوة الجاه فروع كثيرة فإذا تعلقت النفس بها تحايلت على كل أسبابه التي توصل إليه بحيل تحير العقل حتى تستدعي مدحها بأساليب ذمها وربما تتحمل ما تكره ليمدحها الناس حتى ربما تقتحم الموت لتمدح بالشجاعة فتحب المدح من ورائها وهي ميتة ولو لم تسمع أصوات المادحين ولم تستمتع بآثار مدحها مع تقدير وتعظيم وإجلال

بقلم: عبد العزيز بن مرزوق الطريفي
2665
الأمركة والكوكلة والعلمنة | مرابط
فكر

الأمركة والكوكلة والعلمنة


الأمركة فى تصوري هى محاولة صبغ أي مجتمع أو فرد بالصبغة الأمريكية وإشاعة نمط الحياة الأمريكية ويوجد مصطلح طريف قريب منه للغاية هو مصطلح الكوكلة أو الكوكاكوليزيشن cocacolization والكوكاكولا هى رمز نمط الحياة الأمريكية وانتشارها وتدويلها وقال أحدهم أن الأمر ليس كوكلة وحسب وإنما هى كوكاكولونيالية بدلا من كولونيالية أي أن الكوكلة هى الاستعمار فى عصر الاستهلاكية العالمية وهى استعمار لا يلجأ للقسر وإنما للإغواء كما كتب أحد علماء الاجتماع كتابا بعنوان the macdonaldization of the world أي مكدلة العا

بقلم: عبد الوهاب المسيري
1945
فرية ضرب عثمان بن عفان لعمار بن ياسر: رد على عدنان إبراهيم ج1 | مرابط
أباطيل وشبهات

فرية ضرب عثمان بن عفان لعمار بن ياسر: رد على عدنان إبراهيم ج1


ادعى الدكتور عدنان أن عثمان بن عفان رضي الله عنه ضرب عمار بن ياسر رضي الله عنه بقدمه في محاشه أي عورته حتى كان عمار لا يحتبس بوله واستدل على ذلك بما رواه ابن شيبة في تاريخ المدينة الجزء الثالث وطبعا نعلم جميعا ما لدى الدكتور عدنان من خلط وحقد يمرره بشكل ناعم في حلقاته وفي هذا المقال يناقش أبو عمر الباحث هذه الشبهة ويرد عليها

بقلم: أبو عمر الباحث
4804
من منكرات الأفراح | مرابط
تفريغات

من منكرات الأفراح


إن الزواج نعمة من الله عز وجل كما قال الله تبارك وتعالى: ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة الروم:21 فهذه من آيات الله ومن نعم الله وإذا كانت كذلك فهل يليق بنا أن نستفتح هذه النعمة بشيء محرم؟ الجواب: لا.

بقلم: ابن عثيمين
377
أمهات المؤمنين رضي الله عنهن: فضائلهن وخصائصهن | مرابط
تفريغات

أمهات المؤمنين رضي الله عنهن: فضائلهن وخصائصهن


كما أن في الرجال رجالا أفاضل سبقوا إلى الإسلام وأفنوا أعمارهم في العلم والدعوة والجهاد فكذلك في نساء الأمة فضليات كن شامات في هذه الأمة المباركة وكن عونا لرجالهن على مهامهم في خدمة دين الله تعالى وفي مقدمتهن أمهات المؤمنين رضي الله تعالى عنهن وأرضاهن إذ عشن في بيت النبوة وخدمن النبي صلى الله عليه وسلم ونقلن عنه أقواله وأفعاله وأحواله في خاصة بيته وأهله

بقلم: د إبراهيم بن محمد الحقيل
1947