التحدي الأعظم ج2

التحدي الأعظم ج2 | مرابط

الكاتب: موقع هداية الملحدين

1494 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

التحدي لا يكفي!

هاتان الآيتان لا تكتفيان بالتحدي، وإنما تختمان التحدي بالتهديد.. أي قوة كاسحة! أنت لست فقط عاجز عن مقابلة هذا التحدي، بل إنك ستواجه العقاب الشديد على كذبك وتدليسك. أنت تدعي أن القرآن بشري، ثم تعجز بقدراتك البشرية عن الإتيان بمثله، ثم تستعين بمن شئت وتعجز أيضا، ومع ذلك تظل مكابرا كاذبا على دعواك بعد أن انكشفت أمام نفسك؟ ألا تستحق العقاب على كذبك ومكابرتك؟ بلى، ولكنه عقاب شديد، وهو أن تكون وقودا لنار جهنم! أليس هذا العقاب دافع مضاعف لكي تستجيب للتحدي؟

 

الإخبار بالنتيجة

من النادر أن يأتي التحدي مقرونا مع نتيجته، لكن هذا التحدي القرآني يخبرك بالنتيجة مقدما! الإعجاز في العادة هو أن تتحدى القيام بعمل ما، ثم تنتظر النتيجة لتثبت عجز خصومك، لكن القرآن لا يكتفي بذلك، وإنما يخبرك أيضا أنك ستعجز: "فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا وَلَن تَفْعَلُوا"، فيكشف كبرك وغطرستك أمام نفسك لتدرك عجزك.

 

أهل العربية

هذا التحدي لم يوجه إلى العرب خاصة، لكنه بالتأكيد معروض عليهم قبل غيرهم، لأنه بلغتهم.

لكن هل العرب فقط هم أهل البلاغة والبيان؟

لقد كانت مجالات المفاخرة عند الأقوام الأخرى كالإغريق والرومان والفرس تتمثل في جوانب قد تكون اللغة مجرد أداة فيها كالفلسفة والميثولوجيا كما عند الإغريق، أو إبداعات لا تعتبر اللغة عنصرا أساسيا فيها كالبناء والتشييد كما عند الفراعنة والرومان والنحت والرسم كما عند الرومان أيضا والعصور الأوروبية الوسطى.

بينما كان العرب هم أهل البلاغة والبيان، اللغة هي صنعتهم الأولى، وإن كان ضعف الانتماء والهزيمة النفسية تزهد بعض المعاصرين بلغتهم وهويتهم، ولكن عند التجرد نجد أن اللغة العربية تفوق اللغات الأخرى، فعدد مفردات اللغة العربية يصل إلى 12 مليون مفردة، أي ما يعادل 25 ضعفا من عدد مفردات اللغة الإنجليزية مثلا. فعلى أي شيء يدل ذلك؟ الجواب ببساطة هو أن ثراء اللغة بالمفردات يدل على قوتها التعبيرية وقوة تأثيرها على المتحدثين بها. بل إن العرب يتفاخرون ببلاغتهم وبيانهم. والجذر اللغوي "عرب" الذي اشتق منه اسم اللغة يدل على الإفصاح والتعبير. وكان يمكن لبيت من الشعر أن يرفع القوم عاليا ويمكن لبيت آخر يخر بهم، ومن أبرز القصص المعروفة قصة بني أنف الناقة الذين علت مكانتهم بين القبائل بعد أن قال بهم الحطيئة قصيدة من أبياتها "قومٌ هم الأنف والأذناب غيرهم :: ومن يسوِّي بأنف الناقة الذنبا"، والأمثلة كثيرة ومتعددة في أغراض الشعر وخصوصا الهجاء والمديح والرثاء.

كما أن المعلقات العشر وتعلق الناس بها في عصر ظهور الإسلام من أكبر الدلائل على جودة اللغة ومهارة العرب في التعبير والبيان والفصاحة.

فعندما يكون القرآن باللغة العربية، وينزل في العصر الذي بلغت فيه اللغة أوج قوتها، ثم يأتي هذا التحدي صريحا قويا مدويا لا مجال فيه للمراوغة، فإنه لا يكون أمام أعداءه إلا الاستسلام أو المكابرة المكشوفة.

 

الموناليزا؟

الموناليزا لم يستطع أحد أن يقلدها، فهل هي وحي؟ ومع التحفظ على أن أحدا لم يقلدها، أو يأت بمثلها، لكن هذه العبارة فيها تدليس على البسطاء. ومع الفارق لكن لا بأس من التبسط لكشف هذا التدليس.

دافنشي لم يتحدّ أحدا أن يرسم مثل لوحته، والآية تتحدى. بل إنه لم يكن ليجرؤ على التحدي، فاللوحة لم تكتسب قيمتها الحالية في حينها، وإنما اكتسبتها مع مرور الزمن وتداول الحديث عنها.

اكتسبت الموناليزا تفردها عبر خمسة قرون، وصارت تحمل قيمة تاريخية، فقيمتها بعد رسمها مباشرة كانت ضئيلة جدا بالمقارنة مع قيمتها الحالية، بينما التحدي القرآني يحمل صفة ذاتية فيه، وجدت أثناء نزوله واستمرت 15 قرنا، والتحدي مفتوح إلى آخر الزمان.

مع أن هناك من قلّد الموناليزا تقليدا دقيقا للغاية، ولكن تقليدها لا يعني إسقاطها، بينما التحدي القرآني واضح جدا، وهو أن الإتيان بسورة من مثله يعني إسقاطه وانتهاء الدين.

الموناليزا لم يتهمها أحد من معاصري دافنشي بأنها مزورة أو ليست من عمله، بينما تكررت الدعاوى من الكفار بأن القرآن شعر أو سحر أو من أساطير الأولين..

فالخلاصة هي أن المقارنة بين الأعمال البشرية وبين التحدي القرآني ليست صحيحة. لا يوجد أحد من البشر يتحدى الآخرين بالإتيان بجزء من عمله على أن تكون النتيجة هي إسقاط قيمة عمله!

 


 

المصدر:

موقع هداية الملحدين

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#تحدي-القرآن #القرآن-الكريم
اقرأ أيضا
في الفرق بين الحكم والفتوى | مرابط
فكر

في الفرق بين الحكم والفتوى


تخيل أن تذهب إلى شيخمفتي في عام 2000م فتسأله عن حكم ارتداء قميص عليه ألوان قوس قزح أو جعلها شعارا لشركتك أو متجرك. ثم تذهب لنفس المفتي في عام 2022 م لتسأله نفس السؤال. ثم يشاء الله أن تنحسر الغمة قبل عام 2040م أو أن يتغير شعارها وينفصل تماما عن قوس قزح فتذهب لنفس المفتي- أطال الله بقاءه وبقاءك- فتسأله نفس السؤال.

بقلم: معتز عبد الرحمن
265
خطة رمضان | مرابط
مقالات

خطة رمضان


من أبرز الأسئلة التي تتردد بين المسلمين مع حلول شهر رمضان الكريم: كيف نخرج من هذا الشهر بأكبر استفادة ممكنة؟ والحقيقة أن الأمر يحتاج إلى خطة عملية ليسير عليها المسلم وبين يديكم خطة يقدمها الدكتور أحمد رجب لتعين المسلم على استغلال وقته وتنظيمه.

بقلم: د. أحمد رجب
473
التغريب: الأهداف والأساليب ج2 | مرابط
فكر تفريغات أبحاث

التغريب: الأهداف والأساليب ج2


التغريب مصطلح يطلق على الانسياق وراء الحضارة الغربية سواء في الاعتقاد أو الاقتصاد أو غير ذلك وقد سعى الغرب في تغريب الأمة الإسلامية بشتى الوسائل والتي منها: الاستعمار العسكري والفكري ونشر مدارس التغريب في بلاد المسلمين والابتعاث ولكون التغريب يشكل خطرا على المسلمين في دينهم وجب مواجهته بشتى السبل والتي منها: التمسك بالإسلام الحق وفضح مدارس التغريب ونشر العلم الشرعي وما أشبه ذلك

بقلم: عبد العزيز بن مرزوق الطريفي
2465
مراجعة لكتاب الاسترقاق القيمي | مرابط
مناقشات

مراجعة لكتاب الاسترقاق القيمي


العناصر التي تعزز أي مشروع تغريبي هي كتلة مقومات ومنها: التغطية السياسية والشرعية والنخبة الثقافية المسوقة وضعف الممانعة الشعبية وذكر ستة نماذج لمشروعات تغريبية وقام بتفصيلها وإبراز هذه العوامل الفاعلة فيها

بقلم: إبراهيم السكران
2346
موقف الفكر الإسلامي من العلمانية ج1 | مرابط
تفريغات

موقف الفكر الإسلامي من العلمانية ج1


ولو نظرنا إلى العلمانية لوجدنا أن القضية قضية توحيد دعا إليه الرسل جميعا ونزلت به الكتب جميعا يقابله شرك وجهل وجاهلية وخرافات وردود فعل بشرية جاءت في فترات معينة في قوم معينين لا يصلح بأي حال أن يكون مبدأ أو منهجا يسير عليه البشر جميعا في كل مكان ولا سيما من كان الوحي النقي بين أيديهم وفي متناولهم ويقرءونه ويتلونه ليلا ونهارا فمن هذه القضية يبدأ الموضوع

بقلم: سفر الحوالي
780
أطفال المؤمنين | مرابط
اقتباسات وقطوف

أطفال المؤمنين


مقتطف جميل من الرسالة التبوكية لابن قيم الجوزية يتحدث فيه عن أطفال المؤمنين وهم أتباع المؤمنين من ذريتهم الذين لم يثبت لهم حكم التكليف في دار الدنيا وإنما هم مع آبائهم تبع لهم وقال الله تعالى فيهم: والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء

بقلم: ابن القيم
689